تجمع المهنيين .. ما أشبه الليلة بالبارحة؟!

عندما شننا حملة شعواء على الحزب الشيوعي ورافده (تجمع المهنيين) الذي سطا على تحرك الشباب الثائر على الاوضاع الاقتصادية الخانقة لم نفعل ذلك اقصاء لهم كما فعلوا هم مع الاحزاب والحركات السياسية والكيانات المجتمعية التي لا تروق لهم او التي لا تتفق مع اجندتهم وتوجهاتهم السياسية ورؤاهم الفكرية انما لكي ننبه ونحذر من سلوك عرفوا به طوال مسيرتهم السياسية فقد كانوا في السودان وفي الدول التي حكموها بالحديد والنار قبل اندحار الشيوعية يمارسون عقيدة (الحرية لنا لا لسوانا) كما ظلوا يمارسون ذات النهج خلال فترات تمكنهم ايام الحكم المايوي ولا عجب ان يرفعوا ذات الشعار اليوم وقد امتطوا الحراك الثوري الحالي باسم تجمع المهنيين!

> نعم، انهم يكررون ذات الممارسات التي ادمنوها منذ ان ابتليت بهم هذه البلاد منذ ما قبل الاستقلال ولا يتعظون بما جره عليهم ذلك السلوك العدواني ولكن متى كان التطبع يغلب الطبع ومتى كانت الايديولجيات الاقصائية تفسح المجال لصوت العقل والحكمة وقبول الآخر؟
> لذلك عجبت الا يكتفوا بالسطو على الحراك الثوري و(يتوهطوا) على قمته بدون ان يتلقوا دعوة من الشباب الثائر انما لقيامهم بتنصيب انفسهم اوصياء عليه وحراساً لابوابه يدخلون عبرها رفاقهم ومعارفهم ويصدون من لا يرغبون فيهم خاصة من اعدائهم التاريخيين.
> حسناً فعل السيد الصادق المهدي إذ دعا نفراً من النخب يمثلون فئات مجتمعية مختلفة بخلفيات سياسية وثقافية ورياضية لكي يخرج من حالة الاستقطاب التي حاول اليسار فرضها عليه من خلال ما سمي بـ(قوى الحرية والتغيير) والتي انتهجت ذات الاسلوب القديم الذي تبنته (جبهة الهيئات) في اعقاب ثورة اكتوبر 1964 والذي يعمد الى اغراق الساحة بأكبر عدد من الواجهات الصغيرة المنتمية الى التيار اليساري العريض وتضخيم دورها ومنحها شرعية زائفة تستقوي بها في السيطرة على المشهد السياسي ولكن هل نجح ذلك الاسلوب القديم ام انه اسقط حكومة (جبهة الهيئات) الاكتوبرية بعد ثلاثة اشهر فقط من قيامها؟

> كرروا ذات الفعلة حين انشأوا (التجمع النقابي) في اعقاب ثورة ابريل 1985 التي اسقطت حكم الرئيس نميري وباءوا بالخسران المبين في الانتخابات الديمقراطية التي اعقبت تلك الثورة.
> اما الآن ، وقد سطوا على الحراك الثوري الاخير بدون ان يتعظوا بتجاربهم الفاشلة السابقة فقد انشأوا كياناً شبيهاً بسابقيه (جبهة الهيئات) و(التجمع النقابي) سموه بـ(تجمع المهنيين) وفي سبيل الاستقواء بحاضنة شعبية راسخة عقدوا تحالفاً او زواج متعة تكتيكياً مع حزب الامة سموه بـ(قوى الحرية والتغيير) حشدوا فيه واجهاتهم السياسية والمجتمعية الصغيرة لكي يحيطوا بالسيد الصادق المهدي ويسيطروا على حركته المستقبلية بالرغم من علمهم انه يصدر عن مرجعيات لا تتسق مع طروحاتهم الفكرية واجندتهم وتوجهاتهم السياسية وبالرغم مما يضمرون له من كيد إن سارت الامور وفق ما يشتهون.
> تأسيساً على هذه الخلفية انعقد اجتماع لتحالف قوى الحرية والتغيير بدار حزب الامة يوم الاربعاء الماضي تحدث فيه زعيم الحزب الشيوعي (الخطيب) وتابعه رئيس تجمع المهنيين، الشيوعي (محمد يوسف) باعتبارهما (اهل العرس واسياد الحفلة) واتباعهما من الكيانات والمنظمات اليسارية والعلمانية الصغيرة فشرقوا وغربوا وتطاولوا ووزعوا صكوك الغفران والبراءة والادانة، بل وحددوا مرجعيات المرحلة القادمة بذات الطريقة التي فعلوها وهم يصرخون ايام ثورة اكتوبر :

هتف الشعب من الاعماق
التطهير واجب وطني
او حين هتف شاعرهم كمال الجزولي :
ان نقتل اصبح اسهل من القاء تحية
ان نطلق في الرأس رصاصة
ان نغرس في الصدر الخنجر
> ذات الاحقاد الدفينة تتجدد وذات اللغة والسلوك الاقصائي ينبعث من جديد
> لذلك لا غرو ان يقفزوا نحو هدفهم الاستراتيجي الذي بذلوا فيه عمرهم والمتمثل في اقصاء الدين دفعة واحدة فماذا قال الشيوعي والقيادي بقطاع الشمال (جناح الحلو) والمتزعم لتجمع المهنيين التابع للحزب الشيوعي السوداني؟
اجيب لاحقاً بإذن الله تعالى.

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version