لم يكن مناسباً ولائقاً ، أن يرفض حزب المؤتمر الوطني دعوة المبادرين ، بمختلف مبادراتهم وتوجهاتهم السياسية ، بالدعوة لقيام حكومة (انتقالية) ، غض النظر عن تفاصيل الدعوة ووجاهة المقترح .
المؤتمر الوطني دعا تجمع المهنيين وتيار الشباب المُحتج في الشوارع منذ شهرين ، إلى حوار سياسي مفتوح ، لم يحدد شكله ومضمونه ، فكيف يرفض المقترحات ودعوات الحلول الوسطى من حيث المبدأ ، ثم يحدثنا عن الحوار مع الشباب ؟!
أي شباب تريدون أن تحاوروا ؟ شباب شارع النيل .. أم شباب المهنيين .. أم شباب أحزاب الحوار الوطني التي قفز بعضها من المركب بعد أن ظن أنها غرقت .. أو كادت ؟!
لابد من التحلي بقدر معقول من الموضوعية والعقلانية ، وكثير من السياسة والكياسة ، فلو أنك رافض لفكرة حكومة انتقالية ، فإن منطق الحوار يدفعك للتعامل مع أي مقترح ورؤية للحل السياسي بجدية وتبصر ، لا بتطرف وتنطع .
بل إن الواجب الوطني يُحتّم على قيادة المؤتمر الوطني أن تشكر المبادرين ، أياً كانوا ، وكيفما كانت منطلقاتهم ، شيوعيين أو متمردين ، أو حتى (يهود) ، لأنهم رأوا أن الحل الذي يحفظ البلاد والعباد يكون باختيار الطريق (الثالث) ، فلا هو (تسقط بس) ولا هو ( تقعد بس) ، وهؤلاء بلا شك عقلانيون ووطنيون ، ويستحقون التحية والتقدير ، ولا يجوز الرد عليهم بإطلاق تصريحات جافة من على المنابر ، دون تدبر وتمعن وحكمة .
نحن – قطاع واسع من الشعب السوداني الصامت الحزين الذي نقابله في الأفراح والأتراح والشارع العام – مع الحل السياسي المتوازن عبر الطريق (الثالث) .
وإني لمتيقن أن الحكومة ستضطر ، أرادت أم لم ترد ، أن تقبل بهذا الخيار ، ولكنني أخشى أن تأتي الموافقة متأخرة ، حيث لن يسمع صوت الحكومة أحد .
الحل بالطريق الثالث ، ليس بسبب المظاهرات ، لا ، ولكن مظاهر الفشل الإداري والاقتصادي والسياسي ظاهرة و بائنة للعيان ، ولا تحتاج لأي مظاهرة .
اتعظوا .. واعتبروا .. فإن في العالم مِن حولنا عِظات و عِبر .
الهندي عزالدين
المجهر