تنتظره ملفات شائكة وقضايا مُلحّة ربما بدت عصية على الحلول لمن سبقوه، فكيف إذا ارتبط اسم رئيس مجلس الوزراء محمد طاهر إيلا بالتغيير الإيجابي، وكسبه للرهان السياسي على تعقيد الملفات وأزماتها، ولعل محطة ولاية الجزيرة كانت خير شاهد على حسمه ملفات جساماً (علا بها كعبه)، وبات من ذوي الثقة لدى الرئيس عمر البشير، وأصبح (رجل المهام الصعبة).
ولعلّ ذلك ما دفع القيادة لتلقي على عاتقه هموم الدولة والمواطن، ويتقدمها ملف الراهن الاقتصادي.. فهل يصلح إيلا ما أفسده الدهر؟…
عن إيلا تتباين الآراء بشكل لافت في طريقته لإدارة الشأن العام، فالبعض يعتبره ناجحاً ورجلاً تنموياً، ويستدلون بإنجازاته التي حققها في ولايتي البحر الأحمر والجزيرة، بينما يعيب عليه البعض انفراده بقراراته.
ومع ذلك تظل الأنظار تتجه إلى المكاسب التي قد يجنيها المواطن والإجراءات الاقتصادية العاجلة التي قد تسهم في تلبية مطالب الشارع.
بشريات للمواطن..
الظاهر للعيان، أن رئيس مجلس الوزراء بدأ مهامه بقرارات اعتبرها خبراء اقتصاد بمثابة البشريات، ومن شأنها تحريك وتنشيط الجمود الاقتصادي، تمثلت في تخفيض قيمة الدولار الجمركي بنسبة 20% ـ أي ـ من 18 جنيهاً إلى 15 جنيهاً، وهو ذات الشيء الذي ظل مطلباً لدى القطاع الخاص، ثم ذهب إلى إعلان جملة من الإجراءات والقرارات ذات الصلة بالقضايا الاقتصادية، التي سيتم إنفاذها خلال الأيام القادمة، للاطمئنان على إزالة الثغرات التي أضرت بالمسار الاقتصادي بجانب الاتفاق على مراجعة الرسوم التي فرضت على بعض السلع وما يتم من رسوم وضرائب في إطار السلطات والصلاحيات المشتركة، بجانب الإجراءات التي ستتم فيما يتعلق بتحسين ورفع الكفاءة في تحسين الخدمات المباشرة للمواطنين. كتوفير مدخلات الزراعة والنظر في الرسوم والجمارك التي تفرض علي المدخلات الأساسية والمعدات الرأسمالية ومتابعة شراء القمح المحلي للاطمئنان على توفير 40% من احتياجات البلاد من القمح للعام الجديد.
*القبول والهدوء ..
مراقبون رأوا أن الرئيس السوداني وفق في اختيار إيلا رئيساً للوزراء، وقد يسهم بخبرته السياسية والاقتصادية في إنعاش الوضع الاقتصادي من خلال حسم الفساد وتبني قرارات فاعلة، فهو يملك شجاعة تؤهله لمواجهة ما وصفوه بـ”لوبيات الدولة العميقة”.
ويرى الخبير الاقتصادي د. حسين القوني أن إيلا ورث تركة ثقيلة من الملفات الاقتصادية الشائكة تمثلت في (عدم وجود نقد أجنبي ) وضعف الإنتاج والإنتاجية والصراعات السياسية بالإضافة للحصار الإقتصادي مما نتج عنه الأزمات المرتبطة (بالوقود، السيولة، الخبز) ويرى القوني أن ذلك قد يحتاج إلى (التفكير بهدوء) من متخذ القرار، وهذه ظاهرياً تبدو متوفرة لدى رئيس الوزراء الجديد بالإضافة إلى (القبول) المحلي، وما زال الوقت باكرًا للحكم عليه، بالإضافة للقبول العالمي.
وقال القوني لـ”الصيحة” إن هذه المعيقات ليس من السهل معالجتها في وقت وجيز، وقد تحتاج إلى فترة لتصحيح المسار الاقتصادي، وأوصى بضرورة الاهتمام بإصلاح الخدمة المدنية، إيقاف الصرف البذخي.
وأبدى ملاحظته في الأحداث التي تلت تسلم إيلا مهامه من حيث الانخفاض المفاجئ الذي شهده الدولار، بصورة وصفها بغير المسبوقة بعد ساعات من إصدار الرئيس عمر البشير، أوامر الطوارئ، وأوضح أن هذا التراجع قد يرتبط بمدى الاستمرارية، وأضاف ما حدث ربما كان (صدمة اقتصادية آنية)، أدت إلى مبادرة التجار إلى التخلص من النقد الأجنبي بطرفهم متخوفين من قانون الطوارئ.
*الكاريزما والقدرة
فيما اعتقد وزير المالية السابق، د. عز الدين إبراهيم في حديثه لـ(الصيحة ) إن إيلا يملك الكاريزما والقدرة على إدارة الملفات الاقتصادية وعلى مواجهة التحديات، واستدل بخلفية التنمية بولايتي البحر الأحمر والجزيرة، واعتبر أن قرار تخفيض الرسوم الجمركية إلى (15) جنيهاً قد يبدو للوهلة الأولى قراراً صائباً، إلا أنه يفترض ألا يأتي هذا القرار منفرداً لجهة إمكانية مساهمته في الإخلال بالميزانية خاصة وأن الميزانية وُضعَت على (18) جنيهاً للرسوم الجمركية، وقال إبراهيم إن ذلك يبين بوضوح (انفراد) إيلا بالقرارات، وكان يمكن أن يأتي عقب عرضه على البرلمان.
إلى ذلك، ذهب د. إبراهيم الى أن هنالك الكثير من الملفات التي تتعلق بالمواطن تنتظره، خاصة في ظل تدهور الاقتصاد، وعدم كفاية الصادرات بما يتناسب مع حجم الاقتصاد، مشكلة السيولة، ومشكلة الخبز، منوها الى التوجيهات التي أصدرها رئيس الوزراء القومي محمد طاهر قبل يومين بفتح استيراد القمح الشيء الذي سيساهم في استقرار الخبز بالبلاد.
تقرير: نجدة بشارة
صحيفة الصيحة.