ابتسم .. ماتزعل ..نأسف للازعاج طول بالك عبارات لرفع الروح المعنوية والدعم النفسي
ناشطون : (لو ما حاسبوا الكيزان صابنها لي رمضان ولو ما حاسبو الامنجية صابنها لي الضحية )
كان مشهدا مدهشا ذاك الذي دارت تفاصيله قبل شهر من اليوم يوم أن وصل ثوار العاصمة القومية الخرطوم تخوم القيادة العامة ثم انتشروا في ميدانها واغلقوا الشوارع بالمتاريس الصلبة القوية كقوة ثورتهم التي اندلعت في ديسمبر وصمدت في وجه الطغيان حتى أبريل وهي ترصف من حجر الشمولية طريقا لللاتعتاق والحرية والسلام والعدالة فكانت ثورة خيار الشعب لاتزال تداعياتها وأحداثها تتصدر المشهد المحلي والإقليمي والدولي حيث لازال الثوار في ميدان القيادة صامدون حتى تحقيق مطالبهم يرددون شعارات عدة من بينها (لو ما حاسبوا الكيزان صابنها لي رمضان) فهاهو رمضان قد أتى في حين اعتصام وصمود فغيروا الهتاف أمس (لو ما حاسبوا الامنجية صابنها لي الضحية) فكلما لب المجلس العسكري الانتقالي طلبا من طلباتهم دفع لهم مواطنو جمهورية الاعتصام الديمقراطية بطلبات أخرى سقفها تسليم السلطة للمدنيين وهو ربما المطلب الأساسي الذي سيفض جمع الثوار وتعود الحياة أمام القيادة إلى طبيعتها بعد أن تغير شكل الشوارع بالرسومات الجميلة وكذلك جدران المؤسسات المطلة على الميدان.
كان الدعم النفسي حاضرا يسوق له بعض الثوار عبر لافتات صغيرة يحملونها على أيديهم وأخرى مثبتة بعناية فائقة أمام المداخل فكلما اقتربت من الميدان في جهة من جهاته تجد عبارات لرفع الروح المعنوية وغرس الأمل ومحاولة إعادة للقيم السودانية السمحة التي طمس معالمها حكما شموليا متسلطا خلال ثلاثون عاما سادت فيها لغة العنف في أطرافها البعيدة بدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق فعرف تلك البلاد لغة السلاح والزخيرة الحية التي يطلقها سفاحون على صدور المواطنين العزل .
العبارات أخذت طابعا لا يخلو من الدعابة لكنها في ذات الوقت لها دلالات عميقة تدعو للتأمل فيها والعمل بها فورا وربما لايجد الزائر للميدان إلا أن يستسلم لجماحها ورغبة مطلقيها في التغيير الحقيقي فهي عبارات حسبما تقول الناشطة بالميدان سلمى يوسف انهم يرفعونها في الأماكن العالية والظاهرة في الميدان حتى يطلع عليها الجميع ويعمل بها لأنها عبارات تدعو المعتصمين إلى المواصلة في الاعتصام حتى النصر وتحقيق المطالب فعبارة سقطت ما سقطت صابنها هي دعوة للصمود والتراجع لأن الراجح أن النظام لم يسقط بعد حيث لازال بعض قياداته طلقاء لم يمسسهم سوء حتى الآن رغم مرور شهر تقريبا من إسقاط النظام .
طول بالك عبارة مكتوبة على لافتة صفراء مثبتة على مداخل الميدان قبالة كبري القوات المسلحة وفي المدخل الغربي حدثني أحد لجان التأمين عن أن هذه اللافتات مقصود منها مكافحة بعض الظواهر السالبة التي بدأت تبرز في الميدان مثل العراك بالأيدي بين بعض الزائرين للميدان وبالطبع هؤلاء ليسوا معتصمين لأن المعتصمين الثوار الصابنها علمتهم التجربة منذ خمس أشهر أن لا عراك ولا جدال بينهم ينظرون فقط إلى الأمام ويضعون الوطن في حدقات العيون . واتهم فرد التفتيش بعض عضوية حزب النظام البائد بغزو الميدان في الأيام الماضية ومحاولتهم لنشر الفوضى وخلق بلبلة وسط الثوار في محاولة يائسة لفض الاعتصام كما فعلوا في مدينة نيالا رغم سقوط نظامهم ويريدون أن ينشروا الخوف والرعب والإعراب في نفوس الناس ناسين أن تلك الأساليب لم تكن مرعبة بعد أن واجه الثوار البمبان والزخيرة الحية بصدور مفتوحة وثبات شهد له كل العالم قدموا عشرات الشهداء والجرحى والآلاف من المعتقلين ومستعدين لدفع المزيد في سبيل التحرر الكامل والانعتاق وصولا إلى حكومة مدنية انتقالية حتى نحقق شعارات الحرية والسلام والعدالة كاملا .
ابتسم ما تزعل كلمات يرددها الثوار عند كل مدخل ونقطة تفتيش يربتون على كتف الداخل ويوجهون الخارج يسقمون الأدوار بمهارة عملية التفتيش نفسها تتم بروح مرحة أفراد اللجان يمازحون الناس ويبتسمون في وجههم يحثونهم على الثبات والتمترس خلف مطالبهم يتحدثون إلى الناس بكلمات ترفع من الروح المعنوية وتزيل الهم والغم والإحباط وتبعث الأمل في نفوسهم.
كلما توغلت إلى الداخل تتكشف إليك الكلمات بوضوح والعبارات تكتب على الجدران ثم تنطلق هتافا يشق كل صمت يردده الجميع ممن يسمعونه بلا ترتيب مسبق هتاف الأمل هتاف المستقبل والتمسك بالمبادئ هتاف ليس فيه كلمة جارحة أو خادشة لحياء يرسمون بهتافاتهم لوحة السودان الجديد يكتبون مطالبهم على الأوراق الصغيرة وعلى شوارع الاسفلت وعلى لوحات الإعلانات الضخمة التي تتوسط الشوارع وعلى سطوح الأنفاق يتكبون بالحجارة ( ثوار أحرار ح نكمل المشوار ).
لاشي لاشي داخل الميدان هذه الأيام غير بث العبارات التي ترفع من همة الثوار وتبث الأمل في نفوسهم بعد أن بدأ الحداد الإلكتروني يبث سمومه وينشر شائعاته في مواقع التواصل الإجتماعي.
نأسف لإغلاق الطريق فالنظام لايزال تحت الاقتلاع هذه عبارة أخرى مكتوبة على لافتة منصوبة فوق ترس على إحدى مداخل القيادة العامة يقول محدثي من الثوار أن هذه العبارة كتبوها بعد أن سرت حالة تململ وسط المواطنين الذين أبدوا سخطهم وغضبهم من إغلاق بعض الشوارع والكباري فهي عبارة المقصود منها نشر ثقافة الاعتذار بين قطاعات الشعب السوداني والتسامح فيما بينهم فغير هذه العبارة عبارات كثر مثل النظافة سلوك ثوري ولا للعنصرية والجهوية والتذكير بدماء شهداء الثورة والحث على منع بث الاغاني داخل الميدان تضامنا مع أسر الشهداء المكلومين.
الحرص على تماسك الثوار ورفع روحهم المعنوية لم يكن محصورا على من كلفتهم لجنة تنسيقية الميدان الى القيام بتلك المهمة فمعظم الثوار يقومون بنفس الدور ويهتفون كلما حاول اثنان أو أكثر الاحتكاك والاشتباك مع بعضهم البعض فيردد الحاضرون هتاف حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب ثم يشكلون حواجز بشرية بين المتعاركين ويفضون الاشتباك هذه الوسيلة المبتدعة لإنهاء أي خلافات قد تحدث داخل الميدان هي من صنع عبقرية الثوار الذين حددوا أهدافهم بوضوح وهي الوصول إلى الحكومة المدنية .
أسلوب آخر لرفع الروح المعنوية للثوار وتقديم الدعم النفسي للمعتصمين تمثل في إشاعة هتافات خفيفة الظل وفكاهة يبثونها ثوار يرابطون فوق كبري القوات المسلحة وكبرياء كوبر وعلى الطرق المخصصة للخروج من أماكن الإعتصام فيمازح الخارجون من الميدان بكلمات أقرب إلى التوسل بالبقاء في الميدان أو الحث على الإسراع في الوصول إلى البيوت حتى لايثار غضب الزوجة وهكذا يبث الثوار روح المرح داخل الميدان وتسود هذه الروح وسط الصخب وضجيح مكبرات الصوت .
علي الدالي
صحيفة الجريدة