حين كانت المارشات العسكرية تدق في أجهزة الاعلام معلنة ان هناك بيان هام من القوات المسلحة فترقبوه ، كان هاتفي يرن في أتصال من رئيس مجلس أدارة صحيفة الأنتباهة ان يا سهير استعدي للعودة للكتابة .
في البدء اعتقدت انني احلم ، هل من الممكن بعد خمسة ايقافات عن الكتابة ثلاثة من ادارة جهاز الامن والمخابرات واثنان كان يقف خلفهما ابراهيم محمود نائب رئيس المؤتمر الوطني و مساعد الرئيس المخلوع هل من الممكن ان اعود للكتابة .!؟
هل من الممكن بعد كل سنوات المعاناة هذه والتضييق وكبت الحريات وتكميم الافواه ومصادرة الصحف وتكسير الاقلام ان يطل فجر الخلاص ، هل من الممكن ان يذهب الكيزان (اللواييق) الى مذبلة التاريخ .
لم اصدق الرجل ولم اكتب مقالاً لا بعد البيان الأول ولا بعد البيان الثاني ، فعاود الرجل الاتصال بي سهير ليه ما كتبتي …!؟ قلت له هل انت جاد …هل يمكنني ان اكتب مجدداً ، اجاب نعم ارسلي مقالك .
للمرة الاولى اكتب مقالاً ولا اتوقع حجباً بسبب الرقابة القبلية ، لأول مرة تنشر مقالاتنا دون ان نتوقع استدعاءً في مكاتب جهاز الأمن ، وزرزرة وتلتلة وتحريات بالساعات ، لأول مرة تنشر مقالاتنا دون ان نجد زاويتنا مصادرة وقد كتب تحت اسامينا يحتجب اليوم .
ليس ذلك فقط ولكن للمرة الاولى اتلقى اتصالاً من اجهزة الاعلام الحكومية التلفزيون القومي والاذاعه القومية في يوم واحد لطلب استضافة في قضايا سياسية. وقضايا تتعلق بالحريات ، وليس قضايا اجتماعيه في الوقت الذي كانت الاستضافة في تلك الاجهزة حكراً على صحفيي النظام ،
للمرة الاولى تخرج الصحف عن صمتها وتتزين مانشيتاتها بما ظللنا نحلم به طيلة عمر النظام البائد .
للمرة الاولى نطالع في كل ساعه نبأ عن اعتقالات بالجملة لرموز النظام وإقالات بالجملة ومصادرة للدور التي بنيت على حساب كلفة التنمية …. بالمناسبة برج المؤتمر الوطني على شارع المطار ينبغي ان يتم تحويله لمستشفى او جامعه حكومية قبل يومين طالبت في هذه الزاوية السيد عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي بعدد من الاجراءات وحين وجدت الرجل قد اتخذ قراره حيالها و بغض النظر ان كانت هذه رؤية المجلس العسكري او ان من حوله استمعوا الى حديثنا ، يبقى المهم اننا لانؤذن في مالطا مثلما كنا نؤذن من قبل ويبقى الاهم انها نفذت.
خارج السور
التغيير يحدث حقاً ….التغيير يحدث الآن ….بلا وأنجلا
سهير عبد الرحيم
الانتباهة