لم يتردد الامام من الرد على السؤال الملغوم.. كان ذلك قبل ايام وبعد نجاح الثورة الشعبية.. حيث سئل عن مستقبله السياسي وهو يزخف نحو منتصف الثمانيات..لم يستبعد الامام ان يترشح لرئاسة الجمهورية والتي من المحتمل اجرائها بعد اربع سنوات.. في اخر لقاء تلفازي مع قناة الحدث نوه الامام انه اخر رئيس وزراء منتخب في السودان قبيل انقلاب الانقاذ.
الان يدور صراع عنيف عن شرعية سلطة الانتقال في السودان.. ويتمدد الامر الى الآجال السياسية للحكومة الانتقالية.. وحدود التفويض الذي تملكه في تصفية النظام السابق وبناء اخر يحظى بإجماع الناس.. من هنا من الطبيعي طرح اسم الإمام الصادق المهدي ليتسنم منصب رئيس الوزراء..هنالك عدد من المبررات لطرح المقترح رغم ان بعض القوى التي سبقت الناس في تسجيل الثورة كملك يمين سترفض هذا المقترح.
الامام الصادق المهدي جزء من القوي التي اسهمت في حشد للناس لصناعة التغيير..فهو من ابتدر في لف الحبل حول عنق الانقاذ يوم ان تواصل مع قوى مسلحة صانعا تحالف نداء السودان.. بعدها بذات المهارة حمل القوي المسلحة لتبني اجندة سلمية دون ان تلقي سلاحها بالكامل.. بذات المهارة نسج تحالف قوى الحرية والتغيير ليشمل طيف سياسي متسع من اقصي اليسار الى ادني اليمين.
من المهم الاشارة الى ان الامام الصادق المهدي لم يشارك مطلقا في حكومات الانقاذ خلال ثلاثين عام..عرضت عليه الانقاذ نصف السلطة فلم يوافق..حبسته في كوبر فلم يغير موقفه قيد انملة.. حاولت السلطة الباغيةاختراق بيت المهدي عبر استقطاب بعض من ابنائه في مؤسسات الحكومة..لم يتردد الامام في التأكيد مثلا ان نجله عبدالرحمن والذي عين مساعدا لرئيس الجمهورية لا يمثل حزب الامة.. كما ان بنات الامام كن في صفوف المقاومة الامامية.. منهن من سجن ومنهن من جرح ومابدلنا تبديلا.
في تقديري ان اعظم ما يقدمه المهدي ان قدم لمنصب رئيس الوزراء هو حضوره الدولي الكبير..لن يشكك المجتمع الدولي في مدنية السلطة الانتقالية ان كان الامام هو رمزها.. سيكون السودان دولة مهابة الجناب في الاقليم..الامام في عز الامة الخليجية كان مثل زرقاء اليمامة في بعد الرؤية..حينما ساومته القاهرة في الاجندة الوطنية اختار البحث عن منفى اخر في ارض الله الواسعة.
بصراحة.. ان اقل تكريم يقدمه الشعب السوداني لهذا الرجل هو الضغط عليه ليختم حياته السياسية رئيسا للوزراء.. نحن الان في اشد الحوجة لحكمة ورشد الامام الصادق المهدي.
بقلم
عبد الباقي الظافر
alzafir@hotmail.com
المصدر.. صحيفة السوداني