ينعقد بعد غدٍ الحادي والعشرين من يونيو الجاري في برلين العاصمة الألمانية، المؤتمر الذي دعت له الولايات المتحدة الأمريكية كلاً من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ودول “الترويكا” والإمارات والسعودية ومصر للتقرير في شأن الشعب السوداني!!
* لا غرابة أن تنظم الولايات المتحدة الأمريكية المؤتمر وتكون الأمم المتحدة (الأمريكية) ضمن المدعوين؛ فالولايات المتحدة والأمم المتحدة وجهان لعملة واحدة. فإحداهما صورة والأخرى كتابة وكلاهما (متحدة) على الشعوب المستضعفة.
* المؤتمر لم تُدْعَ له القوى السياسية السودانية، ولو من باب الجلوس في المقاعد الخلفية والاستئناس برأيها. لأن القوى المتآمرة على السودان تريد أن تنفرد بالمجلس العسكري وتملي عليه الإذعان لـ(قحت) وتسليمها السلطة تحت دعوى (مدنيااااو)؛ هذا النداء الذي انبنى عليه التصعيد الأخير من جانب (قحت) وردده الصبية والأطفال وهم يُتَرِّسون الشوارع ويعطلون الحركة المرورية أمام مرضى الكلى الذين يحيون على الغسيل مرتين أو ثلاث في الأسبوع ومرضى السرطان الذين يعيشون على جرعة الكيماوي الدورية والمصابين بالربو وأزمات التنفس وغيرهم من المُسعَفين بالنوبات القلبية والجلطات والحوادث المتنوعة والولادات المتعثرة الذين مات منهم الكثيرون وهم يجوبون الأزقة والشوارع المُتَرَّسة بحثاً عن مخرج إلى حيث العلاج ولا مخرج ومن وصل منهم ربما اصطدم بطبيب كسر القَسَم وشرف المهنة، وقال له عصيااان وتركه يعاني ألمه القاتل!! فضلاً عن أصحاب الحاجات العاجلة. بلا إدراك من صبية المتاريس لمعنى حكومة مدنية كاملة الصلاحيات دون تفويض من الشعب، وما ستجره الروح الإقصائية والنفسية الانتقامية التي تتلبس الساسة المنادين بالمدنية الكاملة قبل الانتخابات من بلاوي على أمن البلاد وسلامها!
* المجلس العسكري سيقع تحت ضغط خارجي عالٍ بغرض تسليم السلطة بصورة شائهة لمطلقي شعار (مدنيااااو). وسيقع المجلس بين خيارين أحلاهما مر. فإذا استجاب ورضي بالعودة للتفاوض مع (قحت) منفردة من حيث انتهى، فإنه يكون قد وضع نفسه في مواجهة مع الشعب السوداني ممثلاً في (170) حزباً وحركة مسلحة تضمها (تنسيقية القوى الوطنية)، وإذا لم يستجب فسيحاصَر سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وإعلامياً وربما عسكرياً بتنشيط جبهات التمرد الساكنة والسكوت عن (إيران – الحوثيين) لتوجيه ضربات للموانئ البحرية والجوية السودانية.
* مؤتمر برلين لا ينعقد من أجل سواد عيون (قحت) ولا حباً فيها ولا لأنها هي الخير المحض الذي سيعم الشعب السوداني؛ ولكن قحت ورغبتها الجامحة في السلطة بأي ثمن هي الأداة التي سيستخدمها (الشيطان الأكبر) لإعادة إنتاج الفتنة وإشعال جذوتها التي خَبَتْ تحت الرماد ولم تَمُتْ وذلك بغرض تفتيت السودان.
* هناك خيار يُتَوَقّع طرحه تحت الطاولة؛ سيكون العامل الحاسم فيه هو صوت دول الإقليم الضالعة في الشأن السوداني؛ وهو أن يُطلَب من المجلس العسكري إبعاد الإسلاميين من دائرة الفعل السياسي خلف أي واجهة جاءوا حتى وإن أدى ذلك للمواجهة معهم علانية، وحينها سيشترط المجلس العسكري أن يُبعِد معهم (يساريي قحت). ليس ممالاةً للإسلاميين، ولكن لأن المجلس العسكري رأى من (يسار القَحَّاتة) عدم احترام وتقدير لدور القوات النظامية في حفظ أمن البلاد. وعدم اعتراف بدورها في الثورة.. بل وأفصحت بعض أصواتهم عن نية الحل والإحلال (لو نحل الجيش.. صابنها)!!
* وأخيراً: انفضاض الجمهور من حول برنامج قحت التصعيدي المتزامن مع مؤتمر برلين والعمل من أجل الوصول بالفترة الانتقالية إلى الانتخابات بعد تسعة أشهر سيكون عملاً وطنياً رائعاً يجنب البلاد منزلقاً وشيكاً نحو هاوية الفتنة والدماء والدمار. واللّٰه المستعان ومنه التدبير وعليه التُّكْلان.
علي اتبرا
الصيحة