صعدت الحكومة من لهجتها مؤخرا متوعدة باتخاذ اجراءات قانونية ضد الأحزاب التي تدعو لاسقاط النظام.
*تواصلت الاحتجاجات التي يقودها تجمع المهنيين وفق جداول زمنية، وأعلنت الأحزاب المعارضة مشاركة قيادتها في مسيرة جماهيرية نحو القصر الخميس المقبل.
*يرى المراقبون أن “الكفة متوازية” بين الحكومة والمحتجين في هذا التوقيت، آخذين في الاعتبار عدم تمكن كل طرف منهما من تحقيق تفوق واضح.
* تتزايد الدعوات للقبول بالمبادرات السياسية المطروحة لحل الأزمة بدلاً من تمترس الحكومة في موقفها، والمحتجين في مطالبهم.
مع دخول الاحتجاجات في السودان شهرها الثالث، لم يحقق المحتجون ماخرجوا من أجله، كما لم يتمكن الحزب الحاكم من إخمادها نهائياً.
وتعد هذه الاحتجاجات هي الأضخم والأقوى التي يواجهها الرئيس عمر البشير منذ توليه السلطة بانقلاب مدعوم من الإسلامين بقيادة الراحل حسن الترابي في العام 1989.
التظاهرات التي انطلقت من مدينة عطبرة شمالي السودان، احتجاجاً على نقص الخبز وارتفاع سعره، تمددت لاحقاً في ولايات البلاد على مدار الشهرين الماضيين.
وطالها التغيير خلال تلك الفترة، فقد بدأت منددة بالغلاء ونقص الخبز وشح الوقود وانعدام السيولة وإرتفاع أسعار الدواء، وتحولت لمطالب بتنحي البشير وإسقاط النظام.
ويشهد السودان، منذ 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، احتجاجات صاحبتها أعمال عنف، سقط على أثرها 32 قتيلاً، بحسب أحدث إحصاء حكومي، فيما قالت منظمة العفو الدولية، الأسبوع الماضي، إن العدد بلغ 51 قتيلا.
التصعيد الحكومي:
صعدت الحكومة مؤخراً من لهجتها تجاه الاحتجاجات، واتهمت أحزاب معارضة بأنها تسعى لتفتيت السودان من خلال استخدامها العنف تجاه الحكومة والمواطنيين.
وهذا التصعيد مبرر لدى المحلليين والخبراء باعتبار أنه جاء رد فعل لتوحد أكبر تحالفين للمعارضة، خلف “إعلان الحرية والتغيير” الذي يقوده تجمع المهنيين السودانيين (نقابي غير حكومي).
والأربعاء الماضي، ظهر تحالف “نداء السودان” و”الإجماع الوطني” إلى جانب تجمع المهنيين في أول مؤتمر صحفي مشترك لما سمي بقوى “إعلان الحرية والتغيير”
وتحالف نداء السودان بزعامة رئيس حزب الأمة القومي المعارض،الصادق المهدي، يضم إلى جانب أحزاب مدنية،حركات دارفور المسلحة “العدل والمساواة بقيادة جبريل، وتحرير السودان بقيادة مناوي” والحركة الشعبية/ قطاع الشمال،أما تحالف الاجماع الوطني فهو يضم أحزابا مدنية على رأسها الحزب الشيوعي وحزب البعث.
وبحسب الخبراء فإن ذلك الظهور لتحالفات المعارضة إلى جانب المهنيين الذي يقود الاحتجاجات، هو السبب الرئيس في ظهور وزير الدولة بالإعلام، مأمون حسن إبرهيم، القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، خلال 72 ساعة مرتين، متحدثاً عن أحزاب المعارضة والاحتجاجات، وأعلن الأحد، تصدي حكومته لممارساتها الخارجة عن القانون والدستور.
وذهب مأمون أبعد من ذلك حينما قال، إن “الحكومة شرعت في اتخاذ إجراءات قانونية في مواجهة أحزاب للمعارضة في “قوى إعلان الحرية والتغيير”، لدعوتها للعنف والإرهاب السياسي والفكري والتغيير بالقوة”.
وبحسب المراقبين فإن الحكومة استخدمت أكثر من أسلوب لمجابهة المحتجين مع استمرار تنوعت ما بين الحل الأمني طوال الفترة الماضية، يرافقه أحيانا اتهامات وتخويف يصاحبها أسلوب آخر يعتمد على سعيها لحل الأزمات والإقرار بالمشكلة الاقتصادية، فضلا عن تأكيدها على أن التغيير لن يكون بالتظاهر بل عبر صنادق الاٌقتراع في انتخابات 2020.
يضاف إلى كل ذلك تأكيدها على استيعابها لخروج الشباب في المظاهرات، وسعيها لحل مشكلة الشباب، باعتبارهم مستقبل البلاد، حسب المسؤولين الحكوميين.
توحد المعارضة خلف المهنيين:
لم تجد أحزاب المعارضة بدا من المشاركة في الاحتجاجات على كل مستوياتها، فبعد أن كان موقفها الرسمي أنها تدعم الاحتجاجات، تحول إلى ظهور رؤساء هذه الأحزاب وقادتها للمشاركة في الاحتجاجات.
وقد أعلنت قيادتها المشاركة في تظاهرة الخميس المقبل المتجهة للقصر الرئاسي، وتعتبر هي المشاركة الأولى المعلنة لرؤساء أحزاب المعارضة وقادتها في التظاهرات الاحتجاجية.
وبحسب الخبراء أن موقف أحزاب المعارضة ينسجم مع حراك تجمع المهنيين الأكثر فعالية لدى المحتجين، رغم اختلاف رؤية كل حزب للفترة المقبلة وكيفية حكم البلاد.
إلا أن البعض يرى أن هناك أحزابا قد تشق هذا الصف الموحد للمعارضة باعتبار أنها تريد حل الأزمة السياسية بما يجنب البلاد مخاطر التمزق، وذلك بالقبول بمبادرات تعطي الحكومة وحزبها الحاكم خيارات أساسها يقوم على تنحي الرئيس عمر البشير، وتشكيل حكومة انتقالية تضم أطراف عديدة من بينها حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
الكفتان المتوازيتان:
ويرى خبراء أن التوازن هو سيد الموقف بين الحكومة والمحتجين، فهما كفتان متوازيتان في الوقت الراهن، وما جعل المتظاهرين يكونون بذات قوة الحكومة، يعود للنفس الطويل للمتظاهرين.
ويراهن ناشطون ومحتجون على تجمع المهنيين في قيادة الاحتجاجات، وكذلك على قدرة المتظاهرين على إسقاط النظام بسلمية التظاهرات، التي يعلنون عنها ويبثون فديوهات لتحركاتهم الاحتجاجية على مواقع التواصل الاجتماعي، لهزم أي فكرة تتحدث عن تخريبهم.
أما الحكومة فترى أن أجل هذه الاحتجاجات شارف على النهاية، وتدعم ذلك بتصريحات مسؤوليها، وتؤكد دائما في أحاديث مسؤوليه في الشرطة السودانية بشكل شبه يومي على “هدوء الأحوال بجميع أنحاء البلاد إلا من تجمعات وتجمهرات صغيرة”.
وفي إفتتاحية صحيفة الصيحة الموالية للحكومة،الإثنين، وتحت عنوان ” جنازة ثورة نافقة” كتبت ” نفقت ثورتهم كجاموس بري، انتفخ بصديده لم تفد ملايين المنشورات على الفيسبوك وملايين الكتابات الناشزة”.
وقالت “الثورة لم تنجح بعد ولم تنجح، أو لم تنجح أبداً ولن تنجح”.
وأضافت” لقد كانت انتفاضة الشباب غضبة عبرت من أمام السلطة القائمة وفهمت الأخيرة مغزاها وعرفت أبعادها وتعكف لتلافي أسبابها”.
إلا ان المحلل السياسي والصحفي، ادم محمد أحمد، يرى أن الوقت حان للحل السياسي وذلك بفتح حوار أو تبني المبادرات المطروحة لحل الازمة التي تعيشها البلاد.
وقال في حديثه “للأناضول” إن الحكومة هي الأقرب للغلبة الأن في ظل انحسار الاحتجاجات، ما لم ينتهج تجمع المهنيين تكتيكات جديدة تغير من موازين القوة لصالحه”.
وأضاف ” الوقت قد حان لتبني أطروحات سياسية ونقاش جدي من خلال المبادرات المطروحة لحل الأزمة مثل مبادرة جامعة الخرطوم أو خلافها من المبادرات السياسية التي أعلن عنها”.
وفي 10 من فبراير/ شباط الجاري، أطلقت شخصيات سياسية وأكاديمية وقومية في السودان، تعرف بمجموعة الـ“52″، مبادرة تحت اسم ”الإصلاح والسلام“، للمطالبة بحوار وطني يفضي لحكومة انتقالية تتولى إدارة شؤون البلاد، لمدة 4 سنوات.
كما وقع في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، 541 من أساتذة جامعة الخرطوم (أعرق الجامعات السودانية)، على مبادرة أعلنوا فيها طلبهم تشكيل حكومة انتقالية.
وكالة الأناضول