هذا مقال أنقل فيه أبرز ما ذكر من حقوق الحاكم على الرعية في الإسلام، وقد نشرت قبل يومين أهم حقوق الرعية على الحاكم، أنشرها في وقت نحن أشد حاجة فيه للوصية بالائتلاف والاجتماع، والعناية بأداء الحقوق والصبر على ذلك، والتعاون على البر والتقوى.
وإن أبرز حقوق الحاكم المسلم على رعيته وقد ذكرها الإمام ابن جماعة الكناني رحمه الله وغيره من أهل العلم، هي:
الحق الأول: بذل الطاعة له ظاهراً وباطناً في كل ما يأمر به أو ينهي عنه إلا أن يكون معصية، قال الله تعالي: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ).
وأولو الأمر هم: الإمام ونوابه ــ عند الأكثرين ــ وقيل: هم العلماء.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب ــ أو كره ــ ما لم يؤمر بمعصية…. ). فقد أوجب الله ــ تعالي ــ ورسوله: طاعة أولي الأمر ولم يستثن منه سوى المعصية فبقي ما عداه على الامتثال.
يعني: سَمْعُ كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم، سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم يوافقه، بشرط ألا يأمره بمعصية فإن أمره بها فلا تجوز طاعته لكن لا يجوز له محاربة الإمام.
وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبادة بن الصامت ــ رضي الله عنه ــ قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخد علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله، قال: ( إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان). الحق الثاني: بذل النصيحة له. قال رسول الله: (الدين النصيحة)، قالوا: لمن؟ قال: (لله، ولكتابه ولرسوله ولأئمته المسلمين، وعامتهم). الحق الثالث: القيام بنصرتهم باطناً وظاهراً ببذل المجهود في ذلك لما فيه نصر المسلمين وإقامة حرمة الدين وكف أيدي المعتدين.
الحق الرابع: أن يعرف له حقه وما يجب من تعظيم قدره، فيعامل بما يجب له من الاحترام والإكرام، وما جعل الله ــ تعالى ــ له من الإعظام، ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم، ويلبون دعوتهم مع زهدهم وورعهم، وعدم الطمع في ما لديهم. الحق الخامس: إيقاظه عند غفلته وإرشاده عند هفوته، شفقة عليه وحفظاً لدينه وعرضه، وصيانة لما جعله الله إليه من الخطأ فيه. الحق السادس: تحذيره من عدو يقصده بسوء، وحاسد يرومه بأذى أو خارجي (يعني من الخوارج ) يخاف عليه منه، ومن كل شيء يخاف عليه منه ــ على اختلاف أنواع ذلك وأجناسه ــ فإن ذلك من آكد حقوقه وأوجبها. الحق السابع: إعلامه بسيرة عماله الذين هو مطالب بهم ومشغول الذمة بسببهم، لينظر لنفسه في خلاص ذمته، وللأمة في مصالح ملكه ورعيته. الحق الثامن: إعانته على ما تحمله من أعباء الأمة ومساعدته على ذلك بقدر المَكْنَة، قال الله ــ تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى)، وأحق من أُعين على ذلك ولاة الأمور.
الحق التاسع: رد القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه لما في ذلك من مصالح الأمة وانتظام أمور الملة. الحق العاشر: الذب عنه بالقول والفعل وبالمال والنفس والأهل، في الظاهر والباطن والسر والعلانية.
وإذا أوفت الرعية بهذه الحقوق العشرة الواجبة، وأحسنت القيام بمجامعها، والمراعاة لمواقعها، صفت القلوب وأخلصت واجتمعت الكلمة وانتصرت بإذن الله تعالى.
د. عارف الركابي
صحيفة الإنتباهة