هكذا تلاعب نظام البشير بثروات السودان وأفقر الشعب

قصص مؤلمة تتكشف عن التلاعب بثروات السودان، في فترة الثلاثين عاماً التي قضاها عمر البشير في الحكم، الذي دمر البلاد بدلاً من إنقاذها، كما كان يطلق على حكومته. ويتردد بين السودانيين أن كميات كبيرة من الذهب كان يتم تهريبها خارج البلاد، وذلك عبر الخطوط الجوية الإماراتية من الخرطوم إلى دبي.

مهازل التلاعب لا تبدأ بفساد الرئيس عمر البشير وزوجته ورموز حكمه، الذي كشفت السلطات السودانية ملايين اليورهات في بيته ومئات الملايين من الدولارات في حسابه المنسي منذ عام 2016، كما أعلن ذلك نائب رئيس المجلس الانتقالي محمد حمدان دقلو “حميدتي” في خطاب تلفزيوني.

ويدخل مساعد البشير والوزير والقيادي السابق في حكومة الإنقاذ عوض الجاز قائمة المليارديرات، بينما يدخل السودان قائمة أفقر الدول، وذلك حسب تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية، عن ثروة واحد فقط من قيادات النظام السابق هو الجاز، الذي كان مسؤولاً عن صفقات التعدين والتنقيب وتكرير النفط في أفريقيا.

وبحسب الرقم الذي نسبته الصحيفة لموقع ويكليكس، فإن ثروة عوض الجاز بمليارات الدولارات، وأنه يملك أصولاً في دول خارج السودان، ففي جنوب شرق أسيا يمتلك مليارات الدولارت وفق ما جاء في الصحيفة الإنكليزية، إضافة إلى منتجع “تاون هاوس” في جزر مايوركا الإسبانية، وأخرى في مدينة أنطاليا التركية.

وذكر التقرير أيضاً أن حسابات عوض الجاز في مصارف بسنغافورة تقدر بـ7 مليارات دولار وفي كوالالمبور بـ13 مليار دولار، إضافة إلى أسهم لمجموعة شركات عاملة في قطاع التعدين وتكرير النفط في العالم، ولم تؤكد السلطات السودانية الحاكمة هذه الأرقام أو تنفها.

وحسب مصادر سودانية، فإن هذه بدايات فقط لكشف الفساد في بلاد أصبحت ثرواتها نهباً لكل فاسد، وعلى صعيد ثروة الذهب التي يعدّ السودان من بين الأغنى فيها في أفريقيا، فقد تم تهريب نحو 75% من إنتاج السودان من الذهب إلى الخارج، وجزء كبير منه هرّب إلى دبي عبر “طيران الإمارات”، كما كشف وزير سوداني سابق.

في هذا الصدد، كشفت مصادر رسمية في النظام السابق، عن شبكة متكاملة بين دبي والخرطوم تنقل الذهب من مناطق إنتاجه في الدمازين عبر الخطوط الداخلية، ثم يتم تحويله مباشرة إلى خطوط الطيران المتجه إلى دبي. وشبكة أخرى تتخصص في تهريب الذهب من منطقة جبل عامر في غرب البلاد، تضم 16 كياناً وفرداً كان يديرها موسى هلال. وهذه الشبكة هرّبت ذهباً بقيمة 422 مليون دولار في أربع سنوات فقط.

وكان السكرتير السياسي للمؤتمر الشعبي، الأمين عبد الرازق، قد ذكر في أغسطس/ آب الماضي، أن كميات الذهب المهربة إلى دبي منذ عام 2015 بلغت 250 طناً من جملة الإنتاج الحقيقي، البالغ 300 طن في العام الماضي. كما أقر رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني د. عبد الرحمن الخضر، بتهريب كميات من الذهب تقدر بـ 150 طناً، وقال في رده بالبرلمان السوداني إن عائدات الكميات المهربة المعلومة توفر 6 مليارات دولار.

وفي ذات الصدد، كشف وزير الصناعة موسى كرامة، أن الإنتاج الحقيقي السنوي للذهب في السودان 250 طناً عام 2015 لا 100 طن كما تدعي الجهات المسؤولة عن التعدين، وأن المعلومات التي لديه تشير إلى أن 102 طن من الذهب تم تهريبها إلى دبي عبر طيران الإمارات.

كما كشفت سجلات وزارة المعادن السودانية، عن وجود فروق تبلغ نحو 49 طناً في بيانات إنتاج الذهب خلال النصف الأول من عام 2018، بين المصدر والمخزن والمنتج.

والمثير أن تهريب الذهب السوداني لم يعد حكراً على السودانيين فقط، وإنما دخلت الصين على خط استنزاف الاقتصاد السوداني، وفوجئت السلطات المحلية بولاية كسلا شرقي السودان، بامتلاك شركة تعدين صينية لجبل حريت في منطقة “سراريت”.

وغادرت الشركة الصينية التي كانت تعمل بالقرب من الجبل، وتركت معدّات تقدر قيمتها بملايين الدولارات وراءها، ما يعني أنها حصلت على كنز أكبر مما هو متخيل. وذكر مواطنون في المنطقة لصحف محلية، منها “كوش نيوز” في 29 إبريل 2018، أن جبل حريت بالقرب من منطقة سراريت “أخذ يتناقص رويداً رويداً إلى أن اختفى تماماً عن الوجود لتختفي معه الشركة أيضاً”.

العربي الجديد

Exit mobile version