م تسعدني حالة (السردبة) و(التنظير) الذي اجتاح الإذاعات والفضائيات والمواقع الالكترونية والصحف بعد سقوط النظام ، فكل الذين يتحدثون يدورون حول مرتكز واحد وهو الإشادة بالشباب والترحم على الشهداء ، رغم أن الترحم على الشهداء لوقت قريب كان ممنوعا في الفضائيات والإذاعات وكان يقضي الى فصل الشخص الذي يترحم على الشهداء من العمل.
> وكان نفس الشباب الذين يشيدون بهم الآن هم عبارة عن مرتزقة ومندسين وشذاذ آفاق ، او هم ضحايا لجهات خارجية وأحزاب تلعب برؤوسهم وأفكارهم وتجرهم لتلك المهالك.
> لا نريد ان ندخل الى مرحلة (نفاق) جديدة – العبرة في الثورة ليس في تفجرها، ولكن فيما يكون بعد تفجرها.
> ماذا بعد سقوط النظام؟.
> نجاح الثورة ليس في إسقاط النظام السابق، ولكن في قيام نظام عادل وقادر وناهض بقدرات البلد ومخرج لخيراتها للشعب.
> لقد ظلت الأحزاب والكيانات المدنية مع النظام السابق تنظّر طوال الـ (30) سنة الماضية ، ولم يؤد (الحوار) إلّا لإطالة (عمر) النظام ولاستمرارية حكمه ، حتى وصلنا مرحلة كدنا نكفر فيها بالحوار.
> الحقيقة الماثلة أمامنا الآن ان النظام سقط بالعمل.. لم يسقطه (التنظير) ولا (الحوار) أو (المفاوضات)..حراك 4 شهور أسقط نظاماً عرف بالتمكين وأسس لدولة عميقة من الصعب تفتتها أو تفكيكها.
> النظام لم تسقطه (المكاتب) ، وإنما أسقطه (الشارع).
> الفضل يعود للميدان الذي استطاع أن يسقط نظام الإنقاذ بعد ان قدم عدداً كبيراً من الشهداء والمعتقلين مقدما بذلك بياناً بالعمل بدلا من الشعارات التي كانت ترفع ولا ينفذ منها شيء.
> يبقى شعار (تسقط بس) هو الشعار الوحيد بعد الاستقلال الذي نفذ على أرض الواقع.
(2)
> العبرة الآن ليس في محاربة رموز النظام السابق فقط. لقد تعمّق النظام السابق في الحياة السودانية وتداخل في مفاصلها وأصبح مكونا للأجنة والخلايا، وجرت ثقافة النظام السابق وتقاليده في العروق وتمكنت في العصب.
> الحرب الآن يجب ان تكون على ذلك الإرث الذي خلفه النظام السابق، فقد تبدلت تقاليدنا وأعرافنا وطمست ملامحنا. فقدنا الكثير من مكارم أخلاقنا وسرى بين الناس (النفاق) وتمددت (الانتهازية) وتوغل (الفساد) ، لذلك علينا أن نحرر أراضينا التي فقدناها من (مكارم) ، ونعيد ما عرف فينا من مروءة وشهامة ومبادئ وقيم. هذا هو التحدي الأول ، خاصة ان الثورة وحراكها أعاد فينا تلك الروح وحرّض فينا حراك (الوطنية) والإحساس بالوطن والشعب.
> يمكن أن نقضي على علي عثمان محمد طه وقوش وهارون وغيرهم من رموز النظام السابق ، لكن يمكن أن يظهر لنا (هارون) آخر ، ويمكن ان يخرج (قوش) جديد في النظام الحديث.
> لا تسمحوا لثورتكم بتشكل (طه) آخر ، أو(الفاتح عزالدين) ، او حتى (الطاهر حسن التوم).
> لهذا علينا أن نحارب اللوائح والدساتير والطرق التي أدت بنا الى ذلك وجعلتنا (نفرعن) نظام (الإنقاذ) الذي كان ينادي بالعدل والمساواة ويرفع شعار (هي لله ..هي لله ..لا للسلطة ولا الجاه) ، فلم نجد منهم غير القمع والفساد والظلم.
> نحن في حاجة الآن ان نعيد صدقنا وأمانتنا وسودانيتنا التي فقدناها في الـ (30) العام الماضية.
> لقد فقدنا في (30) الإنقاذ ريادتنا ..فقدنا مبادراتنا …فقدنا أخلاقنا النبيلة ..فقدنا حتى عيوننا (العسلية) …فقدنا (سمرتنا) ..وقامتنا (المربوعة) ،لم نفقد فقط الجنوب وحلايب ، ما فقدناه أخطر من ذلك فانتبهوا.
(3)
> قبل (القطط السمان) اعلموا أن بقايا النظام السابق تتمثل في التدهور المريع الذي حدث في الخدمة المدنية .. وفي التراجع المخيف الذي حدث في التعليم والانهيار الذي كان في الصحة.
> أعيدوا للخدمة المدنية بريقها – واقضوا على كل مظاهر التسيب والفساد واللا مسؤولية.
> اعلموا أن (الشبكة طشت) و(الكهربة قطعت) و(صف الرغيف) و(المدير في اجتماع) و(ما راجعين) و(تأجيل إقلاع الطائرة السودانية) و(جيب الساهلة بس) ، كلها من بقايا النظام السابق ومن ملامحه التي كانت سبباً في نجاح هذه الثورة.
> لكي تنجح الثورة وتمضي الى الأمام علينا ان نضبط ذلك ..نلتزم بمواعيدنا ونخلص في عملنا ونحترم غيرنا.
> هذا الوطن يحتاج منّا للمزيد من الحب والعشق…انهكناه طول الـ (30) عاما ..فهو الآن في العناية المركزة ..علينا أن نخدمه ونعيد له ما فقده في السنوات الماضية.
> قبل الحكومة المدنية – يجب ان تحدث ثورة داخل كل فرد ـ علينا ان نفجر قوتنا وطاقتنا لنكون أكثر صدقاً وأمانة وإخلاصاً وحباً.
> كل فرد مسؤول عن ذلك، فلا تبددوا ثورتكم في انتظار الآخرين – يجب ان نعمل جميعاً ، لأن فشل هذه الثورة سوف يعيدنا لمربع (الإنقاذ) الأول وما عرف فيه من فساد ومحسوبية وتخبط.
> الوقت للعمل وليس للكلام.
محمد عبدالماجد
الانتباهة