حراك كثيف تشهده دور الأحزاب والقوى السياسية من خارج مظلة قوى إعلان الحرية والتغيير، وسعى عدد كبير منها لتجديد دمائها وخطابها بغية ضمان موقعها في المستقبل عقب ما طرأ على الملعب السياسي من تغييرات، فالوضع قبل اندلاع ثورة 19 ديسمبر ليس كما هو بعدها، وهو ما بدا جليا من خلال الغليان في أتون الدور الحزبية التي بدأت في تحسس أرضية الملعب وزواياه التي كسرتها رياح الثورة تمهيدا لوضع خطوط جديدة تتماشى مع الراهن الذي يحدد مستقبل العملية السياسية ككل.
نفض اليد
كما أن الهبة الشعبية منذ بدايتها خواتيم العام الماضي كان لها تأثيرها على المشهد برزت بداية في نفض حزب حركة الإصلاح الآن بزعامة غازي صلاح الدين يدها عن مشاركة المؤتمر الوطني مشهرة الطلاق من عقدها الممهور معه بموجب وثيقة الحوار الوطني ولتختار التمترس في إطار تكتل تم الإعلان عن تكوينه في يناير الماضي بمعية حزب الأمة جناح مبارك الفاضل وأكثر من (20) حزبا ومنظمة مجتمع مدني عرف بالجبهة الوطنية للتغيير، وأعقبهم في الخروج من حكومة الوفاق حزب الأمة الفيدرالي جناح نهار بابكر نهار الذي نفض يده هو الآخر عن الشراكة مع المؤتمر الوطني في خواتيم ذات الشهر.
خط جديد
قوى الحرية والتغيير التي تمثل تكتلا من مكونات حزبية وفئات مهنية مضت في طريق استكمال خطوات الثورة رافضة لأيٍّ من مهادني النظام ممن نالوا نصيبهم من كيكة الحكم من التوقيع على دفتر قيادة التغيير، ليلجأ المتحالفون مع النظام في فترات سابقة ممن هدم عليهم معبد السلطة وهم شركاء فيها لرسم خط بعيد عن قوى الحرية والتغيير بما يجعلهم في قلب الأحداث عبر تكتلات جديدة حيث أعلن تحالف ما يعرف بـ(نهضة السودان) عن تدشين نشاطه وهو تكتل يضم مشاركين للنظام السابق منهم حزب مؤتمر البجا وحزب التحرير والعدالة جناح التيجاني السيسي وآخرون من أحزاب كانت مشاركة وبعضها كان في الرصيف، لتمضي في ذات الاتجاه أحزاب المؤتمر الشعبي والتحرير والعدالة و(120) حزبا فيما يعرف بـ(تسيقية القوى الوطنية) التي تم الإعلان عنها مطلع الأسبوع الماضي.
سيف الشريعة
وقبل هؤلاء أعلن تيار نصرة الشريعة ودولة القانون عن ميلاده في مايو الماضي وهو تيار يضم مكونات بخلفيات دينية شاهرا سيف رفضه لما سماه إقصاء الشريعة الإسلامية من الحكم ورفض الاتفاق بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري، وأي اتفاق يستثنيهم مؤكدين إسقاطهم لحكومة لا تشملهم أو كما قال الأمين العام للتيار د.محمد علي الجزولي. ويشير المحلل السياسي د.صلاح الدومة في حديثه لـ(السوداني) إلى أن التكتلات التي برزت ليست كلها ذات هدف موحد، لكنها تبقى ظاهرة صحية ودليلا على وجود رؤى وقواسم مشتركة فيما بين الموقعين على أي وثيقة أتاحت التلاحم الحزبي ليبرز على شكل تكتل، مستبعدا أن يكون هدف تلك التكتلات هو التأثير أو التشويش على التفاوض بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري.
الانقلاب على بلال
في إحدى دور الاتحاديين بدا الوضع مختلفا حيث أطاح المجلس القيادي للحزب بالأمين العام المكلف أحمد بلال عثمان وتشكيل مجلس قيادي جديد برئاسة حسن عبد القادر هلال، الأربعاء، في خطوة عدها هلال لتصحيح مسار الحزب الاتحادي ومحاسبة كل من تورط في حق الشعب، مبينا أنهم يعملون على عدم تحول الثورة إلى فوضى قبل أن يؤكد نائب رئيس الحزب محمد يوسف الدقير أنهم لن “يبصقوا” على تاريخ الحزب، معلنا جاهزيتهم للمحاسبة إن أفسدوا من خلال مشاركتهم في السلطة مع النظام البائد.
وحدة الاتحاديين
انتفاضة فصيل من الاتحاديين تقابلها مبادرة لململة فصائل الأشقاء وترويض خلافتهم بالعودة إلى ديار جامعة تمنحهم صك الوجود الفاعل في الميدان السياسي عقب ما أفرزته ثورة السودانيين من متغيرات لها انعكاساتها على الساحة مستقبلا وهو ما دفع القيادي بالحزب عبد الله الشريف عبد الرحمن الهندي إلى إطلاق مبادرة لتوحيد الحزب وجمع مكوناته في مسعى لاقى أشواق كثيرين وأمنياتهم لجمع صف الاتحاديين كما يقول الهندي في حديثه لـ(السوداني) إن مبادرته في الأصل هادفة لأن تكون وعاء جامع لفصائل الاتحاديين الموجودة على الساحة ولا تقصي أحدا، مبينا أن الحزب الاتحادي يمتلك كل مقومات الحزب الرائد بداية لكونه حزب الوسط القادر على التجديد والتكيف مع مقتضيات الراهن السياسي.
الخرطوم: شهدي نادر
صحيفة السوداني