منذ الأمس اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك والواتساب) بالتحليل والتعليق عن ما سيتمخض عنه خطاب الرئيس، عمر البشير، بالقصر بعد أن تم الإعلان عنه عقب استمرار الأزمة السياسية بالبلاد واستمرار الاحتجاجات الشعبية، ليلة الأمس كانت الأكثر قلقاً وانتظاراً حيث أمسك كل السودانيين بجوالاتهم وجلس البعض أمام شاشات التلفزة في انتظار خطاب القصر، ولكن اجتماع مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الفريق صلاح قوش، مع قادة الإعلام ورؤساء تحرير الصحف والذي سبق خطاب القصر، خاصة وأن قوش بتصريحه بأن البشير لن يترشح كرئيس للمؤتمر الوطني، وأن البلاد ستكون تحت حالة الطوارئ وسيتم تشكيل حكومة كفاءات تدير البلاد إلى حين قيام الانتخابات يكون قد كشف عن ملامح جمهورية ثالثة تطل من جديد على المشهد السياسي لكن يظل السؤال حكومة الكقاءات سوف تعمل على خروج البلاد من أزمتها الراهنة.
حكومة الكفاءات
مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الفريق صلاح قوش، قال في تنويره للصحفيين إن الرئيس البشير سيوقف إجراءات تعديل الدستور التي تسمح له بالترشيح لفترة رئاسية قادمة، بينما سيكون رئيساً لجمهورية السودان، فيما سيلحق المؤتمر الوطني على رئيس آخر للحزب، مشيراً إلى أن البلاد ستكون تحت حالة الطوارئ بعد أن يتم حل الحكومتين المركزية والولايات وتشكيل حكومة كفاءات لإدارة البلاد، وموضحاً بأن الحكومة سوف تمضي في محاربة الفساد التحدي الأكبر.
قراءات وتحليل
المحلل السياسي، راشد التجاني، قال (لآخر لحظة) إن التغيير كان متوقعا نتيجة للأزمة الضاغطة على الحكومة وللحراك الشعبي في الشارع، وقال إن هذا التغيير في الحكومة هو استجابة لمطلوبات الشارع ولو بشكل جزئي وسوف يسهم في الاستقرار تدريجيا، وأضاف بأن لابد من الإسراع في تنفيذ السياسات والإجراءات خاصة ما يخص مفوضية الفساد وحسم الملفات العالقة وكذلك الاستجابة والتنفيذ لمطلوبات الحوار الوطني وإتاحة الحريات.
من جانب لم يذهب أيضا أستاذ العلوم السياسية بجامعة السودان والتكنولوجيا، البروف حسن الساعوري، عن تحليل دكتور التجاني، حيث توافق معه بأن القرارات التي اتخذها البشير قد لبت جزئية مهمة لمطالب الحراك الشعبي في الشارع، فرغبة البشير في عدم الترشح حسمت عودته مرة أخرى للسُلطة، كما أن تكوين حكومة كفاءات هو استجابة لتكوين حكومة انتقالية تكنوقراط، واعتبر الساعوري أن المهم في كل هذه القرارات هو مدى استجابة الحكومة الجديدة في محاربة الفساد، الذي هو أس المشكلة السياسية والاقتصادية وأضاف كذلك حل مشكلة السيولة وهما أخطر مشكلتين تواجه الحكومة الجديدة بحسب الساعوري، وأوضح بأن تخلي البشير عن رئاسة حزب المؤتمر الوطني، هو ايضا استجابة لبعض مطالب القيادات التي نادت بالتغيير داخل المؤتمر الوطني، وقال إن الحزب لديه قيادات سوف تكون عليها مسؤوليات مرحلية كبرى في إعادة الصورة الذهنية للحزب بعد أن اهتزت لدى الشارع السوداني، مشيراً إلى أنه حان الوقت ليكون الحزب حاضراً بصورة مغايرة ومتجددة مع هذه الأحداث بعد أن أتاح الرئيس البشير الفرصة لقيادات أخرى لتكون في الرئاسة، وختم الساعوري حديثه بأن إعلان حالة الطوارئ هو إجراء قانوني لمحاكمة المتظاهرين في حالة تحدي الحكومة.
التغيير الحقيقي
تجمع المهنيين السودانيين في أول ردة فعل له بعد القرارات الجديدة للرئيس البشير، أعلن التمسك بإعلانه للحرية والتغيير ومطالبة بتفكيك النظام ورحيل البشير، وتكوين حكومة انتقالية وأعلن مواصلته للاحتجاجات السلمية بينما لم يصدر من أحزاب المعارضة أي ردة فعل حتى كتابة هذا التقرير، في حين أكد القيادي بحزب الإصلاح الآن حسن رزق، (لآخر لحظة) بأن أي حل آخر غير تحقيق مطالب الشارع السوداني بسقوط ورحيل النظام غير مقبول، ولن يغير من الأزمة الماثلة الآن، وأضاف أن التغيير بالتبديل لن يجدي موضحا بأن لابد أن يكون التغيير حقيقياً وليس جزئياً.
مكافحة الفساد
في ذات السياق يرى مراقبون ومحللون سياسيون بأن قرارات الرئيس البشير، فيها كثير من الإيجابية لجهة أنها حققت مطلبين من مطالب الشارع السوداني، وهما عدم ترشحه مرة أخرى وعدم التعديل في مادة الدستور لترشحه لدورة جديدة، وكذلك تشكيل حكومة الكفاءات والتي ستكون من التكنوقراط لكن المحللين قالوا من الصعب الحكم على الحكومة الآن قبل أن تتشكل وتعمل على أرض الواقع، مشيرين إلى أن أهم تحدي سوف يواجه الحكومة الجديدة حل المشل الاقتصادي وقبل حله لابد من الانتهاء من ملفات الفساد والبدء في مكافحة الفاسدين الذين تسببوا في الأزمة الاقتصادية بتحكمهم في أسعار الدولار والسوق، معتبرين أن ما حدث هو خطوة نحو الحل وعلى القوى السياسية المعارضة أن تقرأ القرارات جيدا قبل أن تتخذ خطوة ضدها معللين ذلك بأن الوضع الآن مأزوم جدا ولابد من التنازل من سقوفات المطالب للوصول إلى نقطة وسطى.
تقرير : عيسى جديد
اخر لحظة