من الناس من يتنبأ بالموت في منامه..
> ولكن لا أحد منهم يسأل نفسه ــ أو يسأله آخر ــ عن حالته الصحية وقتذاك..
> سواء الفسيولوجية… أو النفسية… أو الفسيونفسية..
> فإن فعل ــ أو فعلوا ــ فسوف يتم التوصل إلى السبب؛ وهو حتماً مرضٌ ما..
> هو شيء مثل مقولة (حلم الجوعان عيش)… مع فارق بسيط..
> فالجائع يحلم بطعام شهي… والمتوعك يحلم بمآل شقي؛ يمكن أن يبلغ حد الموت..
> ومن تمظهرات هذا المآل الدم… أو اللحم… أو الذبح..
> ثم قد يكون هذا المآل يخصه هو؛ أو يخص آخر مريضاً من أهله… أو صحبه..
> فيقول أحدهم مثلاً: علمت أن فلاناً سيموت؛ رأيت خروفاً يُذبح..
> أو: سأموت قريباً… رأيت نفسي أعد إلى ما دون العشرة..
> أو: رأيت شجرتنا العتيقة تبقَّى من صفقها القليل… فسيموت لنا كبير عما قليل..
> علماً بأنه يكون مريضاً… ومن يرى قرب موته هو مريضٌ أيضاً..
> فإن صدق المنام ــ ولا أقول الرؤيا ــ فلا ينم عن تنبؤ صادق..
> وليست الحالة الصحية وحدها التي تؤثر على ما يرى النائم… وتُشكِّلها بمؤثراتها..
> وإنما الحالة البيئية أيضاً… مثل الطقس… والفرش… والمكان..
> فجوٌ منعش ــ على سبيل المثال ــ قد يجعل النائم يحلم بأنه (وسط الزهور متصور)..
> بينما آخر خانقٌ قد يجعله يحلم بـ (فريدي كروجر)..
> طيب؛ ما الذي نريد أن نقوله بعد مقدمتنا الكئيبة هذه؟
> نريد أن نقول إن حالة المرء الصحية قد تؤثر سلباً على مجمل تصرفاته كذلك..
> ومنها مجال عمله؛ أياً كانت طبيعة هذا العمل..
> سيما إن كان ذا علاقة بصحة البشر… كالأطباء؛ أو مصيرهم… كقادة الدول..
> أما في مثل حالاتنا نحن ــ كصحافيين ــ فالأمر أقل خطورة..
> والدليل على ذلك كلمة زاويتي هذه التي أكتبها منذ أيام تحت تأثير حمى الإنفلونزا..
> والبارحة كانت الحمى أشد؛ فخشيت أن تنتقل إلى القلم..
> فإن حدث هذا فسوف يرى قلمي المحموم كل شيء سوداوياً… ولن يكتب (بمنطق)..
> ولذلك رأيت أن أصوب سهام مداده نحو صدره… وصدر صاحبه..
> حتى إذا لم أحسن التعبير فلن أؤذي سواه… ونفسي..
> وما على القارئ سوى أن (يحتسب)… بينما يصعب هذا على ضحية طبيب محموم..
> أو على شعبٍ إزاء خطأ كارثي من تلقاء حكومته..
> أو على سكان عمارة انهارت على رؤوسهم جراء غلط تصميمي لمهندس محموم..
> وأنا أعتذر إلى القارئ اليوم بسبب حمى الجسد ــ والقلم ــ ليلاً..
> فضلاً عن حمى (حاجات تانية حامياني)..
> فإن لم يقبل عذرنا فليعوِّض بحمى تجعله يرقص طرباً…لا ألماً..
> حمى ليلة السبت !!
صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة