:: لقد تم التأجيل بالخرطوم .. بزاوية الأمس ناشدت سلطات التعليم العام بتأجيل موعد بداية العام الدراسي، وذلك لحين انتقال هذا الوضع السياسي الراهن من (مرحلة أزمة) إلى (مرحلة استقرار).. وقلت فيما قلت بأن المغامرة بأرواح الكبار من طبيعة الساسة في بلادنا، ولكن هذه أرواح الصغار، وعليه (بلاش مغامرات) .. ولقد أحسنت سلطات الخرطوم عملاً – يوم أمس – بتأجيل موعد افتتاح المدارس إلى السابع من يوليو القادم، بدلاً عن الأحد القادم ..!!
:: ولحين السابع من يوليو القادم نأمل أن يحل على بلادنا استقراراً سياسياً، وذلك بحل الأزمة بين المجلس العسكري وقوى الحرية حتى يتم تشكيل حكومة مدنية متوافق عليها، لينعم صغارنا بمناخ التعليم الذي لا يعكر صفوه أي اضطراب .. ولكن، بما أن الشيء بالشيء يُذكر، فإن المخاطر التي تواجه العام الدراسي ليست سياسية وأمنية فحسب، بل هناك مخاطر أخرى لا تتحسب لها السلطات .. وفي الخاطر، في مثل هذه الأيام من العام الماضي، دعت الإدارة العامة للدفاع المدني بالخرطوم سلطات التعليم العام إلى مراجعة (التقويم الدراسي)..!!
:: ولكي لا ننسى، قال نائب المدير العام لإدارة الدفاع المدني اللواء شرطة أبوبكر سيد أحمد بأن بداية العام الدراسي في فصل الخريف توقيت المدارس (غير مناسب)، موضحاً أن المدارس من أكثر الأماكن التي تتجمع فيها مياه الأمطار بكميات كبيرة، وأن تجفيف هذه المياه يستغرق وقتاً وجهداً.. ويبدو أن هذا الطلب لا يجد الآذان الصاغية.. فالمياه تتجمع في حيشان وفصول المدارس لحد تحويل المدارس إلى بؤر مخاطر.. !!
:: ومن فواجع خريف العام الفائت، بعد وفاة طالبات تحت أنقاض جدار مدرسة أبوبكر الصديق بأمدرمان، نجا تلاميذ إحدى مدارس الخرطوم بحري إثر انهيار عرش فصلهم على رؤوسهم، حيث نجحت إحدى المعلمات في إجلاء الصغار من تحت الركام .. وبولاية كسلا، بعد أسابيع من المغامرات، تقرر إغلاق المدارس.. وعندما انهارت الفصول- ليلاً – بالنهود والفاشر وكسلا غيرها من مدائن وأرياف كردفان ودارفور وكسلا، فإن التلاميذ كانوا في بيوتهم، وإلا لكانوا في عداد الموتى.. هكذا عاشت مدارس بلادنا مخاطر الخريف.. !!
:: فالبنيات التحتية لمدن وقرى بلادنا ليست بذات قوة وتخطيط البنيات التحتية لمدن وأرياف بريطانيا، ومع ذلك يعلنون – بكل ثقة وجرأة – عن بداية العام الدراسي مع بداية الخريف .. نعم، من غرائب بلادنا أن بداية العام الدراسي في بلادنا تتزامن مع بداية الخريف.. والمدهش، سنوياً يتحدثون عن تغيير عن هذا التوقيت بحيث يجنبوا العام الدراسي متاعب الخريف والتلاميذ مخاطر الأمطار والسيول والفيضان ..ولكنهم يتناسوا حديثهم، ثم يقررون بأن تكون بداية العام الدراسي مع بداية مخطار السيول والأمطار.. !!
:: وعلى سبيل المثال، في خريف العام قبل الماضي، بعد أن قررت وزارة التعليم بالخرطوم عطلات الخرطوم، وقال وزيرها عامئذ : (تأجيل العام الدراسي بسبب الأمطار والسيول ليس بالأمر المُزعج) .. وكما تعلمون فإن نُقصان العام الدراسي، بحيث تُخصم منه الأسابيع تفادياً لمخاطر الأمطار أو لأزمة الوقود أو للدورة المدرسية، يؤثر في مستوى التحصيل.. فالعام 12 شهراً، وأشهر الخريف لا تتجاوز (ثلاثة أشهر)، فلماذا التمسك بهذه الأشهر بحيث تكون جزءاً من العام الدراسي؟.. ولا إجابة غير العويل والمراثي بعد وقوع الفأس على الرأس ..!!
إليكم ….الطاهر ساتي
صحيفة السوداني