حالة الطوارئ.. هل يهزم إعلانها الفساد؟

وصف عدد من المحللين الاقتصاديين والأمنيين القرارات الرئاسية السابقة بحل مجلس الوزراء وإعلان حالة الطوارئ بالبلاد لمدة عام بالجيدة وتصب في صالح معالجة الإشكالات الاقتصادية المزمنة من فساد ومضاربات في العملة وتلاعب في حصائل الصادر، مدلين في حديثهم لـ(السوداني) بمقترحات عديدة للحكومة للاهتداء بها في الفترة المقبلة بالاستعانة بكوادر اقتصادية قيادية مؤهلة من التكنوقراط قادرة على إخراج البلاد من أزماتها الحالية بعيداً عن المحاصصة والعمل على حل كافة الإشكالات الاقتصادية المطلبية التي أزكت نار الاحتجاجات الشعبية بالبلاد منذ نحو شهرين لإيقافها بشكل كامل.

طوارئ مسببة
المستشار الأمني الفريق حنفي عبد الله أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والاحتجاجات الشعبية الأخيرة اقتضت إعلان الحكومة حالة الطوارئ لمعالجة هذه المشكلات ومواجهة الاحتجاجات بالاستعانة بطاقم حكومي من الخبراء التكنوقراط المتخصصين لإدارة الأزمات الحالية بصورة مثلى بعيداً عن المحاصصة كما حدث في الفترات السابقة وستكون حكومة مرنة رشيقة في حجمها وتخصصاتها.
ولفت حنفي إلى أن إعلان البشير لحالة الطوارئ هدف به مجابهة المشاكل الاقتصادية الآنية خاصة التدهور في سعر العملة وإنهاء المضاربات والأسعار غير الحقيقية السائدة في السوق الموازي والاستعانة في ذلك بصلاحيات قوانين الطوارئ لحسم السمسرة والفساد والمفسدين ومن يقومون باستغلال حصائل الصادر في تجارة وهمية.

المواطن السياسي
المحلل الاقتصادي د.هيثم فتحي أشار في حديثه لـ(السوداني) إلى أن تداخل وتعدد تأثيرات القرارات الرئاسية الإخيرة وإعلان حالة الطوارئ بالبلاد، مشيراً لصعوبة الأوضاع الاقتصادية الحالية واستمرارها بشكل متطور مما يؤثر سلباً على الاقتصاد، مؤكداً أن المواطن بات أكثر اهتماماً بالشأن السياسي بعد أن تفاقمت المشاكل الاقتصادية كندر العملة والخبز والمحروقات وغلاء المعيشة وهموم أخرى عدة تتعلق بشؤون وحياة المواطن البسيط، داعياً للبعد عن تشكيل الحكومة على أساس المحاصصة القبلية والحزبية والفئوية التي غلبت على تشكيل الحكومات السابقة وقادت البلاد من أزمة إلى أخرى، مشيراً لأهمية وجود وزراء تكنوقراط لديهم القدرة على اتخاذ القرار والمواجهة والإنجاز وعدم الخشية من المساءلة السياسية. معتبراً أن ذلك هو السبيل الوحيد لإخراج البلاد من عثرتها وإنجاز خطة التنمية وتحسين الخدمات، مطالباً الحكومة بعدم التردد في اتخاذ القرارات ومكافحة الفساد المالي والإداري وإصلاح أخطاء تنفيذ الكثير من خطط الإصلاح الاقتصادي.
وقطع فتحي باعتماد الاقتصاد على توفر الأمن والثقة التي يبحث عنهما المستثمر الأجنبي والوطني والمستهلك كذلك الذي يرغب في الاطمئنان عن أن دخله وعمله في أمان. لافتاً إلى إمكانية أن تلجأ الحكومة للوسائل التي تملكها من أجل ضمان الوصول إلى المواد الغذائية والأدوية والسلع الأساسية ومراقبة أسواق الصرف وزيادة مستويات إنتاج الشركات العامة والخاصة مع فرض إجراءات أخرى في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ملائمة للظروف، مشيراً إلى أن إعلان حالة الطوارئ يجعل كافة الاحتمالات مفتوحة.

مطالب المحتجين
المحلل الاقتصادي د. طه حسين أشار إلى ضرورة تركيز الحكومة عقب المستجدات الأخيرة وإعلان حالة الطوارئ على الإنتاج والبحث عن تمويلات لتغطية العجز جزئياً في السلع الضرورية وحل الأزمات الاقتصادية لوقف الاحتجاجات وترك السوق للعرض والطلب وتفعيل الحلول التي تم طرقها آلاف المرات وحل مشكلة الكاش وضبط السوق والتجار والسمسرة ووضع حد السلبيات في ممارسة بعض الشركات الخاصة.
ويرى الأكاديمي أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة الخرطوم بروفيسور إبراهيم أونور أن المشاكل الاقتصادية الراهنة بدأت اقتصادية وتحولت إلى سياسية بظهور موجة من الاحتجاجات الشعبية وما لم تحل المشكلة السياسية ويحدث توافق سياسي وتستجيب الحكومة لنداء ومطالب المحتجين، مشيراً إلى أن ما يعانيه الاقتصاد السوداني بدءاً بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية التي أنتجت تراكم الديون الخارجية وأزمة المصارف السودانية وإفلاس مؤسسات القطاع الخاص وتدهور قيمة الجنيه، كل هذه المشاكل سببتها الأزمة السياسية التي امتدت لأكثر من (4) عقود لم تنته بفصل الجنوب قبل (7) أعوام، مشيراً إلى احتمالات انتظارها لمصالحة قومية تشمل الشعب السوداني بأحزابه السياسية والمهنية والشبابية وقيام حكومة كفاءات غير مسيسة تعمل على توفير السلام في مناطق النزاعات المختلفة والاستعداد للانتخابات القادمة بحياد وشفافية ونزاهة، مما يتطلب من الحزب الحاكم تقديم تنازلات كبيرة على غرار حزب النهضة التونسي.
ودعا المحلل الاقتصادي د.بابكر محمد توم في حديثه لـ(السوداني) للحكومة للاهتمام أكثر خلال الفترة القادمة بالاقتصاد وتوسيع دائرة المشاركة فيه واستقطاب رؤية الكفاءات الوطنية في المؤسسات المالية العالمية والإقليمية والاستفادة من الأكاديميين والإلمام بالواقع الاقتصادي الفعلي الحقيقي وإيجاد حلول آنية ومستقبلية للمشاكل الاقتصادية والعمل على دعم ميزان المدفوعات وتوفير مبالغ مخصصة لتحسينه للوصول لاستقرار سعر العملة الوطنية.

الخرطوم: هالة حمزة
صحيفة السوداني.

Exit mobile version