ظاهرة تمددت في الخرطوم .. موائد بيت البكاء .. أصناف مختلفة و(زيادات) حاضرة

عندما تأخذك قدماك إلى أداء واجب عزاء تزامناً مع وقت وجبة الغداء، وترى هناك دكبة داخل الصيوان، والكل يجلسون حول موائد الطعام، وشباب يقومون بالخدمة على الجالسين، وتسمع عبارات من شاكلة (زيد لحمة هنا، جيب صحن قيمة هنا، هناك عايزين زيادة ملاح قرع، شوف الطباخ يزيد ليك رجلة)، تصاب بشئ من الدهشة وتضطر إلى أن تتجول بنظرك بحثاً عن أبناء المرحوم أو أشقائه، إلا أنك لن تتعب، فهم ينزوون في ركن وتكسوهم علامات الحزن والفقد، ومن حولهم الناس يضحكون ويأكلون.. هذه المشاهد التي باتت تتكرر بكثرة.. (آخر لحظة) استطلعت عدداً من المواطنين حولها، وهل بالفعل نستطيع القول إن عبارة (ميتة وخراب ديار) هي أصبحت تجسد الواقع الآن!! فمعاً نطالع ما قالوه..

بداية التقينا أمنية التي قالت: إن مثل هذه الظواهر هي جديدة في المجتمع السوداني، ولم تكن موجودة من قبل، فكانت الفكرة هي المواساة والوقوف مع أسرة المتوفي، إلا أن الحال الآن تبدل وأصبح الناس يأتون للأكل والاسترخاء والاستمتاع بالونسة، و(الشمارات)، وحديثي هذا يشمل الجنسين، رغم أن هذا أمر كان يخص النساء في السابق، وأضافت قائلة: الأمر لم يتوقف عند (الطباخ) فقط، فهناك ست الشاي في بيت البكاء عاملة أجنبية للقهوة، وجميعها ظواهر جديدة.

أحمد ير: أن لا غضاضة في الظاهرة، وقال إن يأكل الناس في بيت العزاء، أو يقوم أهل المتوفي بجلب طباخ، فهو ليس ميتة وخراب ديار، كما يرى البعض، بل هي حسنات تصل للمتوفي في قبره، فكلما أكل أكبر عدد من الناس في عزاء المتوفي كانت دليل بركة وحسنات، وأضاف النساء لم يعدن كالسابق في حب (الشغلة) في بيت البكاء، ويتماطلون في إعداد الطعام، وهذا ما يدفع ببعض الأسر إلى الاستعانة بطباخ، وليس من باب أي شيء آخر.

الخبير النفسي والاجتماعي دينا محمد قالت: إن الوضع الاقتصادي هو ما دفع بالناس إلى الحرص على الذهاب للمناسبات وتناول الوجبات، ليس لجودة الطعام أو للذته، وإنما افتقاداً للـ(اللمة)، التي ساهمت الظروف في انحسارها، فلم يعد هناك زيارات بين الأهل إلا للضرورة القصوى، ففي السابق كان الناس يذهبون خميس وجمعة لأسرهم، وكانت هناك التجمعات الأسرية والرحل، إلا أن جميع هذه المظاهر الآن اختفت بفعل الظروف، أما فيما يخص الطباخ، ففي رأيي هو لسرعته في إعداد الطعام وحتى (ينستروا) أهل المتوفي، خاصة وأن هناك معزيين يأتون من أماكن بعيدة، وأحياناً سفر، لذلك لابد من أن تتم ضيافتهم بصورة جيدة.

الخرطوم: (صحيفة آخر لحظة)

Exit mobile version