تأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل علاقات تاريخية بين البلدين، على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
دائما ما تلقى زيارة السيسي إلى أمريكا أهمية خاصة، في ظل محورية دور القاهرة في الصراعات الإقليمية، ودورها التاريخي في القضية الفلسطينية، كما أن زيارة السيسي إلى أمريكا تأتي أهميتها في ظل ما يحدث على الساحة العربية بشأن صفقة القرن، التي جدد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رفضه لها، مكررا اعتباره أن الولايات المتحدة فقدت حيادها في الوساطة بعملية السلام، والدعوة التي وجهتها الجامعة العربية في بيانها الختامي بتونس مؤخرا لمواصلة دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، ورفض الدول العربية لكافة الخطوات الأحادية الإسرائيلية لتغيير هوية القدس الشرقية، ودعوة المجتمع الدولي ومجلس الأمن لتحمل مسؤوليته لتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني ووضع حد لاعتداءات إسرائيل”، كما طالب البيان “دول العالم بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعدم نقل سفاراتها إليها”، في وقت تدعم فيه أمريكا صفقة القرن غير المعروف معالمها كاملة حتى الآن، واعترفت أمريكا أيضا بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل في سوريا.
نقلت صحف محلية عن الرئيس السيسي قبل انعقاد قمته بالرئيس الأمريكي، قوله، إن “الرئيس ترامب قام بنقلة نوعية في العلاقات الاستراتيجية بين أمريكا ومصر، وأؤكد أن العلاقات في أفضل حالاتها على مدار سنوات طويلة.وأضاف الرئيس السيسي: “أوجه للرئيس ترامب كل الشكر والتقدير والتحية على ذلك، فالفضل يرجع له ودعمه لمصر في المجالات المختلفة”، وشدد السيسي على السعي لتطوير العلاقات بين مصر وأمريكا في كافة المجالات، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية.
فيما أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد مع نظيره المصري، أنه “تم تحقيق تقدم كبير مع مصر وداخلها في مجالات عدة وخاصة مكافحة الإرهاب”، ووصف ترامب نظيره المصري بالصديق.
كما أن هناك اتصالات دائمة بين الرئيسين، بدأت منذ تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، بعد فوزه بالانتخابات في 2016، حيث يدعم ترامب مصر في حربها ضد الإرهاب، والتقى الرئيسان المصري والأمريكي أكثر من مرة، منها ما هو على هامش قمة الأمم المتحدة، أو تلك التي يقوم بها الرئيس المصري مباشرة إلى البيت الأبيض، أو في الرياض.
واردات أمريكية إلى مصر بـ5 مليارات دولار
كما تمتد العلاقات الأمريكية بمصر إلى المجال الاقتصادي، حيث ترتبط القاهرة وواشنطن بالعديد من المشروعات الاقتصادية، وحسب صحيفة “الأهرام” المصرية يؤكد تقرير حديث تلقاه وزير التجارة المصري عمرو نصار، أن الصادرات المصرية غير البترولية للولايات المتحدة “حققت تطورا ملحوظا خلال عام 2018، حيث بلغت مليارا و658 مليون دولار مقابل مليار و444 مليون دولار خلال عام 2017 بنسبة زيادة بلغت 14.8%”.
ويضيف التقرير أن “قيمة الواردات المصرية من السوق الأمريكية بلغت حوالى خمسة مليارات و56 مليون دولار خلال عام 2018 مقابل ثلاثة مليارات و991 مليون دولار خلال عام 2017 بنسبة زيادة بلغت 26.6%، ليصل بذلك حجم التبادل التجارى بين البلدين خلال عام 2018 شاملا المنتجات البترولية وغير البترولية إلى سبعة مليارات و537 مليون دولار مقابل خمسة مليارات و628 مليون دولار خلال عام 2017 بنسبة زيادة بلغت 34%”.
وأشار التقرير إلى أن صادرات المناطق الصناعية المؤهلة “كويز” ارتفعت بنسبة 16.8% لتصل إلى 877 مليون دولار خلال عام 2018 مقابل 751 مليون دولار خلال عام 2017، كما حققت الصادرات المصرية للولايات المتحدة ارتفاعا طفيفا بنسبة 1.01% لتحقق 89 مليون دولار مقابل 88 مليون دولار خلال عام 2017.
علاقات مصر العسكرية بين روسيا وأمريكا
تعتبر العلاقات العسكرية بين مصر وأمريكا، أحد أهم المحاور للعلاقات بين البلدين، خصوصا في ظل التعاون الروسي المصري في مجال الأسلحة، وفي حين أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لقائد القيادة المركزية الأمريكية جوزيف فوتيل، أهمية العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة، معتبرا إياها محورا رئيسيا للتعاون القائم بين البلدين، إلا أن هذا يتزامن مع القلق الأمريكي من العلاقات العسكرية المصرية مع روسيا، ولذا تعهد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مصر حال شرائها مقاتلات روسية من “طراز سو-35”.
وقال بومبيو، في جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي المختصة بميزانية العام 2020: “أكدنا بوضوح أن شراء مثل هذه المنظومات سيتسبب في تطبيق عقوبات بالتوافق مع قانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات”.
وتابع: “تلقينا تأكيدات من قبلهم أنهم يفهمون هذا الأمر جيدا، وآمل جدا في أن يقرروا عدم المضي قدما في إتمام هذه الصفقات”.
ونشرت صحيفة “كومرسانت” الروسية، في 18 مارس/آذار الماضي، تقريرا ذكر أن روسيا ومصر وقعتا عقدا لتوريد مقاتلات “سو-35” إلى القاهرة، ونقلت الصحيفة، عن مصادرها، أن سريان مفعول الاتفاق بهذا الخصوص الذي يقضي بتوريد أكثر من 20 طائرة ووسائل الإصابة الجوية بمبلغ نحو ملياري دولار، بدأ نهاية عام 2018، مضيفة أن توريد هذه المقاتلات إلى مصر قد يتم في الفترة ما بين عامي 2020 و 2021.
وحسب الهيئة العامة للاستعلامات تعود العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة فى شكلها الحالى إلى عام 1976، وتطورت سريعا وأصبحت مصر تحتل المركز الثانى فى قائمة الدول التى تتلقى معونات عسكرية أمريكية، ويأخذ التعاون العسكرى بين مصر والولايات المتحدة عدة صور تتمثل فى مبيعات السلاح، ونقل التكنولوجيا العسكرية، والمناورات والتدريبات العسكرية المشتركة.
وتأتى معظم مبيعات السلاح من خلال المساعدات العسكرية السنوية التى تبلغ نحو 1.2 مليار دولار، وشمل التعاون العسكرى أيضا تصنيع وتجميع بعض الأسلحة الأمريكية فى مصر.
وفى إطار هذه العلاقات بدأت منذ عام 1994 المناورات العسكرية المشتركة المعروفة باسم “النجم الساطع” وكان آخرها عام 2018 بقاعدة محمد نجيب العسكرية بالإسكندرية فى الفترة من 8 إلى 20 سبتمبر العام الماضي، بمشاركة قوات من مصر والولايات المتحدة الأمريكية والأردن والإمارات والسعودية وفرنسا وبريطانيا واليونان وإيطاليا و16 دولة أخرى بصفة مراقب، كما انطلق فى يوليو 2018 التدريب البحرى المشترك “استجابة النسر 2018” الذي تجريه وحدات من القوات الخاصة البحرية لكل من مصر وأمريكا والسعودية والإمارات.
سبوتنيك