إن ادعت أمريكا في الظاهر دعمها للمسار الديمقراطي في السودان، ففي الباطن تبصم على سيسي سوداني يحافظ على إستقرار البلاد ويحمي مصالحها

الحديث عن تبعية رأس المجلس الانتقالي العسكري السوداني من رئيس ونائبه للنظام السابق، وتنفيذ أجندته هو محض كذب وافتراء وتضليل للرأي العام، وتكتيك من بعض القوى بقصد تحقيق مكاسب سياسية خاصة.

مهمتنا الحالية تتطلب أن نقوم بالوعي وطرح الرؤى والأفكار بوطنية خالصة ترى بعينين وقلبها على هذا الوطن تقاطعت أو تصادمت مع أجندة الغير لاتهمنا بقدر ما يهم تنوير هذه الاغلبية الصامتة من عامة الشعب الذي يريد البعض تغبيش الحقائق لها.

برهان وحميدتي ليس لهما علاقة اطلاقا بتنظيم الاسلاميين ولم يكونا يوما من قادته أو حتى أعضائه، وهذا ما أكد عليه القيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان بأن:

” رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبدالفتاح برهان ونائب الرئيس الفريق أول محمد حمدان حميدتي لا صلة لهم بالإسلاميين وبتنظيم الاخوان المسلمين وهم حلفاء واقعيين ومحتملين لقوى التغيير وهذه معلومات وليس تحليل، وهم الذين وفروا الالية الفاعلة ليطيح الشعب بعصابة الانقاذ. على حد قوله.

وعندما تقرأ لما قال المحسوب لليسار ” ياسر عرمان” عليك أن تضع خطين أحمرين تحت “وهذه معلومات وليس تحليل”، فالمعلومات غالبا ما يكون مصدرها الموثوق “المخابرات” واعتقد أن هي من زودتهم بذلك وأكثر .

ثم أن الأشياء تعرف بأضدادها، فالدعم الواضح والمعلن من قبل المحور الاماراتي السعودي للمجلس منذ الإطاحة بالفريق أول أبن عوف ونائبه، ينفي أي ارتباط لقادة المجلس الحالي بالتنظيم، ومعروف أن هذا المحور مناوئا وبشراسة للاسلام السياسي داخل بلدانهم وخارجها في المنطقة ككل، وعلاقة هذا المحور بنظام البشير كانت تكتيكية وليست إستراتيجية فرضتها المصالح وسياسة التعامل مع الأمر الواقع، حتى تحين الفرصة المؤاتية للانقضاض عليه.

وحتى أن “عرمان” قد ذهب بعيدا داعيا إلى التحالف مع هذا المحور لتقاطعات معه قائلاً : ” علينا التعامل والتحالف معه بلا تحفظ، لأن له برنامج واضح في مناهضة الإسلام السياسي الذي يستهدف بلدانها، وأن حركات الإسلام السياسي لها حلفاء اقليميين ودوليين يدعمونها”.

إلا أن عرمان فات عليه إن هذا المحور، ينهاض الاسلاميين فعلا، ولكنه في ذات الوقت لايدعم ديمقراطية حقيقية ناجحة، تعد نموذجا تقتدي بها شعوبها، وقد يكون عرمان أراد بذلك التكتيك الحفاظ على حياة الثورة “الوليدة” حتى يستوي عودها.

وهذا الخطأ الاستراتيجي ماوقعت فيه قوى الحرية والتغيير الطامحة في تسلم السلطة، على حساب إرضاء الشارع، وذلك بإعلانها المبكر عن إستعداء هذا المحور المدعوم أمريكيا.

وإن ادعت أمريكا زيفا في الظاهر دعمها للمسار الديمقراطي في السودان، ففي الباطن تبصم على سيسي سوداني يحافظ على إستقرار البلاد ويحمي مصالحها ومستعدة من أجل ذلك أن تغض الطرف عن أي مذابح أو قمع لشعبه في سبيل تمكينه كما غضت الطرف عن مذابح قبلها في رابعة.

في اعتقادي أن أي تأخير عن الوصول إلى توافق من قبل قوى الحرية مع المجلس الانتقالي، سيكون فرصة لتدخل خارجي أكبر يصب في مصلحة العسكر.
ابومهند العيسابي

Exit mobile version