رحب خبراء اقتصاديون ومختصون بخطوة مجلس الوزراء بخفض قيمة الدولار الجمركي، ووجد القرار ارتياحاً وترحيباً من القطاعات الاقتصادية، ويعد القرار تدشيناً حقيقياً لتطلعات الإصلاح الاقتصادي التي أكدت الحكومة جديتها حيال تطبيقها مؤخراً. في ما سيرد تالياً سنرى الأثر المتوقع للقرار وما سيحققه من فوائد للاقتصاد الكلي..
بشريات إيجابية
أمس، كشف رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني، سعود البرير، عن موافقة مجلس الوزراء على خفض قيمة الدولار الجمركي بنسبة 20%، وتخفيض قيمة الأرضيات بالميناء بنسبة 50% للفترة من الأول من فبراير الجاري وحتى اليوم الخامس والعشرين من فبراير الجاري بالاضافة لإعفاء كل مدخلات الإنتاج والحاويات الشخصية من فورم الاستيراد.
وقال البرير، فى تصريح صحفي عقب لقائه رئيس مجلس الوزراءمحمد طاهر أيلا، أمس، إن أهم القرارات التي خرج بها اجتماع الاتحاد مع رئيس مجلس الوزراء تمثلت في الاتفاق علي تخفيض قيمة الدولار الجمركي بنسبة 20% ” أي “من 18 جنيهاً الى 15 جنيهاً” وتخفيض تسعيرة قيمة الأرضيات بالميناء بنسبة 50% للفترة من الأول من فبراير الجاري وحتى اليوم الخامس والعشرين من فبراير الجاري بالإضافة الى إعفاء كل مدخلات الإنتاج والحاويات الشخصية من فورم الاستيراد، وأعلن عن بشريات إيجابية للقطاع الخاص الوطني وللاقتصاد الوطني متمثلة فى عدد من القرارات و الإجراءات الاقتصادية الإيجابية التي اتخذتها الدولة، وقال إنها ستسهم في تحريك وتنشيط قطاعات الأعمال وتحريك ودعم الاقتصاد الوطني.
ترحيب القطاع الخاص
وأكد البرير ترحيب القطاع الخاص بتلك الإجراءات والقرارات الإيجابية باعتبارها ستسهم فى معالجة وحل كثير من الإشكاليات ودعم الاقتصاد الوطني، بجانب تأثيرها الإيجابي على القطاعات الإنتاجية والحركة التجارية وتسهيل انسياب السلع والعمل بحرية وخفض تكلفة الإنتاج، موضحًا أن الاجتماع ناقش عددًا من القضايا الاقتصادية الملحة ووصف الاجتماع بالإيجابي وحمل الكثير من البشريات الداعمة للاقتصاد الوطني مؤكدًا استعداد القطاع للتعاون بغية المساهمة فى إنجاح خطط وبرامج مجلس الوزراء فى المجال الاقتصادي.
بشكل عام، تمثلت التوقعات في أن يسهم القرار في المساعدة على استقرار سعر الصرف وتحسين معاش الناس وكبح معدل التضخم وزيادة في حركة الصادر والوارد وتهيئة البيئة المناسبة لنمو الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاعات الاقتصادية.
خفض غير كافٍ
ويقلل الخبير الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان من التخفيض الجزئي لقيمة الدولار الجمركي، موضحاً أن حجم الأزمة التي يمر بها اقتصاد البلاد يتطلب معالجات أكبر من ذلك، قبل أن يرحب بالقرار ويصفه بـ “الجيد”.
وقال الفاتح لـ “الصيحة” أمس، أن التخفيض بنسبة “20%” غير كاف، معتبراً أن المطلوب حزمة كاملة لمعالجة تشوهات الاقتصاد الكلي، وشدد الفاتح على الحكومة ألا تتوقع انخفاضاً سريعاً وكبيراً في أسعار الصرف، لافتاً إلى أن ذلك يستلزم إجراءات أخرى مصاحبة ومنها امتلاك الحكومة لاحتياطي مقدر وكافٍ من العملات، وتوقع عدم تأثير القرار على خفض أسعار السلع إلا بالقدر الذي تنخفض به أسعار الدولار.
ويرى الفاتح أن ارتفاع أسعار السلع وزيادة سعر الصرف كان بنسب تفوق كثيراً نسبة زيادة الدولار الجمركي، موضحاً أن رفعه كان 18% فيما ارتفعت أسعار السلع أكثر من 300% وتضاعف سعر الصرف لأكثر من 100%.
محاولة سابقة
على عهد رئيس الوزراء السابق، معتز موسي، وتحديداً في ديسمبر الماضي صدر تأكيد رسمي منه باتجاه الحكومة لتعديل الدولار الجمركي في موازنة العام المقبل، وفي ذلك الوقت أعلن معتز حينها، عن شروع الحكومة في دراسة مراجعة سعر الدولار الجمركي مقابل الجنيه، وقال إن ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملة الوطنية يتسبب في ارتفاع الأسعار بما فيها الطماطم وتابع: “دي حكاية مربكة ولا طريقة للحل، ومراجعة الدولار الجمركي قيد الدراسة” قاطعًا بعدم انخفاض الأسعار مرة أخرى بعد ارتفاعها.
وحينها قوبلت الخطوة بترحيب وإجماع من خبراء الاقتصاد ونواب البرلمان قياساً بالأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ مطلع هذا العام، وهي أزمات لعب فيها قرار رفع الدولار الجمركي دورًا رئيسًا ولكن مرور موازنة 2019 دون تعديل أثار الشكوك حول جدية الحكومة في الخطوة.
وقبل ذلك التوقيت بشهرين قدمت هيئة الجمارك مقترحاً لمراجعة قيمة الدولار الجمركي وخفضه في موازنة 2019، بعدما رفعته موازنة العام الحالي إلى 18 جنيهًا بدلًا عن 6.9 جنيهات في السابق، وجاء مقترح الجمارك نتيجة لتراجع مساهمة الاستيراد في موازنة الدولة إلى 46%، بعد تدني الواردات بنسبة 20% نتيجة لرفع الدولار الجمركي.
توقعات إيجابية
وتوقع رئيس اللجنة الاقتصادية بتشريعي الخرطوم، عبد الله سيد أحمد، أن يسهم القرار في دعم توجهات الحكومة الإصلاحية، موضحاً أن التوقعات تشير لتأثير إيجابي على أسعار الصرف وعلى مستوى الأسعار.
تبعات سالبة
لعل ما قيل عن سلبيات تطبيق الدولار الجمركي بعد رفعه يكفي، وقال عنه خبراء الاقتصاد ما لا يحصى ولا يعد من انتقادات، مما جعل الخطوة لا تجد التأييد من كل المختصين وهناك شبه إجماع على ضررها، وأبرز السلبيات تمثلت في ارتفاع أسعار بعض السلع بنسبة 300 في المائة، وزيادة التضخم إلى مستويات قياسية لم يبلغها من قبل، وشهدت الأسواق انفلاتاً كبيراً أدى لعجز المواطنين عن الحصول على احتياجاتهم الأساسية.
صحيفة الصيحة.