قرار المجلس العسكري تعليق المفاوضات ليست له علاقة بقضية المتاريس، فالجميع يدرك أن إزالتها كانت ستكون تحصيل حاصل بعد اتفاق نهائي كان مقدراً أن يتم التوصل إليه خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. لكن الحقيقة الواضحة أن المجلس وبعد وصول المفاوضات إلى نقطة تحسم فيها أبرز نقطة خلافية (وهي صلاحيات ونسب مشاركة المدنيين والعسكر في المجلس السيادي) يحاول تحسين شروط التفاوض لصالحه.
هذه الخلاصة تعطي مؤشراً أخطر بأن العسكر ليست لديهم نية للتفريط في قبضتهم على السلطة، خاصة مع ارتباطات عدد من رموزه بتحالفات أقليمية تسعى لأن يبقى التغيير الذي يجري في السودان مرهوناً بأجندتها السياسية.
بل إنني أخشى أن يكون قرار مهاجمة الثوار لم يصدر من القيادة العامة، بل صدر من مراكز صنع القرار خارج الحدود.
الأسباب التي إستند عليها رئيس المجلس في قراره بتعليق التفاوض هي في الحقيقة تدعو إلى العكس تماماً : وجوب تسريع المفاوضات والتوصل لإتفاق فوري يعبر بالبلاد إلى بر الأمان. أما حديثه عن تعرض الجيش وقوات الدعم السريع لحملة من الإستفزاز والتحريض، فهو بمثابة إعتراف ضمني بأن هذه القوات هي من قتلت هؤلاء المتظاهرين( كرد فعل على هذا الإستفزاز..!!)
على الثوار والقوى التي تمثلهم أن يدركوا خطورة الوضع في الساعات القادمة، بما يتطلب ذلك الكثير من الحكمة والتبصر، وكذلك المزيد من التصميم على تحقيق أهداف الثورة دون نقصان، فأي تنازل غير مدروس في هذه اللحظة سيصيب هذه الثورة وأهدافها في مقتل.
اسلام صالح
فيسبوك