يحتاج حميدتي ان يدرك ان الاعلام مثل الدواء ..الجرعة الزائدة تؤدي للموت مباشرة

حميدتي.. لا تشرب من هذا الدواء..!!
في ذاك اليوم دون ان يتردد رمى الفريق حميدتي بعبارته المثيرة للجدل..بعدها بدأ الناس أعراب عبارة ” احمد هرون مكانه السجن”.. اول من صعقته الكلمات كان رأس الدولة يومها المشير البشير..تقبل احمد هرون راجمات حميدتي بصبر ظاهر وغضب مكتوم..افلح الرئيس في جميع الخصمين..التقت الايدي امام الكاميرات واحتفظت البطون بما فيها..بعد أشهر ذهب هرون الى السجن حبيسا وحميدتي القصر مناوبا للرئيس ..ربما ظن البعض ان تلك من بعض بركات الفريق حميدتي والذي عرف دائما بمعدل صراحة زائد عن ما ينبغي ان يكون عليه رجل الدولة.

منذ ان نهض الفريق حميدتي بمهام الرجل الثاني في القصر الأبيض يلاحظ انه امتاز بنشاط إعلامي وحضور سياسي..في كثير من الأحيان كاد ان يتمكن من من زرع صورة الرجل الطيب والشجاع والصريح في اذهان جموع السودانيين والتي تبحث عن بطل في ايام حالكات..لكن في احيان اخرى كان الفريق يطلق النار على قدميه ثم يستنجد برجال الاطفاء..في اول طلة إعلامية تحدث عن بسطه لخزائن الدعم السريع لتروي جدب البنك المركزي..بل المح في حديثه ان الحساب ولد كانما المؤسستان لا تنتميان لبلد واحد..عد الامر زلة لسان لرجل لم يعتاد للحديث في المنابر الإعلامية الصاخبة.

مضت الايام وارتفعت سقوف الأمل باتفاق بين العسكر والثوار يضع السودان في مساره الطبيعي..وكان حميدتي من قادة الفريق العسكري المحاور..في مجمع من الناس أكد حميدتي ان مجلس الوزراء القادم سيكون من المستقلين من غير ذوي الانتماء السياسي..قبلها كان المجلس العسكري وفي اتفاقه المعلن يترك تفاصيل الحكومة المدنية بالكامل لتحالف الحرية والتغيير ..ويكتفي بثلث الإرادة في تشكيل المجلس التشريعي..مثل هذه التصريحات مربكة للغاية وتعزز من الخوف من نكوص العسكر عن العهود والمواثيق.

لكن تصريحات الفريق حميدتي بشأن عدم عودة العسكر للثكنات الا بعد انتخابات حرة ستكون الأكثر إرباكا..حسب كل المعطيات وعطفا على الاتفاق الثنائي بين المجلس العسكري وتحالف الحرية والتغيير ستمتد الفترة الانتقالية لثلاث سنوات..خلال هذه الفترة سيتم تمدين معظم مستويات الحكم..وستتركز الجهود لإرساء السلام في ربوع الوطن..هنا من اللازم ان يعود الجيش الى ثكناته ويتفرغ الدعم السريع لحراسة الحدود الواسعة للسودان..الانتشار العسكري يجعل اي حكومة مدنية تحت رحمة بنادق لا تفقه كثيرا في السياسة..بل ربما يعطي العالم انطباعا ان الجيش هو الذي يحكم..وهذا لم يحدث منذ ان تقاعد البشير من الخدمة العسكرية آلى يوم إعلانه حالة الطواريء.

في تقديري ..لم يكن بوسع تجمع المهنيين ان يجمع الناس حول خيار العصيان المدني لو لا تصريحات الفريق حميدتي المستفزة بفصل كل من يدخل في إضراب عن العمل..عليه اقترح على مستشاري الفريق حميدتي ان ينصحوه بقلة الطلّة الإعلامية ..كل تصريح مشاتر يخصم من صاحبه..مواصفات رجل الدولة تختلف من المقاتل الميداني..الحديث الذي يرفع روح الجند لا يصلح لتوحيد الأمة.

بصراحة..يحتاج حميدتي ان يدرك ان الاعلام مثل الدواء ..الجرعة الزائدة تؤدي للموت مباشرة.

عبد الباقي الظافر
السوداني

Exit mobile version