أمام المجلس العسكري خياران .. لا ثالث لهما ، إما أن يعود للتفاوض المباشر أو غير المباشر مع قوى إعلان الحرية والتغيير ، عبر المبادرة الأفريقية أو الوطنية ، ويشرع مع هذه القوى في تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي عاجلاً غير آجل ، أو يقفل ملف التفاوض مع (قحت) ويشكل الحكومة الانتقالية ومجلسها التشريعي بالتشاور مع قوى سياسية ومدنية أخرى ، باختيار كفاءات وطنية جديرة بإدارة هذه الحقبة ، وصولاً إلى موعد الانتخابات العامة .
في حالة الخيار الثاني ، يلزم المجلس العسكري ووزارة الداخلية – لاحقاً – بسط سيطرة الدولة على الشارع ومنع كل مظاهر التفلتات ، وتعطيل الحياة العامة ، وتعويق حركة المواطنين ومصالحهم في الوزارات والمؤسسات الخدمية العامة والخاصة .
أما التوقف عن التفاوض ، وفي ذات الوقت عدم القيام بمسؤوليات الدولة في ضبط الشارع ، والسماح بخروج مواكب تضم عشرات الآلاف من الشباب في مدن عديدة ، وفي ذات الوقت الاستمرار في قطع خدمة (الإنترنت) ، علماً بأنه مفهوم للكافة أن هذا الإجراء هدفه تعويق تنظيم خروج المواكب والاحتجاجات ، فإنه أمر يدعو للقلق والعجب !!
قناتا (الجزيرة) القطرية و(الحدث) السعودية قامتا بالواجب تجاه قوى إعلان الحرية والتغيير ، ولم تدخرا وسعاً في سد فراغ الإنترنت الموقوف في السودان ، وقدمتا خدمة مجانية أوسع نطاقاً من وسائل التواصل الاجتماعي ، وذلك بتكثيف الترويج لدعوات الخروج في مواكب (الأحد) الثلاثين من يونيو .
إذن أعيدوا خدمة الإنترنت للناس ، فهناك ملايين المواطنين تعطلت أعمالهم وانقطعت صلاتهم بأهلهم في الخارج ، ثم أنه لا معنى لحجبه ، ما دام المجلس العسكري لا يستطيع أن يحجب قناتي (الجزيرة) و(الحدث) !!
أعود لأكرر .. لا خيار ثالث أمام المجلس العسكري سوى العودة للتفاوض مع (قحت)، والعودة للتفاوض لا تعني بالضرورة الرضوخ لاشتراطات (قحت) والاستجابة لابتزازها ولؤمها المعلوم ، الخيار الثاني هو المضي قدماً وبقوة في تشكيل حكومة مدنية بعيداً عن هذه القوى وفرض الأمر الواقع عليها ، وإجبارها على السير في طريق واحد ، هو طريق الانتخابات .
بلادنا لا تحتمل المزيد من المزايدة والمزيد من التردد والتوتر .
الهندي عزالدين
المجهر