الدعم العربي للسودان.. تليين للمواقف وكسر للعزلة

حان الوقت، وأصبحت الظروف الآن مؤاتية ومناسبة، لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب !.. بهذه الكلمات صيغت أجندة المبادرة العربية الإقليمية التي رفعت جلساتها مؤخراً من داخل الجامعة العربية، والتي تبنت خلالها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لتنهي بها معاناة شعب استمرت لربع قرن من الزمان ..؟ ظل رهين (القائمة السوداء)، فهل تنجح المبادرة في تليين مواقف واشنطن تجاه السودان…؟ البرلمان العربي وممثلو برلمانات أوربا وإفريقيا وآسيا والجامعة العربية ومنظمة العالم الإسلامى وقعوا (بالقاهرة) على وثيقة جماعية تطالب الولايات المتحدة الأمريكية برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وأجمع مؤتمر البرلمان العربي الذي عقد مؤخرًا على تضامنهم التام والكامل مع جمهورية السودان في مطلبها العادلة وفق الحجج والأسانيد القانونية التي تثبت أحقيته فى رفع اسمه من قوائم الإرهاب.

*لا وجود للقائمة السوداء..

فيما قطع الخبير الإستراتيجي والقانوني، بروفيسور عثمان أحمد حسن خيري، بعدم وجود (قائمة سوداء) الآن للدول الراعية للإرهاب كما تزعم أمريكا، وأكد أن القائمة كانت في السابق تضم (إيران، كوريا الشمالية، والسودان، وأزيلت الدولتان وتبقى السودان كدولة مورس عليها الظلم لربع عقد من الزمان.

والإرهاب تسمية أطلقتها وزارة الخارجية الأمريكية على الدول التي تزعم الوزارة أنها “قدمت الدعم لأعمال الإرهاب الدولي، والدول المدرجة في القائمة تُفرض عليها عقوبات صارمة أحادية الجانب. ويرى خبراء أن قائمة الدول الراعية للإرهاب تقوم الحكومة والهيئات بالكونغرس بوضعها، وفق معايير تستند إلى حد كبير لاعتبارات سياسية أكثر من كون هذه الدول تشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي.

وبدأ إصدار القائمة السوداء في29 ديسمبر من عام 1979، وأدرج فيها اسم السودان يوم 12 أغسطس 1993. كما أدرجت فيها أسماء بعض السودانيين قالت إنهم متورطون في النزاع بدارفور، وذلك في عام 2006 بموجب أمر تنفيذي (13400)، وأضيفت كوبا إلى القائمة الأميركية بالأول من مارس 1982 لدعمها بعض المنظمات المصنفة بالإرهابية، ورفعت من القائمة في مايو 2015 ، وتلتها إيران يوم 19 يناير 1984. ورفعت لاحقاً، أما كوريا الشمالية، فأدرجت عام 1988، ورفعت عنها عام 2008 .

*الوقت حان ..

ويرى رئيس البرلمان العربي في خطابه أمام جلسة استماع مخصصة للسودان والتي عقدت بمقر جامعة الدول العربية، بالقاهرة الدكتور مشعل بن فهم السلمي “بأن الوقت قد حان”، وباتت الظروف مؤاتية ومناسبة، لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع المعاناة عن حكومة وشعب السودان، وقال هده الخطوة يجب أن تتم كي يستطيع تطوير اقتصاده وبناء شراكات وتبادلات تجارية مع الدول العربية والأجنبية، وأن يمضي قدماً في برامج التنمية في قضايا التعليم والصحة والبنية التحتية، ومعالجة مشاكل البطالة والفقر وتحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي للشعب السوداني.

وأشار إلى أن “البرلمان العربي أعد مذكرة قانونية بالتعاون والتنسيق مع المجلس الوطني ووزارة الخارجية بالسودان تضمنت كافة جوانب الموضوع”.

وخلصت المذكرة وفق “السلمي” إلى أن الخرطوم “نفذت كامل خطة المسارات المتفق عليها مع الولايات المتحدة لرفع اسمها، وبينها مكافحة الإرهاب، وإحلال السلام في دولة جنوب السودان، وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق النزاعات بالسودان”.

وأشار رئيس البرلمان العربي، إلى أن الخطة حازت على إشادات عربية وإقليمية ودولية، دون تفاصيل أكثر عنها.

*ترحيب وتفاعل..

رحّب رئيس المجلس الوطني، البروفيسور إبراهيم أحمد عمر بمواقف البرلمان العربي ممثلاً في قيادته وأعضائه المساندة والداعمة للسودان والمطالبة بالإجماع برفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.

وقال إن الوفد السوداني قدم تنويراً لأعضاء البرلمان العربي وأسمع الأشقاء في القارة الافريقية والعالم كله بوجهة نظره، وشرح حجم الجهود التي بذلها السودان في مكافحة الارهاب ومدى الظلم الذي حاق بالسودان جراء وضعه في هذه القائمة وآثار وتداعيات ذلك عليه، وضرورة دفع العالم للتضامن مع الشعب السوداني لرفع هذا الظلم، كما استمع لرؤية الأشقاء في العالم العربي والافريقي، ومن جاء من خارج هذا المحيط مثل الصين حول القضية. وأكد وجودهم للتفاعل تجاه قضية السودان.

*تأثيرات القرار ..

وتعود تفاصيل القرار الأمريكي بإدراج السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى عام 1993، حيث تحججت واشنطن حينها بأن الخرطوم تساند مجموعات إسلامية متشددة، تأثر السودان بإدراجه بقائمة الإرهاب؛ وواجهت الحكومة السودانية أزمات متتالية انعكست على المصارف بنقص العملات الأجنبية، نتيجة لامتناع المصارف الدولية من إجراء تحويلات للمصارف السودانية ونقص العملات الأجنبية، ومعاش الناس والمطالب الحياتية اليومية للمواطنين.

ويرى الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق دكتور عز الدين إبراهيم أن هذه العقوبات أثرت تأثيرات كبيرة على المصارف السودانية، أدى لتفاقم أزمة المصارف، ومنعت عنها التحاويل المالية من الخارج وخطابات الاعتماد، وتدهور قطاع الطيران وهيئة السكك الحديدية، إضافة إلى حرمان السودان من أي تعاملات مع مؤسسات دولية، ومنعه من حقوقه الدولية في إعفاءات الديون الخارجية أو الاستدانة من الصناديق العالمية، وشهدت معها معدلات النمو في السودان، تراجعًا ملحوظًاً وزاد الوضع السوداني تعقيدًا على خلفية انفصال جنوب السودان، وذلك تزامنًا مع تراجع عائدات النفط، وتلا ذلك تراجع آخر في احتياط النقد الأجنبي.

*خطة للتواصل مع واشنطن..

وحسب السفير السوداني في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم، فإن البرلمان العربي يمتلك خطة متكاملة للتحرك وفق عدة مسارات لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

ووصف عبد الحليم في تصريح صحفي إدراج اسم السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب بأنه “نوع من المكر، والكيد السياسي”، لافتًا إلى أن خطة البرلمان العربي تأتي بالتنسيق مع البرلمان الأفريقي بهدف التواصل مع المشرّعين الأمريكيين، والإدارة الأمريكية، للمساهمة في إزاحة اسم السودان من قائمة الإرهاب.

*هل تنجح المبادرة؟

ويرى د. إبراهيم أن هذه الضغوط ستلفت نظر أمريكا تجاه معاناة السودان، وقد تؤدي لتليين مواقفها، وبالتالي قد تفتح آفاقاً لتوحيد الموقف العربي، وأن تقف مع السودان حتى لا يصبح (فريسة سهلة بيد أمريكا)، وقال إن أمريكا ألصقت تهمة الإرهاب بالسودان، وهو فخ سياسي، مجرد أن تقع فيها أي دولة يترتب عليها قوانين مصاحبة تحرم من خلالها على كافة مواطني أمريكا التعامل مع السودان كدولة إرهابية في المعاملات كافة.

فيما يرى المحلل السياسي، د. الحاج محمد خير، بأن المبادرة ليست ذات تأثير كبير بالنسبة للإدارة الأمريكية، إذا اعتبرنا ان قرارات الكونغرس تصدر بمرجعيات وقوانين معقدة تخص دولتي السودان وأمريكا (علاقات ثنائية)، وأردف: (ما حك جلدك مثل ظفرك)، وطالب السودان بانتهاج سياسة جديدة تجاه تعاملها مع أمريكا تأخذ طابع (العصا)، وهنالك ورقة السودان الرابحة، وقف صادر الصمغ العربي، وأردف أن مثل هذه السياسات سيكون وقعها أكبر على أمريكا.

وقال إن السودان اجتهد في تحسين صورته أمام الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي تمّ السير فيه بجدية نهاية تسعينيات القرن الماضي، من خلال تعاون أمني مباشر في مجال مكافحة الإرهاب والإيفاء بكل المسارات والاشترطات المفروضة من قبل أمريكا.

*كسر عزلة السودان..

من جانبه، ذهب بروف خيري، إلى أن مبادرة الدول العربية ذات مغزى ومعنى رمزي كبير، وقال إنها ستكسر الجمود والعزلة الدبلوماسية التي فرضتها أمريكا على السودان، وأضاف: قد لا يكون تأثير المبادرة مباشراً على أصحاب القرار بالكونغرس، إلا أنها ستحمل مضامين رمزية طيبة من ناحية الدول العربية وسيفتح الباب للتعاون غير المشروط مع هذه الدول.

تقرير: نجدة بشارة
صحيفة الصيحة.

Exit mobile version