مطالبات “تقرير المصير” شبح جديد يهدد الثورة

تحولات كبيرة تتخلق في سودان ما بعد ثورة السادس من أبريل تحاول رسم مشهد البلاد في ظل غموض يكتنف المشهد السياسي، وتقاطعات وتجاذبات ومخاوف بإنفراط وحدة ما تبقي من السودان بعد انفصال الجنوب من الوطن الأم، أحزاب متناحرة وكيانات متصارعة وجهات تُطل بمطالبها في واقع مُعقد لتفرض وجودها في خارطة البلاد المرتقبة وتُحذر من “الإقصاء” وتردد شعارات “نكون أو لا نكون” وتستدعي من جديد صراع “المركز والهامش” في واقع لم يتشكل بعد عنوانه الثقة المفقودة بين جميع الأطراف بلا استثناء، وها هي أحزاب وحركات وقيادات “شرق السودان” تدفع بمطالبها بصورة صارخة وتطالب بتمثيلها في الحكومة الانتقالية المُقبلة “عسكرية” أو “مدنية” كانت وإلا ستُخرج آخر “كرت” لها المُطالبة بـ “تقرير مصير شرق السودان” وفتح جرح آخر وبتر جزء عزيز مما تبقى من السودان.

مرارات تاريخية

تداعت أحزاب وحركات وقيادات شرق السودان إلى ميثاق جديد رغم الخلافات في الرؤى والأفكار التي ظهرت في المؤتمر الصحفي لكيانات الشرق بفندق “ريجنسي” في الخرطوم أمس، لكنها اتفقت جميعها على هدف واحد “تقرير المصير” حال إقصاء الشرق بقياداته من المشهد الانتقالي المُرتقب، وفي بداية المؤتمر الصحفي تحدث فيصل يس، عضو تجمع أحزاب وقيادات الشرق، عن مرارات تاريخية لإنسان شرق البلاد بإقصائه طوال العهود السابقه منذ الاستقلال وإبعاده عن مركز صناعة القرار وحرمانه من التنمية وتركه في ثالوث “الفقر والجوع والمرض”، وشدد على أن أي ثورة لا تُحقق العدالة الاجتماعية ولا تُحدث تحولاً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً تعيد ذات المشاهد السابقة والعقليات القديمة لن تفضي إلا لمزيد من الاحتقان والإقصاء والتهميش.

تمثيل الشرق

شيبة ضرار، واحد من قيادات الشرق، استنكر تشكيل المجلس العسكري الانتقالي ووصفه بأنه واجهه جديدة للإقصاء، وشدد على أن تكوينه بالصورة الحالية يمثل تهميشاً واضحاً لشرق السودان ، وطالب بتمثيل شخصيتين على الأقل في المجلس لإعادة التوازن، وأشار شيبة إلى أن هنالك جهات وكيانات أخرى تسعى لتشكيل حكومة مدنية وناشدها بعدم إقصاء الإقليم من المشهد وإلا تكون ارتكبت ذات الأخطاء التاريخية وتكريس مزيد من الغبن، وقال “نحن مهمشون منذ الاستقلال لن نسكت، إما سودان يسع الجميع….”

مذكرة للمجلس

كشف القيادي بالشرق، صالح حسب الله، أن “كيانات وأحزاب وحركات وقيادت الشرق” سلمت المجلس العسكري الانتقالي “اللجنة السياسية” رؤيتهم كاملة و قال إنهم حذروا فيه من إقصائهم من المشهد السياسي المُرتقب، وفي ذات السياق يؤكد القيادي حامد محمود أن المذكرة طالبت بتقديم شخصية مستقلة لمنصب رئيس الوزراء في المرحلة الانتقالية، والتأكيد على مبدأ الحكم اللامركزي والرفض القاطع للعودة لنظام الإقليم السابق، فضلاً عن مشاركة الجميع دون إقصاء عدا المؤتمر الوطني في الفترة الانتقالية، والتأكيد على محاسبة كل من أفسد وأجرم وقتل منذ فجر الإنقاذ. وطالبت المذكرة بتمزيق عقد بيع الميناء الجنوبي وأرجاع حلايب والفشقة وكل أراضي البلاد المحتلة إلى حضن الوطن.

تقرير المصير

تعالت أصوات أحزاب وقيادات وحركات شرق السودان للمُطالبة بحق “تقرير المصير” حال تم تجاوز الإقليم في التشكيل المرتقب للحكومة الانتقالية، وتطابقت رؤى الطاهر على همت، من المؤتمر الديمقراطي لشرق السودان، مع سيد أبوآمنه، وعلي محمد طاهر، القيادي بالإقليم، وشددوا جميعاً على أنه أن آوان التغيير الحقيقي وتجاوز فشل القوى المركزية في استصحاب قضايا الأطراف والهامش ما أنتج الحركات المسلحة والمتمردة. وقال سيد أبو آمنة”نعم الثورة مستمرة وإذا لم يكن شرق السودان جزءاً من صياغة المشهد الإنتقالي وممثلاً في الفترة الانتقالية وحكم قيادات الإقليم لولايات الشرق فلن نكون جزءاً من السودان بعد اليوم”.

تقرير : محمدجادين
الخرطوم (صحيفة الصيحة)

Exit mobile version