أود في البداية أن أهنئ الاخ محمد طاهر أيلا على الثقة التي نالها بتعيينه رئيساً للوزراء، وهي مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة على رجل يتكئ بل و(يتوهط) على خبرة طويلة ومتراكمة ومتنوعة في العمل التنفيذي والإداري ستسعفه ، بلا ريب، في التصدي لكثير من المشكلات والتحديات الكبرى التي ستواجهه في موقعه الجديد.
عجيب أنه من بين كل ولاة السودان لم اختلف إلا مع اثنين من أعظم الولاة، هما من خصصت لهما مقال اليوم!
> قصتي مع أيلا تذكرني بتجربة مماثلة مع الأخ أحمد هارون الذي بلغ الخصام والملاسنات بيننا عبر المقالات الصحافية حين كان والياً على جنوب كردفان، درجة رفع دعاوى قضائية في مواجهتي ثم تحول ذلك الصراع، ويا للعجب، الى صداقة عميقة واحترام متبادل بعد أن تولى ولاية شمال كردفان حيث بهرني الرجل بقدرته الفريدة على الإنجاز وبنفيره غير المسبوق الذي أشرك فيه حتى ستات الشاي، مما جعلني أتمنى في بعض اللقاءات وربما الكتابات، استنساخ الرجل ليكرر تجربته في ولايات ومواقع أخرى.
> احتدم الخلاف بيننا أيام ولايته على جنوب كردفان حول أسلوبه في التفاوض مع الحركة الشعبية (قطاع الشمال) التي كانت تشاركه في إدارة الولاية عبر نائب الوالي عبد العزيز الحلو، وأذكر أن وزير الخارجية الحالي د.الدرديري محمد أحمد عقد جلسة صلح بيني وأحمد هارون في منزله حول مائدة عشاء.. لا أقول إني كنت محقاً في موقفي أيام الخلاف فكلها اجتهادات مأجورة إن شاء الله بالرغم من أني أعتبر ما خالفته حوله أكبر مهددات هوية السودان، وأعني به مشروع السودان الجديد الذي صنعه قرنق ولا تزال الحركة الشعبية (قطاع الشمال) عبر الحزب الشيوعي وواجهاته تعمل من أجل إنفاذه ولا أدل على ذلك من أن يتولى الشيوعي محمد يوسف القيادي بقطاع الشمال (جناح عبد العزيز الحلو) قيادة تجمع المهنيين الذي يدير الاحتجاجات والتظاهرات التي اشتعلت في عدد من ولايات السودان وربما أعلق قريباً على بعض تصريحات محمد يوسف التي أدلى بها مؤخراً حول توجهاته العلمانية خاصة علاقة الدين بالدولة وهي القضية الأساسية التي يقوم عليها ذلك المشروع البغيض الذي يتولى الدفاع عنه الحلو قائد محمد يوسف بخطابه العنصري والإقصائي، وأعجب أن يتسلل مشروع الحلو إلينا عبر تابعه محمد يوسف!
> الآن يعود أيلا الى الخرطوم في موقع خطير ليواجه تحدياً كبيراً بعد سنوات قضاها في ولاية الجزيرة الخضراء.
> احتدم الخلاف بيني وبين أيلا قبل نحو عام ونيف عندما حل المجلس التشريعي المنتخب في ولاية الجزيرة وقد سطرت حيثياته في عدد من المقالات الملتهبة.
> علاقتي مع أيلا قديمة فقد عاصرني او قل عاصرته – لافرق – أيام الطلب في جامعة الخرطوم ثم في الدفاع الشعبي (دفعة الفاروق4) بالقطينة عام 1992 ثم عملنا في مبنى واحد أيام الاستوزار .
> تركز خلافي مع إيلا على صراعاته مع قيادات حزبه والذي تصاعد حتى حل المجلس التشريعي!
> فور أدائه القسم وعد أيلا ببذل كل وسعه في سبيل إنجاح مهمته الصعبة وليس من الخلق القويم أن أقدح في الرجل جراء خلافي القديم معه. فللرجل عطاء وفير في ولايتي البحر الأحمر والجزيرة التي انتقل إليها بعد أن سبقته إليها سمعته العطرة ومهدت له الطريق وأحدث فيها ما سيخلد ذكره فيها وليت أيلا يستصحب ما أخذ عليه في تجربته السابقة خاصة إعمال الشورى فلا خاب من استشار ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين آمر من رب العزة سبحانه حتى بعد هزيمة أحد التي تسبب فيها بعض أصحابه، بقول ربنا: «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ».
> تعهد أيلا فور أدائه القسم بإقامة العدل بين الناس ومعالجة قضاياهم ومكافحة الفساد وبالاهتمام بقضايا الشباب، وأؤكد له أنه سيجد منا كل الدعم فما كان خلافنا شخصياً، إنما حول قضايا وطنية وسنطوي كل خلاف ونبدأ من جديد آملين أن يوفق في مهمته الكبيرة التي تحتاج الى بذل وعطاء هو أهله.
> يعلم أيلا أن الرئيس تعهد بأن يكون على مسافة واحدة بين جميع القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني الذي (كان) حاكماً وذلك يتطلب الحياد الكامل بين الجميع بعد أن انتقلت السلطة بالكامل للرئاسة ولرئاسة مجلس الوزراء ولم يعد الوطني حزباً حاكماً.
> أما أحمد هارون الذي يحظى لدى رئيس الجمهورية بنفس الثقة التي يتمتع بها أيلا فإنه في الغالب سيكون مساعداً لرئيس الجمهورية ليتولى ملف التفاوض مع الحركات المسلحة والأحزاب الممانعة، كما أنه ربما يتولى رئاسة المؤتمر الوطني بالتفويض على أنه في هذه الحالة سيكون الفرق بينه وبين فيصل حسن إبراهيم أن أحمد لن يخلط مهمته التنفيذية في القصر بمهمته السياسية كرئيس للحزب وفي الغالب سيعين خلال يومين من قبل المكتب القيادي للوطني نائباً لرئيس الحزب ثم يمنحه رئيس الجمهورية تفويضاً بتولي رئاسة الحزب ريثما ينعقد المؤتمر العام ليجيزه رسمياً.
الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة