بعد مطالبة البشير الأخيرة المجالس الرئاسية… سبر أغوار (التفعيل)

لماذا طالب رئيس الجمهورية بتفعيل المجالس الخمسة؟

السفير كرمنو: تفعيلها محاولة جديدة للحد من صلاحيات أيلا

ربيع عبد العاطي: الوقت لا يسمح بأي حديث للاستهلاك السياسي

عبده مختار: المجالس الرئاسية استشارية والحكومة لا تحتاج إليها

أثارت دعوة رئيس الجمهورية بإعادة تفعيل المجالس الرئاسية الخمسة التي أسست سابقأ كآلية لمتابعة الأداء الكلي لأجهزة الدولة من حيث مراجعة وتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني، جدلأ كثيفاً لدى الشآن السياسي بين مقلل من دور هذه المجالس التي لم تلعب دوراً حقيقياً في مساندة ودعم إنفاذ مخرجات الحوار (في نسخته الأولى).

وحسب مراقبين، فإن إعادة التفعيل خطوة طبيعية ومرادفة لانطلاق المرحلة الثانية من الحوار الوطني، فيما فسر آخرون تفعيل المجالس في هذا التوقيت، للحد من تمدد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء د. أيلا الذي توغل بعيداً في الجراحة الإصلاحية، وإزالة الأجسام الإضافية بالبلاد، حسب تبريره في تصريح صحفي سابق.

وأعفى أيلا عدداً كبيراً من متخذي القرار بالهياكل التنفيذية، واستشهد مراقبون على ذلك بقضية إعفاء المدير التنفيذي لصندق بناء وتنمية شرق السودان أبوعبيدة دج، الذي أعيد لمنصبه مجدداً خلال ساعات من أعفائه بأمر رئاسي، ولعل تفعيل المجالس التي تم تجميدها لأكثر من عام سيصاحبها ذات اللغط الذي صاحب أنشاءها سابقاً والتي كانت تشي بتقليل سلطات رئيس مجلس الوزراء القومي السابق الفريق بكري حسن صالح غير أنها لم تستمر وتم تجميدها…

أسباب التفعيل..

كشف رئيس الجمهورية، عمر البشير أن المرحلة المقبلة ستشهد انعقاد المجالس الرئاسية الستة على حسب تخصصها وفي مقدمتها موضوعات السلام والتراضي الوطني الذي اعتبره مفتاحاص لكل القضايا الخلافية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وبحسب القرار الرئاسي الذي صدر يناير من العام المنصرم ويختص بـ (وضع الخطط والبرامج وإجازة الدراسات التي تمكن من دعم اتخاذ القرار، وتأمين المسار الإستراتيجي للدولة، ومتابعة ترسيخ أسس الحكم الرشيد، وإرساء البنيات الدستورية والمؤسسية والإدارية الفاعلة، ويجيز المجلس السياسات العامة لرئاسة الجمهورية والوحدات التابعة لها”.

وأصدر رئيس الجمهورية قراراً قضى بتشكيل خمسة مجالس سيادية في إطار مراجعة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، برئاسة رئيس الجمهورية ومشاركة نائبي الرئيس ومساعديه وبعض الخبراء وأهل الاختصاص تنفيذاً للبرنامج التركيزي الذي طرح محاوره في خطابه أمام الهيئة التشريعية القومية في الـ 20 من أكتوبر 2017م.

وكان الرئيس قد أعلن في الخطاب إنشاء آليات لمتابعة الأداء الكلي لأجهزة الدولة في تنفيذها لمحاور البرنامج في إطار تنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني والذي غطى مجالات السلام والوحدة والاقتصاد الكلي والسياسة الخارجية والإعلام إضافة لمجلس شؤون رئاسة الجمهورية.

ويهدف البرنامج لتحقيق السلام الشامل وفق برنامج سياسي واجتماعي وثقافي وقانوني، وتوفير البيئة الملائمة للعودة الطوعية للنازحين واستكمال بناء نموذج اقتصادي يعتمد في النمو على قاعدة عريضة من المواطنين، وينفذ مشروعات تركيزية للخدمات وفق مراحل زمنية موقوتة تتابع شهرياً على صعيد كل ولاية ومحلية وتجمع حضري.

صلاحيات المجالس…

وجاء تشكيل رئيس الجمهورية لهذه المجالس بقرارات جمهورية عملاً بأحكام المادة (58) من دستور السودان الانتقالي لسنة 2005، وتضم هذه المجالس أولاً مجلس شؤون رئاسة الجمهورية، ويختص بوضع الخطط والبرامج وإجازة الدراسات التي تمكن من دعم اتخاذ القرار وتأمين المسار الإستراتيجي للدولة ومتابعة ترسيخ أسس الحكم الرشيد وإرساء البنيات الدستورية والمؤسسية والإدارية الفاعلة، ويجيز المجلس السياسات العامة لرئاسة الجمهورية والوحدات التابعة لها، كما يختص بتلقي تقارير دورية عن أداء الجهات التابعة لرئاسة الجمهورية وتقويم الأداء فـي ضـوء ذلك، كما يتلقى تقارير الأداء من الولاة فيما يتعلق بممارسة مهامه السيادية والأمنية وإنفاذ البرنامج التنموي للدولــة في إطار مرتكزات الاقتصاد الكلي يعمل المجلس على إحكـام التنسيق بين الجهاز التنفيذي والتشـريعي والأجهزة العدليـة والأمنيـة، كما يتلقى المجلس تقارير أداء عن تنفيذ المهام الموكلة لمساعدي رئيس الجمهورية من رئيس الجمهورية وأي مهام أخرى يكلفه بها رئيس الجمهورية.

مجلس الاقتصاد

ثانياً: المجلس القومي للاقتصاد الكلي ويختص بإقرار السياسات المتصلة بالاقتصاد الكلي، وتلقي تقارير دورية عن متغيرات سياسات الاقتصاد الكلي وتقويمها وقياس أثر هذا التغيير على صعيد قطاعات الاقتصاد الكلي، كما يعمل على تقويم أثر الاستثمارات الأجنبية على المسار الإسترايجي للاقتصاد الكلي ويكون للمجلس لجنة فنية تضم خبراء في مجالات الاقتصاد الكلي.

مجلس الإعلام

(ثالثاً): المجلس القومي للإعلامن ويختص المجلس بإعداد الرؤية المتكاملة للإعلام في الدستور تأسيساً على الأهداف الكمية والنوعية لتحويل السودان إلى مركز إقليمي للإعلام وتحديد المرتكزات للنظام الإعلامي الوطني بما يحقق المواءمة ما بين الحرية الإعلامية والمسؤولية الاجتماعية للأجهزة الإعلامية، وإجازة إستراتيجية الدولة للإعلام في ضوء هذه الرؤية وما تقتضيه رسالتها سعياً لبناء نظام إعلامي متطور ومسؤول إضافة إلى أن المجلس يعمل على اعتماد الخط الإعلامي لمعالجة القضايا القومية المتصلة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع بما يعزز صورة البلاد داخلياً وخارجياً، ويتلقى تقارير دورية حول الأداء الإعلامي وتقويم أداء الأجهزة الإعلامية بشقيها العام والخاص.

تحديات ماثلة…

(رابعا): المجلس القومي للسياسة الخارجية، ويختص بتخطيط وتوجيه ورسم السياسات الخارجية وفق الرؤية والموجهات الرئاسية والإشراف الدقيق على تطوير آليات وهياكل المؤسسات المساعدة في إنفاذ السياسة الخارجية. ويضع المجلس الأطر اللازمة والفعّالة التي تمكنه من التحرك بفاعلية ووفقاً للخطط والبرامج والسياسات المرسومة والموجهات الرئاسية، ويمكن الرئاسة من العمل على تحقيق وإعادة ترتيب أهداف السياسة الخارجية وتقييم التحديات والفرص وطرح البدائل والخيارات المتاحة للرئاسية بناءً على ما يتوفر لديها من قنوات الرصد الدقيق والرؤية الثاقبة، على أن يظل المجلس القومي للتحليل والتخطيط الإستراتيجي مركزاً للتحليل والقراءة المبكرة للسياسة الخارجية والتوجيه بشأنها، فضلاً عن إعادة ترتيب الأولويات للعمل الخارجي وتحديد المصالح الوطنية العليا وتوفير المرونة اللازمة في سرعة اتخاذ القرار.

مجلس السلام

(خامساً): مجلس السلام والوحدة برئاسة رئيس الجمهورية، ويضم في عضويته ممثلي القوى السياسية التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني بشقيه السياسي والمجتمعي من أحزاب ومنظمات سياسية وقوى فاعلة وممثلين للجان القومية للحوار المجتمعي ومنظمات المجتمع المدني، وذلك إنفاذاَ لمخرجات الحوار الوطني، ويضطلع بتحقيق السلام في كافة ربوع البلاد واستكمال الوفاق الوطني بين القوى السياسية وتحقيق الوئام الأهلي في البلاد، ويعتبر مجلس السلام من المجالس التي تعول عليها الدولة كثيراً في المرحلة القادمة وتواجهها تحديات جسام.

استهلاك سياسي:

الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي البروفسير عبده مختار، يرى أن المجالس الرئاسية هي مجالس استشارية وأن الحكومة ليست في حاجة لاستشارة لأن لديها من الخطط ما يكفي.

ويضيف مختار (للصيحة)، أن الثقافة السائدة وسط حكومة الإنقاذ هي عدم الاهتمام بالخطط العلميةن هم لا يلتزمون بالخطط الاستراتيجية، لأنه لا توجد مؤسسية. ويعتقد مختار أن السودان غابت فيه في الفترة الأخيرة المؤسسية، وأن كل الذي يحدث هو حكومة الفرد الوزير أو المسؤول هو الذى يخطط وينفذ بصورة انفرادية، وليس للآخرين دور يذكر، ويعتقد أن الحكومة فشلت في أن تقدم أي جديد وأن تحقق تطلعات الشعب، ويرى أنه حتى تجديد الدعوة للحوار في خطاب الرئيس مساء الجمعة الماضي، لا يمكن أن تقدم حلولاً جديدة تخرج البلاد من النفق الذي تعيش فيهن لأن الحوار استمر أكثر من ثلاث سنوات، وخلص لـ (900) توصية لم يتم تنفيذها، وحسب البروفسير عبده، فإن محاولات إحياء عمل المجالس الرئاسية هي مجرد محاولة للاستهلاك السياسي، واللف والدوران في حلقات مفرغة.

صمت دولي:

من جانبه يرى السفير الطريفي أحمد كرمنو في حديثه لـ(الصيحة) بأنه عندما أعلن عن قيام هذه المجالس من قبل رأي البعض أن الغرض منها تقليل سلطات رئيس مجلس الوزراء القومي السابق الفريق بكري حسن صالح غير أنها لم تستمر وتم تجميدها ويعتقد كرمنو أن أحياءها بعد عام ونبش الماضي هو محاولة جديدة للحد من صلاحيات أيلا خاصة وأن هذا الاتجاه برز خلال الأيام الماضية بتجميده قراره الخاص بتصفية صندوق الشرق وان الخطوة هي تنبيه لرئيس الوزراء الجديد محمد طاهر أيلا غير أن كرمنو يعتقد أن الأوضاع الراهنة لا يحتاج لمجالس استشارية باعتبار أن المشكلة الأساسية هي اقتصادية وتحديداً توفير العملات الحرة كيف نتحصل على تمويل عالمي (دولار ويورو)، هنالك حصار كامل وصمت دولي وعربي وحتى الصين تتفرج على ما يدور في السودان. ويعتقد أن اجتماع المجالس أو انفضاضها لن يقدم أو يؤخر ويرى أن مجلس العلاقات الخارجية أحد أذرع المجالس كان يمكن أن يسهم في الدعوة لاستقطاب الدعم مع الجهات المعنية في اجتماعات مؤسسات التمويل الدولية، ولكنه جمد ولم يتجمع منذ الإعلان عن قيام المجالس.

المجالس الضرورية :

القيادي بالمؤتمر الوطني دكتور ربيع عبد العاطي يرى أن المشكلة الأساسية في الأزمة الحالية بالبلاد إدارية، وأشار في حديثه لـ(الصيحة) أن المجالس الرئاسية التي أعلن الرئيس إعادة تفعليل عملها شكلت منذ أكثر من عام وأن الغرض منها هو وضع السياسات والاستشارات غير أن ربيع أكد على وجود خلل بائن في الإدارة في كل مفاصل الإدارة بالبلاد، ودعا ربيع لأهمية إحياء المجالس الإدارية والاستراتيجية للوزارات لإعادة هيبة الدولة في المركز والولايات، وأكد على أهمية اتخاذ خطوات تنفيذية في هذا الصدد، وشدد على أن الوقت لا يسمح لأي حديث للاستهلاك السياسي.

الخرطوم: مريم أبشر – نجدة بشارة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version