يحكي أن كان هناك سباقاً للسرعة، بين الفهد ومجموعة من الكلاب لتحديد من هو أسرع، فعندما تم إصطفاف الجميع، الكلاب والفهد، وأطلقت الصافرة إيذاناً ببدء السباق، تفاجأ الجميع أن الفهد لم يتحرك من مكانه، فسألوا منسق السباق ما الذي حدث؟ حيث كان المتوقع أن يسابق الفهد الكلاب، فقال : (أحياناً محاولة إثبات أنك الأفضل تعتبر إهانة).
– لذلك كثيراً من المواقف بحياتنا لا تحتاج منّا بذلاً لنثبت أننا الأفضل، ولا تحتاج أن ننزل لمستوي غيرنا بدنوء أخلاقهم كيّ نجعلهم يفهمون أننا الأقوي وأننا لنّ نعجز أمامهم، فالنصيحة هنا هي : أنك فكّر جيداً ووفر طاقتك لما يستحق منك البذل، فالفهد يستخدم سرعته فقط للصيد، وليس ليثبت للكلاب أنه الأسرع والأقوي، لذلك إذا فشلت في رفع أحد لمستوي أخلاقك فلا تدعه ينجح في إنزالك لمستوي أخلاقه.
– وقصة الفهد تنطبق تماماً في حالتنا الآن، وليس هنا الغرض بالتشبيه ولكن الغرض العبرة من القصة، فهناك حمّلة إعلامية شرسة تقودها أحزاب وحركات مسلحة، بدعم إقليمي إعلامياً ومالياً لتشويه صورة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وإستعانوا في ذلك بأحد أكبر أبواق الفتنة والخراب وهي قناة “الجزيرة” وصويحباتها، وذلك من أجل إنكار المثبت، والمثبت هنا، هو أن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخري، هي جزء أصيل من هذه الثورة، وهي شريك قوي في جميع تفاصيلها، وهي الضامن لاغيرها للثورة والأمن القومي، والطرف الذي تقبل به كل أو معظم القوي السياسية – خلاف الظهير السياسي للتمرد – تقبل به كطرف محايد، وليس أي جهة أو كيان أو حزب.
– تكلمنا مراراً وتكراراً عن الحملة الإعلامية المسعورة هذه، وحتي قبل أن تبدأ وحذرنا منها، لأننا نعلم يقيناً أن الأطراف والعدو المتربص بالبلاد، لن يقبل بأن تكون هناك ثورة متكاملة تضمن إنتقال سلمي للسلطة وديمقراطية مستدامة، ولن يقبل بقوات نظامية قوية تحرس مكتسبات الثورة، لذلك بدأت الهجمة علي قوات الدعم السريع وقبلها جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ثم الشرطة ثم الجيش، فهذه المؤسسات تمثل مركز الثقل لضمان إستكمال الثورة إلي مبتغاها، وكعسكريين نفهم تماماً أن الإنتصار في أي معركة يتمثل في البدء بتدمير المراكز الحيوية للعدو ومراكز ثقله، ولضرب الثورة لابد من شقّ صف القوات النظامية وتحريضها ضد بعضها البعض، وذلك لتفكيك أقوي المؤسسات لحماية البلاد والثورة.
– هي خطّة مكشوفة ومعلومة ومنذ زمن طويل، فطريق تفتيت السودان لابد أن يمر بتفتيت القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخري، والأمثلة خير شاهد في البلدان التي فقدت قواها الصلبة هذه، فتناثرت وتشاكست وتناحرت وأخيراً إنقسمت وإقتتل أهلها، وأصبح الغرب وأمريكا يسرح ويمرح فيها دون رقيب أو رادع، فهذه هي النتيجة التي يراد للسودان أن يصلها، ولكن هيهات بإذن الله تعالي، مادام فينا نفس يتردد وشعب صلب أصيل وطني يعرف تماماً أهمية قواته النظامية بعيداً عن لغة “السطيحات” التي تتعامل بها “لجان إلكترونية” تحاول عبثاً أن تضرب هذه العلاقة القوية والمتينة بين الجيش وشعبه وقواته النظامية الأخري.
– إن القوات النظامية بمختلف تكويناتها وتشكيلاتها، هي جزء أصيل من الثورة، جزء غير قابل للتجزئة، وهي الشريك الأقوي للثوار، وليست أحزاب إمتهنت العمالة والتلاهف للأجنبي ظناً منها أنه يمكن أن يملأ فراغ قاعدتها الشعبية التي لا توجد أصلاً، لذلك إغترت هذه الأحزاب بركوبها موجة الثورة، وظنت أنها تستطيع أن تأمر القوات المسلحة بتسليم السلطة لها هكذا، وهي أحزاب غير منتخبة ولا تمثل كل الشارع السوداني، وتريد الإستئساد بكامل السلطة لأهداف نعلمها يقيناً وهي لا تمتّ للثورة ومصالح البلاد بصلة.
– إن تسليم كامل السلطة سيكون فقط لحكومة منتخبة، حكومة يختارها الشارع السوداني عبر طريق الإنتخابات فقط لا غيره، حكومة تعبر عن النبض الحقيقي للشارع، وليس أحزاب تحاول أن تنشر الرعب في شوارع الخرطوم والمدن والقري وتروج للإحتراب الأهلي، بل وتترجي السفارات من أجل أموال تجعلها تسكب مزيداً من الزيت علي نار الإستقطاب والإحتقان في الشارع، فهي تعلب علي وتر القبلية والعنصرية، بل وتعدت هذه الأحزاب وواجهاتها أي خط أحمر بأن إتهمت حرائرنا بأنهن إغتصبن في وضح النهار ! أي عار وأي إنحطاط يجعل المرء يتاجر بعرض أمهاتنا وأخواتنا من أجل مكسب سياسي يحاول الضحك به علي عقول البسطاء وبعض المخمومين في وسائل التواصل الإجتماعي؟ أي عار يجعل المرء من أجل مكسب سياسي أن يطعن في شرف شعب عرف عنه البسالة والدفاع حتي آخر نفس عن الأعراض، بل وتمرد جيشه علي المحتل في دولة ليبيا الشقيقة في الحرب العالمية الثانية عندما حاول أحد جنود الإحتلال أن ينتهك عرض فتاة مسلمة؟ فيأتي زمان ويكون هناك من بني جلدتنا من يتهم أمهاتنا وأخواتنا في أعراضهنّ فقط لتحقيق مكاسب سياسية؟ ولكنها السياسة، التي جعلت نفس الأحزاب تتبرأ من #كولومبيا و #المتاريس عندما أحسّت أنها يمكن أن تفقدها نقاط تفاوضية.
– إن الشعب السوداني الذي تمرد علي الخوف والرعب الذي كانت تحاول هذه الأحزاب والحركات أن تنشره في شوارع العاصمة والمدن والقري، هو ذلك الشعب الحيّ، الذي لا يرضي المهانة ولا الذلة، وهو الشعب الواعي الذي يري بعين اليمامة الفاحصة الشجرّ الذي يسير حاملاً الخراب والدمار للوطن، فلن تخدعه “الجزيرة” مهما علا صوتها، ولن تخدعه لجان إكرتونية مهما نشرت كذبها، ولن “يخمّه” بعض المخمومين من بعض “النشطاء” الذي نصّبوا أنفسهم وصايا علي الشعب، ولم يتركوا لفظاً بذيئاً ولا شتيمة ولا سباب إلا وقالوه حتي في حق ثوار أصيلين كانوا من رواد ميادين الثورة منذ بواكيرها وإلي الختام، ولكن هيهات، فالشعب السوداني معلم الثورات، وهذه الثورة ليست الأولي في تاريخه، لذلك يستطيع هذا الشعب أن “يغربل” و “يفلتر” جيداً ويعرف تماماً عدوه من صديقه.
– ختاماً، إن القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخري، والتي بذلت الغالي والنفيس في ميادين الشرف والإستبسال دفاعاً عن الوطن وصوناً للوطن والعرض، بكل تجرد ونكران، لم تطلب شكراً أو مدحاً ولن تطلبه، فهذا واجبنا الذي نعتز به وليس منّاً أو إكرامية لشعبنا، وسنسير عليه مهما كانت الصعاب، فما لبسنا “الكاكي” إلا للدفاع عن الوطن والعرض، ونعرف جيداً عدونا، ونعرف جيداً الصعوبات التي ستواجهنا، ولكن !، لسنا أغلي من إخوتنا الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن، ولسنا أغلي من الذين جرحوا وفقدوا أعضائهم في سبيل تراب الوطن، لذلك لن نتواني في تقديم روحنا رخيصة فداءً للوطن وصوناً لأمنه وإستقراره، وذلك لأجل عيون شعب كريم وعزيز لن نبخل عليه بالغالي والنفيس، فهذه هي القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخري، علي عهدها منذ القِدم وإلي اليوم تصدّ بصدورها كل المكائد والفتن – بإذن الله تعالي وقوته – التي تحاك بالوطن.
– وأخيراً، عاش الشعب السوداني حراً أبياً، وعاشت القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري درعاً قوياً للوطن ويداً باطشة بكل من تسول له نفسه المساس بأمن وسيادة البلاد، والله أكبر والعزة للسودان، والله أكبر ولا نامت أعين الجبناء.
بقلم
أسد البراري
فيسبوك