لم تستطيع غرفة تحرير الأخبار بقناة الجزيرة قبول واقع الحقيقة في الشارع السوداني والذي يؤكد بلسان الحال لا تتالى الصور والأصوات المصنوعة من مدن وأحياء السودان البعيدة ليلوي عنق الحدث والصورة التي لا تكذب بأن مد الاحتجاجات في السودان إلى تراجع رغم أنف الدوائر والقوى الدولية والمحلية التي تريد لنار التظاهرات أن تمضي في اتجاهها المحدد لها سلفاً بأن تغرق السودان كله في بحر الفوضى والخراب.. لم تستطع غرفة صناعة الأخبار لقناة الجزيرة بالعاصمة القطرية الدوحة التعامل مع هذه الحقيقة الساطعة فذهبت إلى تحريك ملفات البحث عن خبر جديد يلفت الأنظار ويزيد التساؤلات بطول الدنيا وعرضها.
ما لا يعرفه الكثيرون من متابعي ما تنتجه غرف الإخبار والمواقع ذات الصلة أن عدداً كبيراً من هذه المواقع ذي صلة مباشرة بدول عربية تنفق مئات الملايين من الدولارات وأموال النفط لتوجيه اتجاه ريح الأخبار بما يخدم ما تحدده دول النفط العربي الغنية من اتجاهات ومنها دولة قطر التي تنفق بصورة مباشرة أو غير مباشرة على موقع (عين الشرق الأوسط) والذي نقلت عنه قناة الجزيرة على وجه السرعة الخبر الذي حرره الموقع ودسه ليقول إن لقاءً سرياً قد تم في مدينة ميونخ الألمانية وضم الفريق صلاح قوش، مدير جهاز المخابرات السوداني ورئيس الموساد.. والهدف من اللقاء كما صور الموقع لخلافة الرئيس السوداني عمر البشير.
خبر (ميدل إيست آي) لا يقف على ساقين من المهنية ولا دقة الأخبار المطلوبة لمثل هذه الأخبار.. ذلك أن الجهات ذات الصلة بالشأن الإعلامي لمؤتمر ميونخ قد أوضحت في كل رسائلها ومختصراتها الإعلامية أن رؤساء المخابرات في الدول الأوروبية قد التقوا بعضهم بعضاً في ميونخ.. كما أن إدارة الإعلام بجهاز الأمن السوداني كانت قد رفدت الأجهزة الإعلامية المحلية والعالمية بخبر اللقاءات التي أجراها مدير جهاز الأمن السوداني في ميونخ التي شهدت لقاءات على الهواء بين قادة أجهزة المخابرات التي شاركت منذ مدة في مؤتمر معلوم ومحدد المكان والزمان والأجندة مسبقاً.
ما تعلمه قناة الجزيرة في غرفة تحرير أخبارها أن لقاءات قادة أجهزة المخابرات ليست محل سرية وخاصة عندما تريد بحث قضايا كالتي ذكرها خبر عين الشرق الأوسط الأمر الذي يؤكد أن إذاعة ونشر الخبر بالطريقة المبتورة التي نقلتها القناة يهدف لتأكيد أجندة أخرى لا علاقة لها بالرأي.. والرأي الآخر الرسالة التي تؤكد قناة الجزيرة كل صباح أنها تبتعد عنها بفراسخ.. إن لم نقل بسنوات ضوئية!!
لم تستطع القنوات العالمية الأخرى التي تهتم بأخبار ومجريات الأحداث بالسودان ترديد ونقل خبر قناة الجزيرة لأن هذه القنوات بتحريكها لمجسات ومحركات البحث والتدقيق لم تجد غير خبر الموقع الإخباري المقرب من قطر والذي بث الخبر دون أن يتمكن من معالجة نقاط الضعف المهنية التي تتخلل عدد كلماته المحسوبة.. نقول إن القنوات العالمية المعروفة برصانتها قد تجاوزت الخبر وغضت الطرف عنه لأنه يفتقر لأبسط قواعد المهنية التي يعرفها كل المشتغلين بمهنة صناعة ونقل وتداول الأخبار.
هذا ما يمكن قوله عن الخبر الذي نقلته قناة الجزيرة من حيث الشكل والموضوع.. أما من حيث الجوهر فما يمكن قوله أن ما لم تستطع قناة الجزيرة الإخبارية قوله هو أنها تخطط وعن وعي وإدراك للانتقال إلى السيناريو الثاني من خطتها غير المعلنة، لتفتيت الأوضاع السياسية والاجتماعية في السودان وبحثها المستمر وبتركيز عن موضع فتنة لشق الصف داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية بالسودان والتي وقفت حجر عثرة منذ سنوات ضد كل محاولات كسر شوكة السودان.
رؤية خبرية: المحرر السياسي
الخرطوم: (صحيفة مصادر)