في ذكرى الغزو الأميركي للعراق.. كشف حساب

في خانة الوشوم البشعة، سنجد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إذا بحثنا له عن تصنيف يناسبه، فالصورة الحقيقية لهذا الفعل تمتلئ بالدم والفوضى والخسائر، ولا يخفى على أحد ألوان هذه الصورة التي لا يحدّ الألمَ فيها حد.

أصاب العراق جراء الغزو، شروخ لا حصر لها، ولم يقف اتساعها عند الخروج الأميركي منه عام 2011.

يعتبر الكاتب رعد أطياف الغزو دخولا في دوامة المجهول بالنسبة للعراق، ويستفيض في حديثه للجزيرة نت بسرد الخسائر التي تحملتها البلاد، معتبرا جميع الخسائر التي بدأت مع الاحتلال وصولا ليومنا هذا، ناجمة عن الغزو “قرابة مليون قتيل عراقي جراء الاحتلال والصراعات التي لحقته، وتفتيت المجتمع ونسيجه، وحكومات فاسدة، إضافة لانهيار البنى التحتية، كلها عواقب تحملها العراق وحده”.

ويضيف أطياف “لقد كف العراق عن أن يكون بلدا فاعلا في المنطقة وتحول إلى بلد هامشي تفتك به الأمراض الطائفية وينهشه الفساد”.د

ولا يوجد رقم متفق عليه حول عدد من قتل من العراقيين منذ الغزو الأميركي، غير أن إحصائيات صادرة عن مؤسسات بريطانية محايدة تؤكد أن عدد القتلى العراقيين تجاوز المليون شخص، وأن العراق فقد حوالي 3% من نسبة سكانه منذ الغزو الأميركي.

وفي استطلاع أجراه مركز “أو آر بي” (ORB) استند إلى مقابلات ميدانية تبين أن حصيلة القتلى العراقيين بلغت مليونا و33 ألف قتيل منذ الغزو عام 2003، فيما تتحدث بعض التقديرات عن مقتل 654 ألف عراقي، 600 ألف منهم ناجمة عن أعمال عنف وفق دراسة قامت بها جامعة جونز هوبكنز الأميركية.

ووفق “هيئة إحصاء الضحايا العراقيين” فإن عدد القتلى العراقيين الذين سقطوا برصاص أميركي تخطى 106 آلاف و348 قتيلا، بينما ذكرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي” أن حصيلة القتلى العراقيين منذ بداية الغزو الأميركي بلغت 359 ألفا و549 قتيلا حتى عام 2016.

على الضفة الأخرى، لم يكن الغزو نزهة بالنسبة لواشنطن، فبعد أن قادت القوات الأميركية عملية الغزو على رأس تحالف وصل قوام قواتها فيه إلى 150 ألف عنصر عسكري، تكبدت خسائر جسيمة، أعلنتها وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” بعد انسحاب قوات بلادها من العراق عام 2011.

فقدت الولايات المتحدة -وفقا لأرقام البنتاغون- 4487 عنصرا في العراق منذ الغزو حتى الانسحاب، بينما تجاوز عدد الذين أصيبوا خلال العمليات العسكرية 32 ألف عنصر.

فيما أشارت تقارير إلى عدم دقة هذه الأرقام، وأن الأعداد الحقيقية للقتلى والمصابين أكثر من المعلنة، يعتقد المحلل العسكري هشام الهاشمي أن هذه الأرقام -رغم المنطق التقديري الذي تتسم به- لا يمكن الاعتماد عليها، ويقول للجزيرة نت إن “أرقام البنتاغون تستمد قوتها من كونها صادرة عن مصدر رسمي، ومع تخفيفها، فإن الأرقام التقديرية لا تتمتع بوثائق تسندها”.

وفقدت بريطانيا، الشريك الرئيس لواشنطن في الغزو، 179 عنصرا من عسكرييها، أما بقية دول التحالف فقد وصل عدد قتلاهم مجتمعين إلى 139 عنصرا، هذا غير الخسائر المادية التي تحملتها واشنطن.

وتصل الخسائر المادية التي تكبدتها الولايات المتحدة في عملية الغزو إلى 1.1 تريليون دولار حسب دراسة أعدتها جامعة براون. وتعتقد الجامعة في دراستها أن الرقم سيصل إلى 2.2 تريليون بعد عام 2050، نظرا لرعاية المحاربين القدامى والمصابين وتبعات أخرى، وهو ما يفوق بكثير تقديرات الحكومة الأميركية التي تراوحت بين 50 و60 مليار دولار.

وفقدت الولايات المتحدة منذ 2003 حتى 2011 ما مجموعه 129 مروحية جوية بين طائرات قتالية أو ناقلة، سقط معها أكثر من 277 قتيلا وحدها، أما على الأرض فقد تكبدت واشنطن خسارة أكثر من 860 مركبة، تتوزع بين الدبابات والعجلات وناقلات الجنود.

رغم ذلك كله، يعتقد البعض أن خسائر الولايات المتحدة هذه لا تمثل شيئا لها مقابل المكاسب التي حققتها بالغزو أو بعد الغزو .

بعد إسقاطها نظام صدام حسين مباشرة، تحكمت الولايات المتحدة بشكل العملية السياسية في بغداد، ووضعت الخطوط العريضة لنظام تراه نظاما عادلا وديمقراطيا يحمل للشعب العراقي الرفاه والحرية.

يذهب المحلل رعد أطياف إلى فرضية أن العراق صار ساحة لبسط النفوذ الأميركي فيقول “ربما يتحول العراق بفعل أميركي إلى طوق عزل أمام جيرانه خدمة للمصلحة الأميركية وستكون انتكاسة مضاعفة إذا صار بندقية بيد الولايات المتحدة”.

ويبرر المؤيدون للغزو موقفهم بالتحول السياسي الذي عاشه العراق، ويركزون على تجربة الديمقراطية باعتبارها مكسبا، بينما يرى آخرون أن ديمقراطية الدبابات ليست أكثر من غطاء.

يقول الهاشمي إن “أهم ما جذبته الولايات المتحدة للعراق هو وسائل الديمقراطية وليست الديمقراطية، وبالحقيقة تحتاج الديمقراطية إلى صناعة وعي، وهذا ما لم تخلقه أو تعمل عليه واشنطن في العراق”.

الجزيرة

Exit mobile version