الكلام ليك

لقد بات من المسلمات التي ما من شك فيها أن (الثورة) التي أسقطت هذا النظام الغاشم الباغي الظالم الفاسد قد فتحت أمام الشعب السوداني أبواب الأمل فى غد أفضل على كل كافة الأصعدة والمستويات هذا الشعب الذي تحمل ما لا طاقة له به خلال ثلاثة عقود كاملة، وأن هذه الثورة قد رفعت سقف أماني وطموحات السودانيين نحو مستقبل أفضل بصورة لم تحدث من قبل ، خاصة بعد أن كشفت عن حجم الفساد اللامحدود الذى كان يمارسه النظام السابق وقياداته ورموزه.

لهذا يصبح من أهم أولويات النخبة السياسية الآن العمل على استكمال هذه الثورة العظيمة حتى تستكمل حلقاتها وتحقق جميع أهدافها، وقد قلناها مرارأً أنه لو حدث- لا قدر الله- وفشلت هذه الثورة أو أجهضت فإن المصير الذى ينتظر الأجيال القادمة سيكون أسوأ من المصير الذى تعرض له هذا الجيل الذى عاش كل عصر (الإنقاذ) بكل ما فيه، هذا العهد (الشيطاني) الذي لا توجد كلمات توصف فساده وظلمه وإستباحته لمقدرات هذا الوطن .
وغني عن القول أن التاريخ والأجيال القادمة لن تعفى هذا الجيل الذى شهد مولد هذه الثورة بل قام بصناعتها مقدماً المهج والدماء والأرواح من مسؤولية إجهاضها بغض النظر عن توجهه أو انتمائه فالجميع سيكون حينئذٍ مسؤولاً عن فشل هذه الثورة التي تعد أثمن فرصة لإصلاح النظام السياسى بالبلاد الذى شهد تردياً وإنحطاطاً لم يشهده أى بلد ديكتاتورى معاصر ، كما أنه سيكون مسؤولا عن تضييع أهم فرصة لتغيير وجه الحياة فى هذه البلاد على مدى عقود طويلة قادمة لا يعلم مداها إلا الله .

إن الخطر الماثل الآن يؤكد حجم المسؤولية الملقاة على (الثوار) بل على كافة المواطنين ، لأن فشل وإجهاض هذه الثورة يعنى عودة نظام (الإنقاذ) اللعين مرة أخرى، أو بمعنى أدق وأخطر هو عودة كل سياساته التى تم غرسها في هذا البلد الطيب على مدى ثلاثة عقود والتى جعلت من هذه البلاد (مملكة خاصة) للفاسدين والمنتفعين الذين قاموا بإنشاء شبكة مصالح وعلاقات لا يمكنها أن تعيش دون هذه السياسات ولا نغفل هنا الدور الإقليمي والعالمي لبعض الدول والتحالفات التي تبارك وجود هذه الأنظمة وتدعمها لتدور فى فلكها وتعمل لصالحها وتأتمر بأمرها، والتي لا تسمح بسقوط تلك النظم، بل تعمل على عودتها حال سقوطها كما هو واضح الآن .
لابد أن نشير في هذا المقال إلى أحد أهم الأجهزة التي لم يتم تحييدها بالكامل والتي لا تزال مكمن خطر خفي وهو جهاز الأمن الوطني والذي لم يكن وطنياً بالمرة حيث قام بإهانة وإذلال وإراقة دماء الشعب السوداني بشكل لم يحدث من قبل وقد ترك ذكريات مريرة لا يمكن أن ينساها كل من إحتج على سياسات النظام البائد من ناشطين وسياسيين ، هذا الجهاز الذي يعيش رئيسه حراً طليقاً لا يعلم أحد إن كان يتهيأ من جديد للعودة للإنقضاض على (الثورة)، والتهيؤ لاستئناف مهمته المعلومة !

وبمناسبة (حراً طليقاً) دي إني لأعجب من قادة ورموز ما يعرف بالمؤتمر الشعبي وهم يقومون بعقد المؤتمرات والتحدث عن الفترة القادمة ورؤيتهم المستقبلية وشنو ما عارف وكأنهم لم يكونوا المخططين لذلك الإنقلاب الشيطاني والذي أذاق البلاد والعباد ما أذاق من مرارات وعلقم ! (و خلوها مستورة)
وبمناسبة (حراً طليقاً) دي برضو ، فإن من مهددات نجاح الثورة والوصول إلى غاياتها هي إمبراطورية رجال الأعمال الذين قام النظام بصناعتهم وتعهدهم بالرعاية هذه الفئة التي لا زالت رغم سقوط ذلك النظام الفاسد (حرة طليقة) تعمل بذات الكفاءة وهي بالطبع لن تقف مكتوفة الأيدي لتحرم من ذلك المركز المتميز الذى تمتعت به على مدى عقود ثلاث بل سوف تضع كل إمكاناتها من أجل إفشال هذه الثورة وعلى الأقل إثارة القلاقل حتى تعم الفوضى !
نعود لمسألة فشل الثورة ونقول أنه يجب على المجلس العسكري أن يطمئن جماهير الشعب بالأفعال لا الأقوال ، فعلى الرغم من التصريحات (المطمئنة) التي أطلقها إلا أن هنالك الكثير من المناطق (الغبشاء) التي تحتاج إلى (تلميع) وكثير من المطلوبات التي لم ينجز منها إلا القليل جداً وفي مقدمتها القبض على رموز النظام وتمليك الشعب الحقيقة حول من تم القبض عليهم فعليا (البلد ضيقة) !
خلاصة الأمر أن على كل غيور على مصلحة هذه البلاد وحريص على مستقبل الأجيال القادمة أن يعمل على إنجاح هذه الثورة التى أصبحت مصدر عزة لكل السودانيين كما يجب أن يكون معلوما أنه- لا قدر الله- لو سقطت الثورة اليوم ولم تصل إلى أهدافها فإن مستقبل البلاد سوف يكون في خطر عظيم ، والكلام ليك يا (مجلس يا عسكري يا إنتقالي) !

كسرة :
نحن مع (المجلس العسكري) حتى إذأ ما أمر بفض الإعتصام قبل تشكيل (الحكومة المدنية) .. عرفنا القصة !

كسرة ثابتة :
فليستعد لصوص هيثرو وبقية اللصوص

كسرة (حتى لا ننسى) :
أخبار لجنة التحقيق في مقتل الأستاذ أحمد الخير شنووو؟

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة

Exit mobile version