عادت طوابير السودانيين أمام المخابز والبنوك ومحطات الوقود، ما يؤشر على أن اقتصاد البلاد قد يواجه خطر الانزلاق في مزيد من الفوضى إذا طالت حالة السجال أو المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى المعارضة.
“هناك توقف شبه كامل للحياة بسبب الظروف السياسية الاستثنائية التي يمر بها السودان”، بحسب الخبير الاقتصادي السوداني صديق عبد الهادي.
يقول عبدالهادي لـ”موقع الحرة” إن “الثورة رفعت شعارات لم تتحقق حتى الآن”.
ولا يزال الاقتصاد السوداني يرزح تحت إرث البشير، إذ تم فرض عقوبات في البداية لدعمه مجموعات مسلحة ثم لاحقا بسبب الحملة التي شنها لسحق المتمردين في إقليم دافور بغربي البلاد.
وبعد مرور نحو أربعة أسابيع على رحيل البشير، يخوض قادة الجيش محادثات مع فصائل المعارضة ومجموعات المحتجين بخصوص كيفية قيادة البلاد في عهدها الجديد.
ومع استمرارهم في المحادثات، تقول البنوك إنها لا تزال تفتقر للنقد الأجنبي اللازم لسداد التزامات وشيكة، في حين يبحث المزارعون عن إمدادات لموسم الزراعة الصيفي الذي يبدأ في غضون أسابيع.
ويرى عبد الهادي أنه تم رفع الغطاء السياسي عن نظام البشير “لكنه في الحقيقة لا تزال الدولة العميقة تسيطر على كل مفاصل الدولة ويبدو أن المجلس العسكري هو امتداد لنظام البشير”.
يوضح عبد الهادي “ليست هناك خطوات حاسمة اتخذت في عزل مراكز القوى التي لا يزال يسيطر عليها حزب المؤتمر الوطني على مستوى الوزارات والخدمة المدنية بل حتى على مستوى السفارات في الخارج”.
يقول إبراهيم البدوي، وهو خبير اقتصادي سوداني وموظف سابق في البنك الدولي بالقاهرة، إنه بدون إحراز تقدم سريع على الصعيد الاقتصادي والسياسي، “ستنهار الثقة العامة، وستستمر أزمة النظام المصرفي، بل وربما يتفاقم الانهيار الاقتصادي”.
وأشار البدوي وخبراء اقتصاديون آخرون إلى أن تعهد السعودية والإمارات العربية المتحدة الشهر الماضي بتقديم مساعدات قيمتها ثلاثة مليارات دولار لن يتيح سوى متنفس قصير الأمد.
ويشمل الدعم السعودي والإماراتي وديعة بقيمة 500 مليون دولار في بنك السودان المركزي، بينما يتجه الباقي لفاتورة الوقود والقمح والدواء.
وبينما دخل في حساب البنك المركزي السوداني وديعة بقيمة 250 مليون دولار من الإمارات، فإن الخبير الاقتصادي السوداني صديق عبد الهادي يستبعد إرسال أي أموال أخرى من هاتين الدولتين قبل اطمئنانهما إلى عزل السودان عن محور قطر وتركيا وإلى بقاء القوات السودانية في اليمن.
ويقول كثير من المحتجين إنهم يرفضون المعونة الخليجية لما قد تمنحه من نفوذ لدول الخليج.
وبينما يؤكد عبد الهادي أن “سحب القوات السودانية من اليمن سيكون من أولى قرارات المجلس الانتقالي المدني إذا استلم السلطة، وبالتالي عدم وفاء السعودية والإمارات بتعهداتهما المالية، فإن تطور الاقتصاد أيضا مرهون بقرار سياسي يتمثل في تسليم السلطة بشكل حقيقي إلى قوى مدنية”.
ويوضح أن “تسلم قوى مدنية حكم الدولة سيعيد الحياة إلى السودان من خلال توقف إضراب السودانيين وعودتهم إلى أعمالهم وبالتالي عجلة الإنتاج، كما سيمكن السودان من الحصول على معونات من المجتمع الدولي، كما ستقلص الإنفاق على الأجهزة الأمنية التي يذهب إليها أكثر من 70% من ميزانية الدولة”.
وقالت الولايات المتحدة إنها لن ترفع السودان من قائمة الإرهاب مادام العسكريون يتولون زمام السلطة.
والإنفاق على شبكة الأمن الواسعة في السودان، العسكرية وشبه العسكرية، مرتفع أيضا.
وعلى السودان متأخرات لصندوق النقد الدولي بنحو 1.3 مليار دولار، ولذا فإنه لن يستطيع اللجوء إلى الصندوق أو البنك الدولي لطلب الدعم. وتكافح البنوك السودانية لاستعادة علاقات المراسلة مع المصارف الأجنبية.
وقال المجلس العسكري في 28 نيسان/ أبريل إنه دبر الوقود وغيره من مستلزمات موسم الزراعة الصيفي، ويعمل على إمداد البنك المركزي بالأموال.
ويؤكد عبد الهادي أن حل الأزمة الاقتصادية في السودان سيأخذ وقتا لأن النظام القديم سيحاول خلق الفوضى والمشاكل لإرسال رسائل بأن الثورة لم تقدم شيئا.
موقع الحرة/ مصطفى هاشم ووكالات