لماذا اضطرب بعض قادة المؤتمر الوطني ولم يثبتوا كما ينبغي ، عندما أعلن الرئيس “البشير” مساء أمس الأول التخلي عن عباءة الحزب ، والتفرغ لحكم البلاد من منصة (قومية) هي رئاسة الجمهورية ؟!
ألم يكن بعضهم يحمّل الرئيس مسؤولية كل المشكلات السياسية والأزمات الاقتصادية خلال السنوات الأخيرة ؟
ألم يخرج البعض علناً رافضاً لفكرة إعادة ترشيحه رئيساً للجمهورية في العام 2020 ؟
ألم يهمس بهذه الرغبة ، تنحي “البشير” قبيل الدورة القادمة، العشرات من قيادات المؤتمر الوطني دون أن يُصرّحوا بها ، ويتجاسروا بإعلانها خوفاً وطمعاً ؟!
إذن .. ماذا تريدون اليوم ، وقد قرر أن يُخلي لكم مقعد رئاسة الحزب لتختاروا مَنْ تريدون ، وتقدمونه مرشحاً لكم في انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة ؟
هل تريدون أن يستمر الحزب راضعاً من أثداء الدولة ، متقلباً في امتيازاتها وحصاناتها واستثناءاتها ؟
أركزوا .. كما ركز بكم الشيخ الراحل “حسن الترابي” ، وخاض بكم بحر انتخابات الديمقراطية الثالثة في العام 1986م سابحاً عكس تيار عالي الأمواج ، فقد تكالبت عليه وعليكم جميع الأحزاب ، فنزلوا جميعهم ضده بمرشح (واحد) في دائرة الصحافة وجبرة ، هو القيادي الاتحادي “حسن شبو” ، فتفوقوا عليه بفارق ضئيل جداً ، مع أنهم كثرة وهو وحيد ، إلا من ثقته بربه ونفسه وشعبه وحزبه .
ورغم ذلك التكتل الفضيحة والتآمر القبيح ، حصلت (الجبهة الإسلامية القومية) على المركز الثالث في عددية نواب البرلمان ، بنحو (ثلاثة وخمسين) مقعداً ، بعد حزبي الأمة و الاتحادي الديمقراطي ، بينما لم يتجاوز عدد نواب الحزب الشيوعي السوداني (ثلاثة) نواب .. فقط ، بينما فشل حزب البعث العربي الاشتراكي المدعوم وقتها بمال غزير من عراق “صدام حسين” في الحصول حتى على مقعد (واحد) لا غير !!
في كل التجارب الديمقراطية في السودان يسقط (اليسار) ويصعد (اليمين) و(الوسط).
ولأن الشيوعيين ومن لف لفهم من قوى اليسار ، يعلمون علم اليقين أن الديمقراطية لن تحملهم أبدأ إلى مقاعد السلطة ، فإنهم يرفضون أية دعوة عجلى لانتخابات ، دون مشاركتهم في ثورة تنتهي بحكومة انتقالية يسيطرون عليها عبر واجهات النقابات مثل (جبهة الهيئات) في أكتوبر 1964، و(التجمع النقابي) في أبريل 1985 ، و(تجمع المهنيين) في 2019 .
تلك هي الخطة المكشوفة للحزب الشيوعي وحلفائه ، ولهذا كنتُ متيقناً أنهم سيرفضون كل ما جاء به خطاب “البشير” ، مهما قال ومهما فعل !
عليه ، فإن المطلوب من قادة وعضوية المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية أن يركزوا ، ويثبتوا ، ويقوموا إلى حزبهم الذي ضعف وتكلس ، وتحول لحزب احتفالات واجتماعات غير منتجة ، ليستعدوا لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة ، ينافسون فيها الأحزاب التقليدية والقوى الحديثة القادرة والواثقة من جماهيرها وتأثيرها على الشعب السوداني .
أما الجبناء .. والفاسدون .. والمترددون .. فلا مكان لهم في المرحلة القادمة .
سيدي الرئيس “البشير” ، لقد فعلت كل ما هو مطلوب منك .. والكرة الآن في ملعب هذه القوى الخائرة الخائفة .
في رأيي أن كل من يخرج للشارع بعد هذا الإعلان السياسي الكبير هو مخرب .. ومتآمر على الوطن .. واقصائي تصفوي يحلم في يقظته ومنامه بسحق الإسلاميين وطردهم من الساحة السياسية في السودان ، وهو حلم بعيد المنال.
الهندي عزالدين
المجهر