انتشار ظاهرة ”الأمهات العازبات“ في تونس يؤرق الحكومة ويثير الجدل في المجتمع

أبدت السلطات التونسية انزعاجها من ارتفاع ظاهرة الإنجاب خارج إطار الزواج الشرعي أو ما بات يعرف بظاهرة الأمهات العازبات، بعد الكشف عن 331 حالة ولادة غير شرعية جديدة، وفق إحصائيات رسمية حديثة.

وعلى الرغم من الرواية الرسمية التي تفيد بأنّ تونس قطعت أشواطًا كبيرة على طريق الحد من ولادة الأطفال غير الشرعيين، إلّا أنّ إحصائيات رسمية حديثة، أعلن عنها مندوب حماية الطفل في وزارة المرأة و الأسرة والطفولة، أكّدت أن هناك أكثر من 331 ولادة خارج إطار الزواج خلال سنة 2018، أي بمعدل 27 طفلًا يولدون شهريًا.

وأكّدت مسؤولة في وزارة المرأة والأسرة والطفولة في تونس، أنّ هذا الرقم يبعث على القلق، لا سيما بعد أن كانت هذه الظاهرة، قد سجلت تراجعًا خلال العام 2017، لكنّها تعهّدت بالعمل على الحدّ من هذه الظاهرة.

وشدّدت المسؤولة التونسيّة -التي رفضت الكشف عن هويتها- على أنّ الدولة بذلت جهدًا كبيرًا من أجل حماية الأم والطفل، من خلال سن التشريعات وإحداث مؤسسات اجتماعية لرعاية الأم والطفل، لكنّها عزت تفاقمها إلى انتشار نسبة الأمية و غياب الثقافة الجنسية خاصة في الأرياف.

ونوّهت المسؤولة التونسية إلى وجود عدّة جمعيات أهلية ترعى الأمهات العازبات في تونس، و تسهر على الاهتمام بهنّ من خلال الوقاية من تخلي الأم عن ابنها وإقناع الأب بتبنيه والزواج بالأم، و كذلك محاولة إعادة إدماج الأم ضمن العائلة.

ورغم هذه الإجراءات المعلنة، إلّا أنّ ارتفاع عدد الولادات خارج إطار الزواج، سلّط الضوء مجددًا على الظاهرة، وأثار شكوكا في طريقة تعاطي الحكومة مع المسألة، في ظلّ تقارير تفيد بأنّ نسبة كبيرة من الولادات تتم في كنف السرية ولا يتم الإعلام بها.

ووصفت رئيسة جمعية ”سبيل“ للأم والطفل في تونس، منيرة الكعبي، وهي جمعية مهتمة بمساعدة الأمهات العازبات وإيواء الأطفال، أن الأرقام التي أعلنت عنها السلطات الرسمية مؤخرًا، بأنّها ”غير دقيقة“.

وأضافت منيرة الكعبي، في تصريح خاص ل“إرم نيوز“، أنه يتم سنويًا تسجيل أكثر من 1100 حالة إنجاب خارج إطار الزواج، موزّعة على المستشفيات الحكومية في تونس.

وأكدت الكعبي، أن جمعية ”سبيل“ تأوي حاليًا 18 طفلًا ولدوا خارج إطار الزواج، مشيرة إلى أن إمكانيات الجمعية بسيطة ولا يمكنها استقبال عدد كبير منهم، لا سيما أن السلطات التونسية تقدم دعمًا ماليًا ضعيفًا جدًا للجمعية.

وتقول رئيسة جمعية ”سبيل“، إن ”الأمهات العازبات“، أغلبهن من المحافظات الداخلية والأرياف التونسية، ويعانين من أوضاع اجتماعية صعبة ومستوى تعليمي ضعيف، وفق تعبيرها.

إلا أن الأخصائي في علم الاجتماع، نجيب بو طالب، ينفى أن تكون الأمهات العازبات أغلبهن من القرى والأرياف، معتبرًا أنّ غالبية النساء اللواتي ينجبن خارج إطار الزواج هنّ من المدن التونسية.

وأضاف نجيب بوطالب، في تصريح خاص لـ“إرم نيوز“، أن حالات الإنجاب دون الزواج، التي تم تسجيلها في القرى والأرياف ضعيفة، خاصة أن طبيعة الحياة في الأرياف، تتميز بالحضور القوي للأسرة والرقابة الأسرية، و ذلك على عكس المدن.

وأكد الأخصائي التونسي في علم الاجتماع، أن ظاهرة الإنجاب خارج إطار الزواج كانت ضعيفة في فترة الثمانينيات والتسعينيات، لكنها ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بسبب تطور المجتمع التونسي وتحرّر الجنسين، إضافة إلى انتشار التعليم ووسائل الإعلام .

وقال بوطالب إن هذه الظاهرة رغم انتشارها تعتبر مرفوضة في المجتمع التونسي، لكن مع تطور المجتمع وانتشار المنظمات الحقوقية بدأ الاهتمام يتزايد بظاهرة الأمهات العازبات، و بدأت تتم معاملتهن على أنهن ”ضحايا“.

وبخصوص نظرة المجتمع التونسي، إلى ”الأمهات العازبات“، يقول نجيب بو طالب إنّ هناك فئة رافضة لهذا الأمر، وفئة أخرى تقبل بذلك، و تتمثل بالخصوص في المنظمات الحقوقية.

ويشدّد على أنّ الطريقة الوحيدة للحدّ من هذه الظاهرة، تكمن في إدراج مادة التربية الجنسية في المناهج التعليمية ، إضافة إلي العمل الجماعي بين المنظمات المعنية لوضع خطّة واضحة لمواجهة هذه الظاهرة وبناء المؤسسات الحاضنة للأمهات ورعايتهنّ والعمل على متابعة الحالات غير المعلنة في الأرياف وبعض المدن.

إرم نيوز

Exit mobile version