إعلاميون

[JUSTIFY]
إعلاميون

ليس رجال الإعلام هم فقط من ينتسبون للأجهزة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمشاهدة. إنهم أيضاً شخصيات لاعلاقة لها بهذه الأجهزة ولايعملون ضمن طاقمها، أفدت هذه الفكرة من مشاهدتي لبرنامج (صحتك) الذي يعده ويقدمه البروفسور مأمون حميدة حول (الذبحة الصدرية) مع طبيبين اختصاصيين بدا من خلال حديثهما انهما عملا في إنجلترا وإيرلندا.
مثل هذا النوع من البرامج يحتاج إلى (إسكربت) مشوق حتى ينشد المشاهد له، ويجب أن يحوي عناصر مفاجآت ويستعرض حالة ثم يقدم حلاً أو رؤية.
أجاد بروفسور مأمون بحنكة هذا الدور وفق عناصره التراتبية، وقدم مع ضيفيه حلقة في منتهى الحرفية والإمتاع حتى تحسست شراييني من دقة مافاضت من معلومات طبية تغيب تماماً علينا.
لم يكن البروف يبدو طبيباً، كان في كامل هيئة الإعلامي المتسائل والمشكك الذي يمسك بفكرة يعرف كيف يصوبها وإلى أين تتجه وماذا ستصيب، وتخللت الحلقة معلومات حول التغذية التي تضمن سلامة القلب والشرايين بطريقة علمية لا تقبل القسمة على جوهرها.
لأن بى (بارانويا) فإنني أعد نفسي من أكثر خلق الله انجذاباً لمثل هذه البرامج، بل تلك برامج أفضلها على البرامج الثقافية، لكن مشكلتي في مقدمي تلك البرامج، فهم لايتبعون الطريقة الإعلامية الجاذبة التي تجعل منها برامج مشاهدة، لكن البروف أجاد وأجزل وفاض وتدفق.
أهم ما خرجت به من تلك الحلقة الاستثنائية هو الدور التخريبي المدمر للشرايبن الذي تنهض به (الكوارع) فخاطبت كل ظلف بأنه أصبح عليّ منذ اليوم كظهر أمي.
في ضفة أخرى يشجيني الدكتور عمر خالد فهو صاحب طريقة أهم ركائزها التشويق والمباشرة ويدخل الشعر إذا كانت الحلقة عن العيون بدءًا من جرير حتى (حلوه عيونك فيهم روعة) يسنده في ذلك حسه الدرامي وعلاقته العضوية بالأدب في جنسه الشعري ومريخيته الصارخة التي لا أدري أحوال قلبه العاشق بعد خسارة المريخ المخجلة مع كمبالا سيتي.
د. عمر خالد أيضاً إعلامي لا يحوم حوله شك يعرف كيف يمسك بخاصرة الموضوع الطبي، ثم يبعثره أسئلة، ويحشوه تشويقاً، ويقدمه على طبق من عبير الأذن السامع والمشاهد.
ثم بروف آخر هو أحمد محمد علي إسماعيل الذي تستضيفه قناة النيل الأزرق أسبوعياً ليرينا كيف نصون الجسد، وماذا نأكل، وفي أي نقتصد، وفيما نسرف، طريقته تجمع بين سلاسة السرد المشهدي ودقة المعلومة والوثوقية المستيقنة التي يرسم بها همزة الوصل الواعية بين الطب والمتطبب.
هؤلاء إعلاميون من طراز رفيع أتابعهم بشغف وأحرص على برامجهم مثلما يحرص مقدمو برامج أخرى على إيذائي والإنحطاط بأذني والتلاعب بوجداني.

[/JUSTIFY]

أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني

Exit mobile version