بعد نحو ثلاثة أشهر أو أكثر هي عمر التغيير الذي جرى في السودان، أراد منفذوه البحث عن سودان آخر كلٌّ يجد فيه مبتغاه بعيدا عن المعادلة الصفرية التي لطالما أسس لها البعض خلال تلك السنوات بأن “مكسب أحدهم يعني خسارة الآخر”، مما أدى إلى تمدد مساحة الغبن. وزارة الخارجية التي يعدها كثيرون ضحية لمفاهيم قصرت العمل الخارجي على القصر إبان العهد البائد، قالت على لسان وكيلها المكلف السفير عمر دهب إنها بدأت في استرداد عافيتها مجددا.
دهب تحدث في موضوعات شتى للصحافيين في أول لقاء له بالأجهزة الإعلامية بالوزارة أمس، خاصة عن “التغيير” الذي طال علاقتهم بدولة قطر.
تناغم وشفافية
بعد أن تسيد المجلس العسكري الساحة وبدأ في إدارة شؤون الدولة تراجع دور كثير من المؤسسات بل وتقلص نشاط بعض الوزارات، لكن وكيل الخارجية السفير دهب، أكد انهم يعملون سويا “بتناغم تام وشفافية”، وأضاف: الخارجية الآن بدأت تسترد نشاطها ومكانتها لأنها وجدت الدعم من العسكري بعد لقاء تم مؤخرا بين طاقم الوزارة وقادة العسكري.
الإفريقية فقط
دهب اعتبر رفض “العسكري” للمبادرة الإثيوبية يأتي في إطار التزام السودان بما تم التواثق عليه بأن يقود الاتحاد الإفريقي جهود التسويات والنزاعات بين بلدانه الأعضاء، داعيا القوى السياسية الأخرى للتراضي والتوافق على المبادرة الإفريقية لتحقيق الأمن والاستقرار؛ معتبرا تعدد المنابر والمبادرات (يعقد ويخلق بلبلة) ويؤثر على القوى السياسية بالبلاد.
وأكد دهب التزام المجلس العسكري بضرورة إحداث التحول الديمقراطي عبر عملية انتخابية بعد فترة انتقالية قصيرة جدا، وأردف: “هذا ما نقله رئيس المجلس الفريق البرهان للمبعوثين الدوليين الذين بدأوا زيارة للخرطوم”، منوها إلى أن المجلس العسكري أشاد كثيرا بمواقف إثيوبيا ودعمها لسودان باعتباره أمرا طبيعيا من دولة جارة.
واشنطن بلا عصا
السفير دهب أشار إلى أن واشنطن لم تفرض أي عقوبات جديدة على السودان عدا تلك العقوبات الأحادية السابقة. وبحسب دهب فإن المبعوث الأمريكي دونالد بوث الذي أنهى مهمة له بالخرطوم أمس الأربعاء، أكد خلال لقاء مع رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق ركن عبد الفتاح البرهان أن واشنطن سوف تتخلى عن سياستها السابقة “العصا والجزرة” التي وصفها بوث بأنها غير “مجدية” والاستعاضة بدلا عنها بالتواصل “الإيجابي” مع الخرطوم.
وأوضح دهب أن نائبة مساعد وزيرة الخارجية لشرق إفريقيا والسودان ماكيلا جيمس، تحدثت للكونغرس الأمريكي عن كافة الاحتمالات التي يمكن أن تتخذها واشنطن ضد المجلس العسكري دون استثناء لأي إجراء، ولكن وفق شروط محددة.
قصة قطر
على الرغم من الرد “الدبلوماسي” بشأن ما تناقلته تقارير إعلامية عن توتر وحالة من البرود ما بين الدوحة والخرطوم بعد سقوط نظام البشير باعتبارها واحدة من الدول التي قدمت الكثير من الدعم للرئيس المخلوع، إلا أن تعليق دهب على ذلك يعد أول توضيح رسمي للخارجية حيث أشار إلى أن علاقة السودان بدولة قطر “وثيقة” وأنهم يتطلعون “لتعزيز تلك العلاقة”.
دهب لفت إلى أن ما يربط بين البلدين حيث يتشاطران عضوية العديد من المنظمات الدولية والإقليمية مثل الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنابر أخرى.
بعثة تقصٍّ
وكيل وزارة الخارجية المكلف السفير عمر دهب نفى تلقيهم أي طلبات من الأمم المتحدة لإرسال بعثة تقصّي حقائق بشأن أوضاع حقوق الإنسان في السودان، معتبرا وجود بعثات وآليات أممية بالسودان وخاصة في ولايات دارفور هو ما تعتمد عليه الأمم المتحدة لتلقي تقارير عن حالة الوضع الإنساني، فضلا عن الإحاطات التي تقدمها الخرطوم للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخرطوم عما يجري، وأضاف: لندن فشلت في عقد جلسة خاصة لمناقشة الوضع الإنساني في السودان قبل انعقاد اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف حيث اكتفى المجلس خلال جلساته التي بدأت بمناقشة الوضع الإنساني وهو غير تخصيص.
محمد عطا وآخرون
ما كان مُهمّاً في مؤتمر “دهب” هو الرد على ما يتم تداوله الآن بكثرة عن استمرار مسؤولين سابقين استخدام “الجواز الأحمر”، وأوضح مدير إدارة المراسيم بوزارة الخارجية السفير صلاح الجنيد للصحافيين أمس انتهاء سريان الجوزات الدبلوماسية التي يحملها مسؤولون في النظام البائد، وقال إن صلاحياتها تنتهي فورا بمغادرة المسؤول للمنصب.
وحول رفض واشنطن السماح لسفير السابق بواشنطن “محمد عطا” دخول أراضيها مرة أخرى، أوضح وكيل الخارجية السفير عمر دهب أن عطا لم يعد أحد منسوبيها بعد إعفائه من الخدمة وبالتالي لا يتمتع بأي مميزات دبلوماسية، وزاد: من حق الحكومة الأمريكية استقبال أو رفض من تشاء.
الخرطوم: سوسن محجوب
صحيفة السوداني