خلافات المهنيين.. العين على الكيكة

جاء في الأخبار، عن حُدُوث خلافٍ كبيرٍ بين قيادة التّجمُّع وتحالف الحُرية والتغيير بسبب رفض تَجمُّع المهنيين قُبُول أيِّ حزب بينهم خاصّةً حزب الأمة، واستثنى من ذلك المؤتمر السوداني والإصلاح الأن.. هذا الخبر أوجد مساحةً كبيرةً للتحليل وسط المُتابعين، لجهة أن الدّعوة التي قدّمها التّجمُّع لمنسوبيه بالخُرُوج للتظاهر في الخرطوم لم تشهد استجابةً واسعةً وقد قرأ أيضاً بعضهم هذا الاتجاه، لجهة أن الخلافات التي حدثت وسطهم أصابت الكل بالأعياء، وأدّت إلى عدم استجابة الشباب لظُهُور الخلافات بحسب الخبر وسط القيادات الحزبية وقوى تجمُّع المهنيين حول تقسيم وتوزيع الكيكة بعد الإشعار الذي أعلنه الوطني بإجراء تغييرٍ وسط كابينة قيادته، ما قرأه البعض بنجاح القوى المُعارضة في أهدافها.. هذه القراءات مُجتمعةً وضعناها على طاولة د. ربيع عبد العاطي القيادي بحزب المؤتمر الوطني والدكتور أسامة توفيق القيادي بالإصلاح الآن، أحد أحزاب التغيير، وقد أدلى كل منهما بإجابات قاطعة تُعبِّر عن الداخل الحزبي لكليهما.. فإلى نص المواجهة:-

القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي لـ(الصيحة):

*- تَجمُّع المهنيين افتراضيٌّ واختلافاتهم مع قوى التغيير نتيجة لهذا الخليط غير متجانس

*- هناك فرقٌ بين من يختفي وهو موجودٌ في ضمير الناس وشخص آخر افتراضي

*كيف تنظر للخلافات التي ضربت تجمُّع المهنيين؟

مسألة الاختلافات داخل تجمُّع المهنيين وأحزاب التغيير ما هي إلا عبارة عن مُغالطات، لأنّ ما يُسمى تجمُّع المهنيين هو تجمُّع افتراضيٌّ، وهؤلاء إذا قرأت تاريخهم فإنّهم خليطٌ غير متجانس وبعض الخليط في الحقيقة افتراضي، وعلى هذا قس، فالمسألة تُفسِّر نفسها بنفسها، لذلك إذا كان هناك خبرٌ يُشير إلى وجود خلافات، فأعتقد أنّ الأمر حقيقة نتيجة لهذا الخليط غير المُتجانس.

*هل حقيقة هناك اختلافاتٌ أم هي من صنيعة الحزب الحاكم وحرب نفسية لقوى التّجمُّع المُعارض؟

العَالم الافتراضي دَائماً هذا هو حاله يفترض كُل شَيءٍ، خلافات وانقسامات وتورُّط جهات أُخرى في هذا الأمر بالإشارة إليهم كما هو حالهم مع الوطني، وأؤكد لك جازماً بأنّ ما يحدث هو الواقع للمسائل الافتراضية.

*يقال إنّ هناك اعتقالات طالت قيادات الأحزاب المُتضامنة مع المهنيين.. ألا يخالف هذا ما تقوله؟

مسألة الاعتقالات هذه شأنٌ آخر، فهو مَسألةٌ يحكمها القانون إذا كان هُناك تَسويقٌ قانونيٌّ لذلك، ولكن افتكر بالنظر إليهم سياسياً تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى فيما يلي ظهورهم مع بعض، فهم غير متجانسين ومسألة اختلافهم هذه لا نفتي فيها كثيراً.

*تصفون تَجمُّع المهنيين بـ”التّجمُّع الافتراضي” نتاج اختفائهم.. والإسلاميون في بعض أيّام نميري كانوا مُختفين.. أين العيب في ذلك؟

هُناك فَرقٌ كَبيرٌ جداً بين مَن يختفي وهو موجودٌ في ضمير الناس، وشخص آخر افتراضي غير معلوم لدى الناس، فرقٌ كبيرٌ جداً كان ينبغي أن يكون معلوماً ثم يختفي مثل ما حدث للأستاذ علي عثمان محمد طه، لا توجد مقارنة.. فلا يُمكن أن تخفي نفسك وأنت جسمٌ افتراضي ثم تختفي، هذا كله خيالات ومسألة افتراضيات يا أخي.

*هل نجح حقيقة تجمُّع المهنيين في أهدافه، ولذلك استجاب لهم الحزب الحاكم بإجراء تعديلات وتغييرات في بعض مواقعه؟

مسألة النجاح والفشل لا تطلق هكذا، فهم يقولون” تسقط بس”، والحكومة لا زالت قائمة ومُستمرة، فأين نجاحهم إن كان هذا هو هدفهم..؟ أما مسألة التغييرات التي يجريها الحزب فهي ربما نتجت عن تحديات، ودائماً النجاحات تُحدّد وتُقاس بناءً على التخطيط الذي تمّ ودرجة تحقيقه، وفي كثير من الأحيان أن ترى أهدافك تتحقّق بياناً أمام ناظريك وهذه كلها يُمكننا قراءتها نسبةً لأنّ المسائل كلها افتراضية، أن تفترض أنك حقّقت نجاحاً.. فالوطني ليست هي المرة الأولى له يقوم فيها بتغيير كابينة قيادته، ورغم ذلك هناك تحديات شُح السُّيولة وأزمة وقود وخُبز، قضايا كثيرة تلزم الحزب بإجراء هذه المراجعة وليس عيباً.

*هل لا زال الوطني على موقفه في الحوار مع قيادات قوى التّغيير وتجمُّع المهنيين؟

الحوار مَبدأ دائمٌ ومُستمرٌ، “فسد أذن بطينة وأُخرى بعجينة” أمام التحديات، هذا هو الخطل ولا بُدّ من مواجهة الحقائق وصولاً للأهداف المُبتغاة.. ولا أعتقد أن يكون لهذا الظرف سببٌ في التغيير الذي يجرى، ولا يُمكن أن تكون هناك معركة دُون مُعتركٍ، فكل يوم يكون هناك مُتغيِّرٌ ما يدعي بالضرورة أن يكون هناك فعلٌ يقبل هذا المُتغيِّر.. وافتكر على الحكومة والمعارضة جميعاً إذا كانوا يستهدفون النجاح أن يسعوا إليه بهذا الفهم.

*كيف تُقيِّمون المُبادرات السِّياسيَّة التي قُدِّمت وهل هي مَحل تَرحيبٍ لدى الحزب الحاكم؟

المُبادرات مطلوبة ولكن ليست على غرار أن لا أريكم إلا ما أرى، وإنّما العبرة في التواضع والاتّفاق مع الرؤية الوطنية والتداول السلمي للسُّلطة.. وإذا نظرنا لوجدنا أن الذين يُبادرون ليسوا هم الشعب السوداني، هم لا يمثلون إلا أنفسهم، ولكن يجب أن يكون الشعب هو المحطة التي يتحاكم عليها الكل.

*إذن تتّفق مع حقيقة الاحتجاجات؟

الاحتجاجات مسألة طبيعية جداً ومن غير الطبيعي، إذا حدثت على أيِّ نظام أن لا يقال بأن هناك خللاً.. فالذي حدث شيءٌ مُهمٌ جداً على الأقل كشفت الحقيقة، فهناك من يعارض لأجل المُعارضة، وهناك من يريد أن يُغيِّر، وهناك من يُريد في الحزب الحاكم أن يُصفِّي حساباته أو عكسه، هي مسألة طبيعية جداً ولا أجد فيها غرابة.

د. أسامة توفيق القيادي بالإصلاح الآن لـ(الصيحة):

*- من يتوقّع سُقُوط النظام بسُرعة لا يفقه ولا يفهم السِّياسة

*- اللعب الضاغط أول المُباراة.. وما بعدها تكتيكٌ

*- كان على تَجمُّع المهنيين إظهار أنفسهم ولكن لا ضير إذا احتكموا للتخفي

*ما هي حقيقة الخلافات التي ضربت صُفُوف تَجمُّع المهنيين مع مجموعتكم أحزاب التغيير؟

كل قيادات الأحزاب التي ذكرتها اليوم كانوا في باحة مسجد فاروق في قيادة التظاهرات، ووجودهم مع بعض يعني لا توجد أيِّ اختلافات، وما رشح من خلافات غير حقيقي.

*إذن ما هي الحقيقة؟

الحقيقة تثبت أنّ القيادات كانت مع بعض، والحال الآن على أرض الواقع لا توجد خلافات.

*تقول ذلك ولكن الجماهير لم تُلبِ النداءات كما كان يحدث قبلاً؟

أعتقد أنّ التظاهرات أدّت دورها ونجحت نجاحاً باهراً، فالمواكب تنتظم كل خمسة أيام مع بعض بسبب تحوُّل الخرطوم لثكنةٍ عسكريةٍ.

*تفرُّق القوى السياسية التي تنادي بإسقاط النظام ألا يدلل على عكس ما تقول؟

بالعكس القوى السياسية مُتّحدة، فكل التجمعات الداعية للتغيير تكونت مع الأحداث وأصبحت ثلاث كتل رئيسة، بجانب تيار المُستقبل وقد أهلكت النظام، بدليل أنّ المؤتمر الوطني أعلن عزمه إجراء تعديلات وأوضحت كذب عضوية الحزب بالاستجابة الفورية للشباب.

*ولكنكم رغم ذلك لم تستطيعون تحقيق أهدافكم؟

الدولة لم تستطع إجهاض العمل إلا باستخدام القوة والقبضة الأمنية ورغم تلك التظاهرات استمرت شهرين وفيها إضعافٌ كبيرٌ جداً للحكومة التي كانت كلها في حالة استعداد قصوى وأوقفت التعليم والجامعات، وهذا ينبيء أنّ “البصلة حمّروها وفضل شدّ الحلة” وكما ترى بروز المبادرات السياسية والعمل السياسي مِمّا يؤكد أنّ أولاد “السيستم” طلعوا جدعان ما شاء الله عليهم.

*لماذا إذن يخفي تجمُّع المهنيين نفسه.. ألا يُؤكِّد هذا صدقية حديث الوطني عن هلامية هذا الجسم؟

تخفي أسماء تجمُّع المهنيين وتجمعهم أمر سياسي لجسم نقابي مهني، ولكن من المفروض أن يعلنوا عن أنفسهم ويظهروا للناس، اتفق معك، ولكن إذا رأوا الحوجة إلى التخفي فلا مانع، فكل حزب يرى الأسلوب الذي يُوافقه، ونميري عندما قصدنا آخر أيامه، قام علي عثمان بإلاختفاء وفقاً للتخطيط، ولا أستطيع القول إنّ علي عثمان جبان لأن هذا تخطيط الحزب مثله مثل شيخ حسن عندما ذهب للسجن حبيساً وذهب الرئيس للقصر رئيساً، هذا كله أخي عمل تكيتيكي وفقاً للظروف، وحتى الزعيم نقد كان مُختفياً تحت الأرض (15) سنة ولم يهجُه أحدُ.

*هؤلاء كانوا معروفين للشعب ولكن قوى تَجمُّع المهنيين مَعروفٌ منهم محمد يوسف مصطفى فقط؟

هذا جسمٌ نقابيٌّ لمهنيين، ولا يُمكنك أن تحصي أسماء نقابة اتحاد عُمّال السودان غير الخمسة الأوائل.

*هناك اختلافات بين قوى التغيير وتَجمُّع المهنيين في الأهداف ما يُؤكِّد عدم وحدتكم وأنّكم مُجرّد جسم هلامي؟

هدفنا واحدٌ، ونحن يا أخي نرفع السقوفات لإسقاط النظام، ولكن إذا جلسنا للمفاوضات والحوار يبقى تنحي الرئيس هو الهدف.. مرحلة الشارع أدّت ما عليها فهي “سخّنت الطوة” وخلينا النظام في حالة عدم اتزان و”اللعب الضاغط أول المباراة” وبقية الزمن نقوم فيه “بتظبيط الدفاعات”.

*وهنا يكمن اختلافات قوى التغيير في توزيع الكيكة؟

لا يُوجد خلافات داخل هذه القوى كما قلت لك، وهدفنا كلنا واحدٌ، ومن الهبل والعبط أن نختلف في تقسيم الكيكة ونحن لم نُجهِّز الدقيق الذي تُصنع منه هذه الكيكة.

*ما هي رؤيتكم للمرحلة المُقبلة؟

المرحلة المُقبلة مرحلة التدخل السِّياسي، وبهذا فإنّ القوى الدولية بدأت تدخل مع القوى السياسية في حوار ، ولكنّي أؤكِّد لك من يتوقّع سُقُوط النظام وبسُرعة لا يفقه ولا يفهم السِّياسة.

*كيف تنظر للمُبادرات السِّياسيَّة التي قُدِّمت؟

أيِّ مُبادرة غير مُضمّنة ذهاب أو تنحي الرئيس تصبح أيِّ كلام.. هناك مُبادرات قُدِّمت من داخل المؤتمر الوطني مثل حديث أمين حسن عمر وتفنيده لمُبادرة عبد الله مسار، إضافة لسحب تعديل المادة (157) مِمّا يعني أنّ هناك شغلاً داخل الوطني.

أجراها: عبد الله عبد الرحيم
صحيفة (الصيحة) .

Exit mobile version