شخصية أصبح الجدل حولها كثيراً لارتباطها بالكثير من الأحداث والملفات الساخنة. سطع نجم الرجل بطريقة مختلفة عنوانها التنمية والسلام والنهضة، وما بين شمال كردفان وجنوبها كان ذات الرجل يبدع بشكل مختلف. وما بين الشرطة الشعبية ووزارة الداخلية والشئون الإنسانية كانت بعض الملفات الخاصة موضوعة بين يدي الرجل مما زاد تجربته وأوسع مداركه للأشياء فجعلت منه شخصاً يتحدث بلغة الناس أينما كانوا ويكسر حاجز الجمود بالبساطة فأوجد لنفسه مكانة بين الناس فهو رجل كل المراحل والظروف بعد تعيينه نائباً لرئيس حزب المؤتمر الوطني ومساعداً لرئيس الجمهورية.
البداية الباكرة(1)
أحمد هارون تدرج في مراحله التعليمية في مدينة الأبيض قبل أن ينتقل لمدرسة خور طقت الثانوية القومية التي شكلت الكثير من ملامحه القيادية لما كانت تتمتع به من نظام صارم وحسم في الداخليات وأن تكون رئيساً لداخلية فهو أمر ليس بالسهل ويعني أنك قادر على تحمل المسؤولية حيث اختير أحمد هارون وهو في عامه الأول رئيساً لداخلية (ضيف الله)، و في العامين الثاني والثالث تم التجديد له أيضاً رئيساً لذات الداخلية مما أهله لأن أن يكون لاحقاً رئيساً لاتحاد الطلاب السودانيين وهو خارج نطاق السودان يدرس القانون بجامعة القاهرة في مصر في العام 1988م. ويحكي عنه كثير ممن عاصروه أنه كان قوي الشخصية كواحد من القيادات الطلابية لأنه ذهب للقاهرة وهو يحمل كثيراً من أفكار الإخوان المسلمين وكادراً خطابياً مفوهاً يجيد الحديث في المنابر..
خلفية قانونية(2)
الخلفية القانونية التي يمتاز بها أحمد هارون جعلته يتجه للعمل التنفيذي حيث تولى رئاسة لجنة السلام والتنمية في ولاية جنوب كردفان عام 1995 وبعدها إلى الخرطوم في ذات النشاط عام 1998 في منصب المنسق العام للشرطة الشعبية في العام 2003 وزيراً للدولة في وزارة الداخلية حيث كان المسؤول التنفيذي عن ملف دارفور ثم أعفي من منصبه بوزارة الداخلية وتحول إلى منصب وزير الدولة بوزارة الشؤون الإنسانية في سبتمبر 2005 ضمن حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت بموجب اتفاق السلام الشامل.
استهداف خارجي3
أهم المحطات التي مر بها هارون، كانت هي الاتهامات التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية له بارتكاب جرائم في دارفور إبان عمله بوزارة الداخلية، وحينما صدر ذلك القرار أكد أن تلك الاتهامات لا تعنيه وكان واثقاً من نفسه، تلك الثقة استمدها من كونه قاضياً يفهم في القانون الدولي.
ملف المحكمة الجنائية الدولية جعل البشير قريباً من هارون، ونال تلك الثقة بجدارة بدليل أن كل ملف أسند له أنجزه بهمة عالية وهو ما جعل الرئيس يقول عنه في أكثر من مرة أن المجتمع الدولي أدرك قدرات هارون الكبيرة فأراد أن يعيقه من التقدم باتهامات الجنائية.
الكتمة والنجمة(5)
مع كل تلك التجارب، إلا أن فترة تعيينه والياً على جنوب كردفان كانت من أصعب التجارب وأقساها خاصة مع اندلاع التمرد في الإقليم في تلك الفترة في مايو 2009،فكانت أكبر الحوادث والمحن التى ألمت بهارون ما عرف وقتها وتداوله الناس على أوسع نطاق كمصطلح يدل على رمزية الحرب والشدة وهي (الكتمة) حيث أعلنت الحركة الشعبية حينها تذمرها من نتيجة الانتخابات بدعوى أن المؤتمر الوطني زور نتيجة الانتخابات خاصة وأن الحركة الشعبية كانت تراهن على ولاية جنوب كردفان باعتبارها إحدى المناطق التي كانت تعول عليها وخسارتها استفتاء واضح المؤدى بأن الحركة الشعبية ستعاني كثيراً في مسيرتها المقبلة سيما وأنها خرجت من محنة جديدة جراء انفصال الجنوب، فعانى هارون فيها أيما معاناة قبل أن يتم إعفاؤه في 2013 وتعيينه في الوقت ذاته والياً لولاية شمال كردفان بعد دخول قوات المتمردين إلى “أبوكرشولا” و”أم روابة”.
حظوظ ضعيفة(6)
يرى الكثيرون أن حظوظ الرجل غير متوفرة في الفترة المقبلة لأن يكون مرشحاً لرئاسة الحزب ومن ثم لرئاسة الجمهورية خاصة بعد الاتهامات التي وجهت له في العام 2007 من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف ضده وآخرين بينهم الرئيس عمر البشير، بتهمه ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ومع ذلك يرى كثير من المواطنين أن هارون لديه القدرة التي تجعله يكسب ود المواطن في كل الأماكن والأوقات لاستخدامه لغة المواطن البسيطة دون جواحز، فضلاً عن الشدة والصرامة، واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
الهجرة شمالاً(7)
جاء هارون من جنوب كردفان صوب شمالها التي كان والياً عليها مساعد رئيس الجمهورية السابق ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني فيصل حسن إبراهيم والذي تركها صوب الخرطوم مرة أخرى حيث تم تعيينه وزيراً لديوان الحكم الاتحادي ولكن ثمة أقاويل تتحدث عن خلاف غير معلن وقع بين أحمد هارون وفيصل في شمال كردفان ظلت آثاره قائمة حتى وقت قريب .
مبادرة جريئة(8)
يقول أحد المقربين بأن هارون في شمال كردفان يبدو أنه غيّر لغة الخطاب التي كان ينتهجها في الشق الجنوبي من عروس الجبال حيث أقبل بوجه مختلف في القول والفعل وتحول إلى رجل تنمية ونفير بدلاً من الحرب والعنف حيث نحج في ذلك الأمر أعانه على ذلك مقدرته الكبيرة على الإقناع، فكانت (نهضة شمال كردفان ) وانطلق شعار النهضة على لسان كل صغير وكبير وأصبح مثالاً ونهجاً لكثير من ولايات السودان المختلفة ولكن شمال كردفان تميزت بـ(موية -طريق- مستشفى و النهضة خيار الشعب).
ما ساعد هارون في مشروع النهضة هو وجود شخصية المشير سوار الذهب التي تجد القبول من الكل، فكان التحدي الذي وجد التفاعل من جميع أطياف المجتمع وأصبحت مشاركة (أصحاب الورنيش)في نفير النهضة شامة وعلامة خالدة تدل على نجاح المبادرة بتفاعل المجتمع.
الطريق _بس(9)
فيما يرى آخرون أن هارون أرهق مواطن شمال كردفان برسوم النفرة التي قالوا إنها ارتبطت بكل منافذ الخدمة مما شكل رأياً مختلفاً حول النهضة والنفير وبدأ التذمر يتسلل إلى نفوس المواطنين بأن (الحكاية) طالت دون رؤية واضحة لمشاريع ضخمة بحجم الأموال غير طريق الصادرات فيما يرى آخرون أن النفرة طالت مدينة الأبيض دون غيرها من المدن والمحليات.
ملاحقة مستمرة (10)
وعلها الأقدار والظروف هي ما يصنع الأحداث وحدها، فذات الظرف غير الطبيعي والذي جاء بهارون والياً علي شمال كردفان خلفاً للدكتور فيصل حسن إبراهيم هو ما جاء به مرة أخرى خلفاً لذات الرجل في قيادة الحزب نائباً لرئيس الحزب ولكن الناظر إلى شكلية الأوضاع والظروف التي تمر بها البلاد يرى أن ثمة خيارات تفرض نفسها للمرحلة المقبلة بأن ما يراه الناس مناسباً ويتفاعلون معه ,هو الأجدر والأحق بأن يكون عليهم وكيلاً وما دون ذلك سيوليه الناس ظهورهم .
إعداد: النذير دفع الله
صحيفة الصيحة