يترقب السودان، اليوم الخميس، “مليونية الحرية والتغيير” التي دعت إليها المعارضة، على وقع تعثر المفاوضات مع المجلس العسكري بشأن المرحلة الانتقالية رغم الاتفاق مبدئيا في وقت سابق على تشكيل مجلس سيادي مختلط مشكّل من مدنيين وعسكريين.
وكانت قوى “إعلان الحرية والتغيير” المعارض، قد دعت أول من أمس الثلاثاء، إلى “موكب مليوني”، مؤكدة عدم جدية الجيش في تسليم السلطة للمدنيين بعد مرور أسابيع على إطاحة عمر البشير من الرئاسة. واتهم التحالف المجلس العسكري الانتقالي باستخدام لهجة تصعيدية لا تشجع على الشراكة.
وتطالب قوى “إعلان الحرية والتغيير” بـ”مجلس رئاسي مدني”، يضطلع بالمهام السيادية خلال الفترة الانتقالية، و”مجلس تشريعي مدني”، و”مجلس وزراء مدني مصغر” من الكفاءات الوطنية، لأداء المهام التنفيذية.
وتزامناً مع الدعوة، عزز المتظاهرون حواجزهم خارج مقرّ الجيش في الخرطوم، منذ الثلاثاء، وسط انتشار مكثف لآليات عسكرية مجهّزة بمدافع رشاشة في الخرطوم.
وأمس الأربعاء، بدأ آلاف السودانيين في التوافد إلى محيط القيادة العامة للجيش السوداني بالعاصمة، للانضمام إلى الاعتصام الشعبي والمشاركة في المليونية، التي قررت عدة مدن الانضمام إليها، منها مدينة شبشة بولاية النيل الأبيض، كما أعلنت قطاعات عمالية واسعة انضمامها إلى المعتصمين.
وفي الإطار، شهدت ساحة الاعتصام أمس انضمام قوافل جديدة من المتظاهرين قادمين من ولايات سودانية مختلفة، إذ أعلن عن وصول وفد من مدينة تمبول، بولاية الجزيرة، وسط البلاد. كذلك أكد موظفون في أكبر شركات الاتصال مشاركتهم في المليونية بموكب انضم مساء أمس إلى محيط الاعتصام، إضافة إلى موظفين من شركة الخدمات المصرفية.
وكان لافتاً أمس تركيز “تجمع المهنيين”، في صفحته على “فسيبوك”، على حثّ أنصاره على تنشيط “لجان المقاومة” في الأحياء.
وكتب التجمع في منشور له أن “لجان المقاومة هي صاحبة الفعل الحقيقي على الأرض في تنفيذ جداول المظاهرات، وكل التكتيكات الثورية السلمية مع مساعدة الكيانات المهنية في الإضرابات والوقفات الاحتجاجية”.
وأكد أن دور تلك اللجان لم ولن ينتهي لأنها نواة التغيير، وطالبها التجمع بترتيب أوراقها واستلام مهامها في أحيائها “من تأمين للحي لغاية تطوير وبناء الحي والسودان عموما”.
ويعتصم الآلاف، منذ 6 إبريل/ نيسان الماضي، أمام مقر قيادة الجيش؛ ما أدى إلى إغلاق جسري “النيل الأزرق” و”القوات المسلحة”، اللذين يربطان العاصمة بمدينة بحري، وكذلك إغلاق شوارع رئيسية.
من جهته، اختار المجلس العسكري الانتقالي إعلان المواجهة مع قوى المعارضة والشارع، موجهاً الثلاثاء تهديدات لدفعها للتفاوض بشروطه حول المرحلة المقبلة، بعدما فشلت المشاورات بين المجلس و”تحالف الحرية والتغيير” في الوصول إلى اتفاق حول مجلس سيادي مشترك بين الطرفين لحكم المرحلة المقبلة، إثر تمسك المجلس بأن تكون له الأكثرية فيه وهو ما ترفضه قوى المعارضة.
ورفع المجلس العسكري من سقف تهديداته، معلناً أنه سيواجه “التفلتات الأمنية” ولن يقبل بعد اليوم بالفوضى، متهماً قوى المعارضة بتأليب المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للجيش ضده، مع تأكيده، في المقابل، التمسك بالتفاوض وبعدم رغبته في فض الاعتصام أمام مقر الجيش بالقوة.
ولا يزال الغموض يكتنف مصير المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، بعدما دخلا في توتر وتصعيد جديدَين عقب تبادل الاتهامات بينهما.
وكان متوقعاً أن تسلم قوى “إعلان الحرية والتغيير” مقترحاته للمجلس العسكري الانتقالي بشأن مهام واختصاصات السلطة الانتقالية، لكنها لم تقم بالخطوة بعد تصاعد التوتر بين الطرفين.
(العربي الجديد)