الصادق الرزيقى: اليوم.. قبل الكَارِثة !

لا تزال الساحة السياسية وخاصة الأحزاب والقوى المدنية تعيش وتسْتَنسِخ خلافاتها وتُغلّب مصالحها الحزبية على مصلحة الوطن، فالذي يجري أمام أعيننا من خلافات وتهافُت سياسي، وظهور المواقف المتعارِضة والطمع، سببه أن هذه الأحزاب والتكتّلات والأجسام الهُلامية التي ظهرت وطفحت إلى السطح والواجهة، لا تُمثّل إلا أغراض أصحابها ولا هَم للوطن في أجندتها، وهناك مَن يسعى بكل ما أُوتي من جَهد وقوة، إلى تفتيت وحدة البلاد وتماسُكها ويحرِص على إشاعة روح الخلاف والتعجيل على المفاصلة غير المحمودة بين الجيش والشعب الذي استجابت القوات المسلحة له عندما استجار بها، ولجأ إليها وطالَبَها بالاستيلاء على السلطة .

المطلوب من المجلس العسكري منذ اليوم الأول هو المحافظة على أمن البلاد واستقرارها ومنع الاضطرابات التي تقود إلى الفتنة، وترمي إلى الهاوية، لكن القوى السياسية، وبعض المعتصمين يريدون أن تحدُث المُواجهة بين مُكوّنات الشعب وتنزلق الأمور إلى الفوضى التي يعملون من أجلها، فما الذي يسعون إليه الآن بالتشكيك في المجلس العسكري الانتقالي وقيادته، ومحاولات تشويه صورته والإساءة إلى الشخصيات التي تقوده، وكذلك تغبيش الرؤية والتشويش على كلِّ خطوات المجلس العسكري وقراراته، وممارسة ضغط عليه بالاستعانة بِقوى خارجية من أجل تنفيذ أجندة هذه الأحزاب والتنظيمات السياسية والتكتّلات التي تتزعم المشهد العام في ساحة الاعتصام .

كل يوم يمر أو ساعة تمضي ليس في صالح البلاد، زادت المُزايدات السياسية وعلَت الأصوات الرافِضة لكل شيء، وتفنّن المُشكِّكون في شُكوكهم، وبرع الرافضون في رفضهم، وهذا نتيجته واحدة، إن نفاد الصبر لدى القوات المسلحة قد يقود إلى نتيجة صِفرية لا ينفع بعدها أي حل للم شتيت الوطن، إذا تمزّق.. ولن تستطيع أي جهة أخرى مهما فعلت أن تجمع الصف أو تُضمّد الجراح إذا فُتق جرح البلاد، ونزفت الدماء وسالت، فالوقت الثمين الذي يُهدَر والتكالُب المُقيت على السلطة، ومحاولة فرض الآراء على المجلس العسكري ومُمارسة لعبة الإقصاء العقيمة النتائج والمُجاهَرة بالمعاصي الوطنية، كلها تقود إلى هوة عميقة سيكون دعاة الفتن هُم أول من يقع فيها، ولا مَخرج يومئذٍ من ما سيُحِيق بوطننا الكريم .

إذا كانت القوات المسلحة، وبقية الأجهزة النظامية هي التي تتولّى قيادة دفة البلاد، وكانت واضحة بأنها تركت موضوع الحكومة والجهاز التنفيذي للقوى السياسية والمدنية لتختار الحكومة التي تتولّى الإدارة المدنية، بينما يتولّى المجلس العسكري الشؤون السيادية للدولة، ولم تُظهِر القوات المسلحة وبقية القوات أي طمع في السلطة، بل تتعهّد وتؤكد دائماً التزامها بنقل السلطة خلال عامين للسلطة المُنتخَبة، فيجب على أهل الاعتصام والقوى السياسية الأخرى تمتين عُرى الثقة مع القوات المسلحة والتعاون معها حتى تخرج البلاد من هذه الظروف القاسية، لأن الأمور إذا تقهْقرَت إلى الوراء فليس هناك خيار آمن على الإطلاق، ستحدُث المُواجهات، وتقع الصدامات خاصة أن بعض الجهات المحلية والخارجية تعمل الآن على إحداث شروخ داخل القوات المسلحة، ونفخ نار الفتنة والتحريض وسطها، والمجلس العسكري الانتقالي واعٍ بها يدور حوله ويتحلّى بأقصى درجات الصبر وضبط النفس حيال ما يُحاك علناً وفي الخَفاء .

الذي يجب أن يفهمه الناس في ساحة الاعتصام أو في القوى السياسية المُجاهِرة بمواقِفها ضد المجلس العسكري، أن عقارب الساعة لن تعود للوراء، فما تحقّق حتى الآن كافٍ ومقبول للمضي قُدماً في تنفيذ ما تبقّى من وعود قطعها على أنفسهم قادة الجيش المُمسِكين بخِطام السلطة الآن، فالشطط والتطرّف في المواقف سينتج عنه رد فعل موازٍ له في الجانب الآخر، وهنا تكمُن الأزمة الجديدة التي ستقود إلى خراب البلاد وفناء استقرارها ونهاية أمنها وسلامتها… فالحذر كل الحذر من الدعوات المُتشنّجة والمُتطرّفة، وعلى المجلس العسكري القيام بواجباته وعدم ترك الأمور على ما هي عليه الآن وحسم الأمور بسرعة، وتجنيب البلاد الكارثة التي تلوح في الأفق وإنها قريبة جداً نكاد نسمع هزيم رعودها..

الصادق الرزيقى
الصيحة

Exit mobile version