في يوم تاريخي أمام القيادة العامة للقوات المسلحة
التحام المتظاهرين مع الجيش في مليونية ذكرى (ماريل) …!!
الأنتشار الأمني الكثيف وسحب الغاز المسيل للدموع لم يمعنان المحتجين من الوصول الى مبتغاهم
إعتقالات إستباقية وشل الحركة في عدد من المناطق بالخرطوم والولايات
وقوع عدد من الإصابات بين المتظاهرين وقوات الشرطة ولجنة الأطباء تنعي شهيداً
رموز المجتمع يشاركون وتكبيرات العيد تنطلق من مسجد الجامعة
المتظاهرون يعلنون الإعتصام حتى سقوط النظام ويتعاملون بإحتفاء مع قوات الجيش
إنتشرت الجموع من شارع (عبيد ختم) حتى كبري (كوبر) مروراً بالناحية الشمالية للقيادة العامة حتى نفق (جامعة الخرطوم) ثم غربا بمحاذاة البوابة الغربية للقيادة وشرق (مسجد القوات المسلحة) وحتى (الشركة العربية) ومستشفى (الاسنان)
كان يوم للتحدي ، كان حلماً بالحياة ، مدينة الخرطوم الجميلة لم تعد تلك الطفلة التي تنام باكية في ثيابها البالية وعنوةً يغلقون عليها الأبواب ، تحول روتين الهدوء القاتل أمس الى حركة في كل الطرقات ، كانت الهتافات تشق الحناجر وكأنها تضمد جراح السنين للمتظاهرين الذي توافد بمئات الالاف نحو القيادة العامة للقوات المسلحة وأحاطوا بها من كل الجهات بعد أن تجاوزوا كل المتاريس الموضوع من الشرطة والقوات الأمنية الأخرى ، يوم أمس كان تاريخي بكل المقايس وإستثنائي بحق وحقيقة تشابكت فيه الأيادي والآمال وتوحدت فيه الوجه تلبيةً للدعوة التي إطلاقها تجمع المهنيين وطالب عبرها السودانيين النزول الى الشوارع وتقديم مذكرة تطالب قيادة الجيش للتدخل وإجبار الحكومة على التنحي .
مشهد أول :
ولعل الناظر للخرطوم صبيحة السبت السادس من أبريل 2019م الذي يصادف ذكرى إنتفاضة (مارس أبريل ) (ماريل) يستشف بوضوح مدى الترقب الذي كانت تعيشه المدينة، وقبيل موعد انطلاقة التظاهرة التي دعت لها في بيان مشترك قوى إعلان الحرية والتغيير ، كانت شبه خالية إلا من بعض المارة ومن ثم بدأت أعداد القادمين إلى وسط المدينة تتكاثر شيئا فشيئا مع اقتراب الساعة الواحدة وهو الموعد المضروب لخروج التظاهرة . وإذا ما تبادرت إلى الذهن تساؤلات عن التواجد الأمني بالعاصمة أمس فالملاحظ أن انتشار أمنيا كثيفا قوامه أجهزة الأمن وقوات الشرطة التي تمركزت في عدة نقاط بالمدينة ، منها موقف جاكسون، وموقف شروني ، بالاضافة إلى شوارع وطرقات الخرطوم التي شُلت الحركة في العديد منها خاصة تلك التي بالقرب من القيادة العامة للجيش أو التي تؤدي اليها . وقد قامت الأجهزة الأمنية بحملات اعتقال استباقية قبيل إنطلاق الموكب شملت مواطنين وصحافيين كانوا بشوارع وطرقات الخرطوم قبيل تحرك الموكب وعند لحظة انطلاقه. وبالرغم من الانتشار الأمني الكثيف والارتكازات العديدة فقد استطاعت جموع المحتجين اختراقها والزحف نحو القيادة العامة للجيش وهدير هتافهم يدوي في الارجاء.
الإشتباكات والوصول :
وشهدت شوارع الخرطوم أمس عمليات كر وفر بين القوات الأمنية التي حاولت منع المتظاهرين من الوصول لمباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، الا ان المواكب المتفرقة بشوارع السوق العربي أفشلت تلك المحاولات وقام المتظاهرون باغلاق مداخل السوق العربي مما أدى الى أن تنحصر سيارات الشرطة في أطرافه، وأطلقت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع في موقف جاكسون للمواصلات الا أن المتظاهرين واصلوا طريقهم غير مبالين بسحب الغاز، كما تجمع المتظاهرون مجددا في شارع السيد عبد الرحمن وواصلوا سيرهم حتى وصلوا أمام مقر القوات البرية التي وضعت سيارتين مجهزتين بالدوشكا، وهم يهتفون بشعارات تنادي باسقاط النظام، وحاولت القوات الشرطية مجدداً منع المتظاهرين من الوصول للقيادة باطلاق عبوات جديدة من الغاز الا ان المتظاهرين واصلوا سيرهم حتى القيادة العامة والتحموا مع بقية المتظاهرين، ورددوا شعارات جيش واحد شعب واحد، وشوهد عدد من ضباط الجيش وهم يقومون بمد المتظاهرين بالمياه عبر خراطيش مياه من القيادة العامة.
جموع المتظاهرين بالضبط كانت منتشره من شارع (عبيد ختم) حتى كبري (كوبر) مروراً بالناحية الشمالية للقيادة العامة حتى نفق (جامعة الخرطوم) ثم غربا بمحاذاة البوابة الغربية للقيادة وشرق (مسجد القوات المسلحة) وحتى (الشركة العربية) ومستشفى (الاسنان).
جميع المتظاهرين أكدوا على مطلبهم بهتافات مختلف كانت أشهرها (ليل ما نرجع لا البشير يطلع ، سقط سقط يا كيزان) كانت فرحتهم غامرة فهم ظلوا يتظاهرون من ثلاثة شهور وما حدث أمس يعتبر نقلة نوعية مسار الحراك ، هذه الفرحه عبر عنها المتظاهرين كل بطريقته وحسب ما رصد صحيفة (الجريدة) فقد ساجد عدد كبير من المتظاهرين وكما ردد أخرين بأغنيات وطنية ، كانوا يتسالمون ويتباكون فرحاً بينما زغاريد النساء تسجل حضورها مجدداً .
إصابات ولجنة الأطباء تنعي شهيداً :
ورصدت فريق (الجريدة) العديد من الإصابات وسط المتظاهرين والقوات الأمنية بينما نشرت لجنة الاطباء المركزية وهي جهة غير رسمية بيان أكدت فيه وفاة أحد المصابين بأمدرمان وهو طبيب المختبر المعز عطايا موسى متأثراً بجراحه
مشاهد عجيبة :
داخل الموكب كانت المشاهد عجيبة مثلاً كان يوزع بعضهم (السندوشات) والبعض الأخر يجمعون التبرعات لإحضار معينات الإعتصام ، آخرين نصبوا مكبرات الصوت ورددوا أغنيات وشعارات حماسية ، كانت هناك مشاركات لافته من بعض رموز المجتمع مثلاً كان حضور الفنانة نانسي عجاج مسار للإحتفاء بين المتظاهرين . إستغل المحتجين مكبرات الصوت مسجد (القوات المسلحة) وطالبوا المحتشدين بعدم التحرك من مباني القيادة العامة حتى يسقط النظام ، أما في جامع (الجامعة) فرددوا تكبيرات العيد .
الشباب وبعض الشيوخ :
وبالرغم من أن الحشود التي احتشدت بالخرطوم أمس قد جاءت في معظمها من قبل الشباب، إلا أن بعض الشيوخ شاركوا في الموكب، مبديين في الوقت ذاته سعادتهم بأبريل الذي يمثل بالنسبة لهم ذكرى عزيزة، فضلا عن مشاركة بعض المعاقين حركيا في تظاهرة الأمس والذين وجدوا الترحاب الكبير من قبل الحشود،والشئ اللافت هو تجمع الشباب في حلقات وهم يطلقون الهتافات التي دوت في أرجاء العاصمة الخرطوم ، وقد قام المحتجون بتوزيعهم قوارير المياه على قوات الجيش التي كانت بالقرب من القيادة العامة، كما شوهد انتشار العديد من سيارات الاسعاف التي كانت تعمل على نقل الذين سقطوا في الموكب نتيجة لتعرضهم لعبوات الغاز المسيل للدموع، خاصة أولئك الذين يعانون من ضيق التنفس.
إحتفال لم يكتمل :
والساعة تشير الى السادسة الا عشرة دقائق إنطلقت زغاريد عالية تبعتها هتافات داوية وتسارعت الجموع نحو مبنى (قيادة الأركان المشتركة) بعد تدوال إشاعة بسقوط النظام ، لحظتها كان الفرح مقطع النظير منهم من إنهمرت دموعه ومنهم سجد لله شكراً ، وآخرين لم تسعهم الفرح وكانوا يصرخوا بطريقة (هسترية) لكن و عند عودة إطلاق الغازات المسيل للدموع من الناحية جنوبية تأكد عدم صحة الإشاعة وعاد الجموع الى هتافات المطالبة بإسقاط النظام ولم يتدد الحلم .وظل المتظاهرون يعتصمون هناك حتى كتابة هذا التقرير ولم يخيفهم حلول الظلام بالتراجع و مازالت بعض الجموع تتوافد على القيادة العامة للقوات المسلحة مع إنتشار لمنسوبيها بشكل كثيف على الطرقات
إحتجاجات الولايات :
شهود عيان قالوا لـ(الجريدة) أن بعض أحياء الخرطوم خرجت في إحتجاجات مماثلة كذلك شهدت الولايات هي الأخرى تظاهرات كبيرة كانت البداية باكراً من معسكر (كلمة) للنازحين بحنوب دارفور الذي شهد إحتجاجات حاشدة ، كذلك وفي مدينة ود مدني بولاية الجزيرة أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين خرجوا عقب صلاة الظهر من الموقف العام واتجهوا حتى مقر الفرقة الأولى مشاة ، وأدى الإطلاق الكثيف لقنابل الغاز لإغلاق عدد كبير من المحلات التجارية، وشهدت التظاهرات اطلاق عدد من العبارات التي تطالب بسقوط النظام، وانتشرت القوات الأمنية بكثافة وهي تجوب شوارع مدينة ود مدني حتى الفترة المسائية للسيطرة على الأوضاع . أيضا خرجت جماهير القضارف في مسيرة كبيرة جابت شوراع المدينة بداية من حي الصوفي غرباً مروراً بـ(ديم النور) جنوباً و وصولاً الى السوق الكبير وأصدموا مع القوات الأمنية ، كذلك شهد إحتجاجات مشابهة عدد من المدن مثل (الدامر ، بورسودان ، كسلا ، الفاشر و ربك ، كوستي غيرها) .
صحيفة الجريدة