ما أن ظهرت استقالة رئيس المجلس الدستوري الجزائري، الطيب بلعيز، إلى العلن، حتى تهافتت التوقعات بأن تكون هذه الخطوة هي “بداية النهاية” لرموز النظام، وخاصة لما يعرف بـ”الباءات الثلاث”، التي تضم أيضا الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة نور الدين بدوي.
وبعد تنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه، استجابة لمطالب الشعب، ارتفع سقف هذه المطالب لتشمل كل رموز النظام والنخبة الحاكمة.
وهنا يبرز السؤال: هل من الممكن بالفعل أن تشهد الأيام القليلة المقبلة رحيل بن صالح وبدوي، لتكتمل بذلك نهاية “الباءات الثلاث”؟.
وإجابة على السؤال، اعتبر القيادي في حزب جبهة التحرير الوطنية، إبراهيم بولحية، أن هذه الخطوة قد تكون “ممكنة جدا”، مشددا في الوقت نفسه على أن الاستقالة هي “عمل طوعي”.
وقال بولحية لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الاستقالة هي فعل طوعي وإرادي، فهي ليست إقالة أو عزل، وإنما تعكس شخصية بلعيز الوطنية”.
وأضاف: “بلعيز قاض سابق ورئيس للمجلس الدستوري وتقلد العديد من المناصب، وبالتالي فإن لديه حسا وطنيا ويسعى للعمل من أجل استمرار مؤسسات الدولة، فالبلد يعيش حالة احتقان شعبي، لذا أراد بلعيز أن يساهم في إيجاد حل سياسي وعقلاني، وبالتالي فضل أن يقدم استقالته، وهذا دليل على وطنيته وخوفه على الجزائر، وعدم تشبثه بالسلطة”.
وعن احتمال رحيل “الباءات” الأخرى خلال الفترة المقبلة، قال بولحية: “هذا ممكن جدا، ولكن الرغبة في الاستقالة لا بد من أن تنبع من داخل الفرد، وأعتقد أن هذا هو المطلوب والمأمول من الشخصيات المسؤولة”.
واعتبر القيادي في حزب جبهة التحرير، أنه يجب على المسؤول “الذي يرى بأن وجوده يؤدي للاحتقان في الشارع، أن يبادر بالحل والتضحية بمنصبه من أجل بلده”.
كما شدد على أن الهدف من هذه الإجراءات ومن تحقيق مطالب الشعب، هو إيجاد حل “يرضي جميع الأطراف، بما في ذلك مؤسسات الدولة والشعب”.
وعن الشخص الذي سيخلف بلعيز في رئاسة المجلس الدستوري، أوضح بولحية أنه “عند وجود حالة شغور لمنصب رئيس المجلس، فإن نائب رئيس المجلس يحل محله تلقائيا، ليسير المجلس ويشرف على المداولات باعتباره قاض للانتخابات”.
“يتساقطون كورق الخريف”
من جانبه، اعتبر رئيس الحركة الديمقراطية الاجتماعية فتحي غراس، أن الشعب الجزائري سيستمر بحراكه الشعبي “حتى رحيل رموز النظام جميعها”، قائلا لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الشعب سيواصل مسيراته السلمية حتى يرحلون جميعا، فهم يتساقطون كورق الخريف”.
وتابع: “رحيل بوتفليقة كان بداية تهافت رموز السلطة، وأتوقع أن يرحل بن صالح وغيره قريبا، لأنهم لن يصمدوا أمام عزم الشارع الجزائري، الذي لن يركع أبدا”.
وشدد غراس على أن الجزائريين لا يطالبون فقط برحيل “الباءات الثلاث”، وإنما “الزمرة الحاكمة كلها”، مضيفا: “رحيل وجوه النظام شيء أساسي، ولا يمكننا أن نختزل النظام في 3 باءات، والمسيرات المستمرة هي خير دليل على ذلك”.
واستطرد قائلا: “النظام عاجز على التكيف مع مطالب المجتمع، لأن مصالحه الضيقة تمنعه من ذلك، وبالتالي فإن الحل الوحيد بنظر الشعب هو إعادة تأسيس الجمهورية على قيم الديمقراطية والحرية والعدالة، من خلال رحيل النظام والبدء بمرحلة جديدة تماما”.
ورأى رئيس الحركة الديمقراطية الاجتماعية، أن البلاد أصبحت في “مسار ثوري، مما يعني أن التسوية مع النظام أصبحت مستحيلة”، قائلا: “النظام يريد أن يجد مخرجا قانونيا ليعيد إنتاج نفسه، لكن البحث عن التسوية مع المطالب الشعبية، للالتفاف عليها، أصبح أمرا مستحيلا، لأن السلطة لم تعد قادرة على التحكم في الأمور”.
وفي محض تبريره للرفض القاطع لرموز نظام بوتفليقة، اعتبر غراس أن النظام “فشل سياسيا واقتصاديا، إذ مارس سياسات قمعية بحق الشعب، فيما انتشرت عمليات النهب وتهريب الأموال على مدار عقود، مما أثر على اقتصاد البلاد”.
“التغيير آت”
أما عضو المكتب السياسي في حزب “طلائع الحريات”، محمد بن علية، فاعتبر أن رحيل بلعيز هو “تمهيد لرحيل الباءات الثلاث”.
وقال في حوار هاتفي مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “بلعيز هو حجر زاوية في العملية السياسية، لذا فإن رحيله مهم جدا ويمهد لرحيل بقية رموز النظام”.
واستطرد قائلا: “عملية التغيير انطلقت، وأعتقد أن الخطوة التالية ستكون استقالة الحكومة، تليها استقالة بن صالح، بعد أن يتم اختيار شخصيات تحظى بقبول شعبي وقادرة على إدارة المرحلة الانتقالية، لأن بن صالح هو رمز من رموز النظام، وهو مرفوض شكلا ومضمونا”.
سكاي نيوز