عادات وتقاليد متوارثة من جيلٍ الى جيلٍ، تختلف باختلاف الأزمنة وتتغيّر حسب العُصُور، لكن تبقى هُنَاك ثوابت لا تتغيّر ولا تتبدّل مع الأيام والأزمان، من بينها (لمّة) الجمعة عند كثير من الأُسر والعائلات، إضَافَةً الى الاجتماعيات التي تكون آخر الشهر أو مُنتصفه، للتفاكر حول شؤون أفراد العائلة ومعرفة أخبار بعضهم البعض، لم تندثر تلك العادة لكن أفسدتها شبكات التواصل الاجتماعي التي جَعلت الكثيرين في عُزلةٍ بعد إدمانهم عليها رغم وجودهم في مكانٍ واحدٍ، إلا أنّ كلَّ واحد منهم مَشغولٌ بهاتفه.
(1)
صديق أبو القاسم شَكَا من الأمر قائلاً، إنّ التكنولوجيا جَاءت خَصماً على أشياء جميلة داخل مجتمعاتنا من بينها التواصل بين الأقارب والأصدقاء أيام العطلات، خَاصّةً الجمعة التي تعتبر العيد المُصغّر لكثيرٍ من الأُسر، إذ يجتمعون على الوجبات في مَحَبّةٍ تَتَخَلّلها الأحاديث حَولَ شُؤون العائلة، لكنّ الآن ومُجرّد الانتهاء من تناول الوجبة، يمسك كل فَردٍ بهاتفه ويبدأ مُسامرة الأصدقاء عَبر الأسافير ويَسُود الصمت المكان حتى ينتهي اليوم، حيث لا يتجاوز الحوار بين الجميع سوى ساعة!
(2)
واتّفق معه في الرأي عُمر كباشي، لافتاً إلى أنّ نهاية الأسبوع يُعتبر مُتنفِّساً لأغلب العوائل بعد أسبوعٍ شاقٍ مليء بالمَتاعب بسبب ضُغُوط الحياة اليومية، ويجتمع أفراد الأسرة الكبيرة على وجبة الفطور ويدور النقاش وطرح التساؤل والقصص التي لا تنتهي، كل هذا قبل ظُهور التكنولوجيا، التي أفسدت علينا أجواء المَحَبّة بين أفراد العائلة وجلعت كُلّ فَردٍ يهيم في وادٍ بعيداً عن المجموعة التي تَنشغل فقط بتصفُّح مواقع التواصل المُختلفة.
(3)
سيدة الحاج امرأة في العقد السابع من العُمر، أشارت إلى أنّها تنتظر يوم الجمعة بفارغ الصبر، حَدّ تعبيرها حتّى تَجتمع بأبنائها وأحفادها، وَكَانَت تَعتذر عن أيِّ مُشوارٍ اجتماعي مع جَاراتها، إلا أنّها تَحَسّرت للتّغييرات التي طَرَأت على المُجتمع بأكمله وانشغال الجميع بِمَا يُسمّى (وسائل تواصل اجتماعي) أدّت إلى أن يكون كل فَردٍ في عُزلةٍ داخل غُرفته الخاصّة مَشغولاً بالتواصل مع أصدقائه عبر المواقع الإسفيرية، قَائلةً: (أتمنّى عودة الونسة واللّمّة الحلوة، وتفقد أحوال بعضنا بعيداً عن الهواتف التي أفقدتنا مَحَبّتنا ومَحَنّتنا).
تقرير: تفاؤل العامري
صحيفة السوداني