شهد السودان هذا الأسبوع حراكا أمريكيا روسيا لافتا في العاصمة الخرطوم بعد زيارة متزامنة أجراها وفدان من واشنطن وموسكو للسودان، فيما لا تزال الاحتجاجات الشعبية تحكم المشهد السياسي في البلاد.
ومع دخول المظاهرات شهرها الرابع، حط وفد من الكونجرس الأمريكي رحاله في الخرطوم، السبت الماضي، بالتزامن مع وصول مبعوث الرئيس الروسي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف للسودان في زيارة رسمية.
سباق أمريكي روسي تجاه السودان
واعتبر محللون سياسيون تحدثوا لـ”العين الاخبارية” زيارة الوفدين المتزامنة بأنها تأتي في إطار السباق والتنافس المحموم بين أمريكا وروسيا تجاه القارة الأفريقية لا سيما السودان.
وأشار المحللون إلى أن “كلا من واشنطن وموسكو تسعى إلى الإتيان بحلول للأزمة السياسية الحالية تضمن استمرار مصالحهما”.
واختلف نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في برلمان السودان متوكل محمود التجاني مع فكرة السعي لحل الأزمة لاستمرار المصالح، مؤكدا أن زيارة الوفدين الأمريكي والروسي تأتي في سياق العلاقات المتوازنة التي ظلت تديرها بلاده مع الدولتين.
وقال محمود في حديثه لـ”العين الإخبارية”: إن “الزيارتين جاءتا لتعزيز العلاقات الثنائية للبلدين مع السودان، وليس لإملاء حلول أو فرض أجندات معينة بشأن الأزمة الدائرة حاليا؛ لأن بلادنا ليست بهذه الهشاشة والضعف”، حسب وصفه.
وأضاف: “تجمعنا بروسيا علاقات طيبة وأوجه تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري، نسعى لتعزيزه، بينما نتطلع للتطبيع مع أمريكا من خلال مفاوضات تجري حاليا لإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب” .
رئيس البرلمان السوداني يستقبل أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي
دعم وانتقادات
وبدأ المبعوث الروسي لقاءاته بالرئيس السوداني عمر البشير، وسلمه دعوة رسمية من نظيره فلاديمير بوتين لحضور أول قمة بين روسيا وأفريقيا بموسكو في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وبحث معه سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
وفي لقاء مع النائب الأول للرئيس السوداني ووزير الدفاع عوض بن عوف، أعلن المبعوث الروسي سعي بلاده إلى تعزيز القدرات الدفاعية للخرطوم، مؤكدا وقوف موسكو مع السودان ممثلاً في قيادته الحالية لتجاوز الأزمة التي يمر بها.
وفي مقابل ذلك، وضع وفد الكونجرس الأمريكي الذي وصل الخرطوم بدعوة من البرلمان السوداني، الاحتجاجات الشعبية على رأس أجندة محادثاته مع المسؤولين بالحكومة السودانية، وأبدى قلقه إزاء المعتقلين على خلفية المظاهرات، والذين من بينهم مواطن يحمل الجنسية الأمريكية، قبل أن يطلب الإفراج عنهم .
حراك مستمر
أدار الشارع السوداني ظهره للحراك الأمريكي الروسي وما أفضى إليه من تفاهمات، وحلول سياسية لحكومة بلاده ومضى في تصعيد وتيرة الاحتجاجات والمقاومة السلمية في مسعى نحو إسقاط نظام الحكم كهدف أوحد يسعى لتحقيقه، في مشهد يبدو مربكا للدوائر المحلية والإقليمية والدولية.
وبدأ الأسبوع المنصرم، بعودة قوية لموجة الاحتجاجات الدائرة في البلاد منذ 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما خرج عدد من المناطق بالعاصمة الخرطوم في مظاهرات وصفت وقتها بأنها الأضخم عددا، رافعة شعارات منددة بالحكومة وتطالب بإسقاط النظام.
وفي مشهد مماثل اختتم الأسبوع باحتجاجات اندلعت في عدد من الأحياء بالعاصمة الخرطوم، إلى جانب مدينتي الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان غربي البلاد، وسنار جنوب السودان .
المظاهرات تقطع طريق المبادرات
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي الدكتور إبراهيم علي زيارة الوفدين الأمريكي والروسي للسودان في وقت متزامن، ربما يكون مجرد صدفة وغير مرتب لها، ولكن الأمر برمته لا يخرج عن تنافس بين واشنطن وموسكو لحماية مصالحهم في البلاد.
وقال إبراهيم خلال حديثه لـ”العين الإخبارية”: إن زيارة وفد الكونجرس سبقته زيارة مساعد الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية إلى السودان، والذي أمضى بالخرطوم أكثر من أسبوع في مباحثات مع المسؤولين بالحكومة السودانية بشأن الأزمة والحوار الثنائي”.
وأضاف: “على إثر ذلك أرسل الرئيس الروسي مبعوثه لشمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى الخرطوم، ربما بغرض قطع الطريق أمام حلول أمريكية لأزمة السودان تهدد مصالح موسكو”.
واعتبر أن “التصعيد من قبل الشارع السوداني قطع الطريق أمام أي تحركات خارجية أو محلية، وأن خيوط اللعبة لم تعد بيد النظام الحاكم حتى يقايض بها مراكز قوى إقليمية ودولية”.
مرتضى كوكو – الخرطوم
بوابة العين الاخبارية