سنوات طويلة قضاها الإعلامي اللبناني جورج قرداحي في مجال تقديم البرامج، كان أبرزها “من سيربح المليون”، ليشكل هذا البرنامج المحطة الأهم لجورج، الأمر الذي أدى إلى صعوبة إقناع الجمهور بما سيقدم بعده. انتقل جورج بعدها للإعلام المجتمعي، محاولاً حل المشكلات العالقة بين الأصدقاء والأقارب عبر برنامجين، الأوّل “افتح قلبك” على شاشة LBCI، وبعدها بسنوات، عبر برنامج “المسامح كريم” لصالح عدة قنوات عربية. وفي السنوات الأخيرة أحاط قرداحي نفسه بمجموعة من علامات الاستفهام بسبب مواقفه المؤيدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، متغاضياً عن كل الجرائم والمجازر التي اتركبها الأسد بحق شعبه.
ومع مطلع شهر فبراير/ شباط، عاد قرداحي في مجال جديد للإعلام، لا يشكِّل أولوية في اهتمامات المواقع العربية، ويصب في المجال القانوني، وذلك من خلال برنامج “الأبواب المغلقة”، من إنتاج تامر مرسي، لصالح شبكة قنوات ON.
ما يحمله البرنامج من جدّة هو الأسلوب الدرامي في الإخراج، والذي يغيب بشكل كبير عن الإعلام التلفزيوني، ويقتصر حضوره على الأفلام الوثائقية والتقارير الصحافية، وذلك عبر استخدام قالب “الديكودراما” في إعادة رواية الأحداث.
في عالم التحريات، يقول قرداحي، ثمَّة خيط يوصل لآخر حتى تتكشف الجريمة. ومن هنا يبدأ جورج البحث في تفاصيل الحكاية منذ انطلاقها، مروراً بمراحل تطورها، وعبر الاستعانة باختصاصيين من عدة مجالات: “الأمن” و”الطب النفسي” و”الصحافة”. ومن خلال أسلوب جورج، يتنقل بين الاستديو وخارجه، وبفتح أبواب مغلقة تنقل الكاميرا إلى خارج الاستديو حيث نشاهد مقاطع مصوّرة من الحكاية جرى تصويرها على مدار أسبوع في منطقة بولاق أبوالعلا، مع مجموعة من الممثلين الذين اختيروا عبر مكاتب لتجارب الأداء.
تصوير درامي متقن وانتقال سلس بين الاستديو ومشاهد الحكاية، يجعل المشاهد يمتزج مع تفاصيل الحكاية أكثر، دون الإغراق في النمط الحواري الطويل، نتيجة تنوع عدد الضيوف ومسارات نقاشهم خلال الحلقة. ويرافق ذلك ظهور قرداحي في مشاهد التصوير، كشاهد على الحادثة، ليمثل بذلك وجهة نظر المشاهد إلى الحدث، إذْ تمَّ تغيير الأسماء والأماكن للحفاظ على سرية الأشخاص.
وحققت الحلقة الأولى تفاعلاً كبيراً، بعد نقاشها قضية طالب للهندسة شغلت الرأي العام في مصر، إذْ قُتِل الطالب على يد بائعين في متجر إلكتروني. إلا أن الحلقة لم تغرد خارج سرب الإعلام المصري الناطق باسم السلطة، والذي ينادي بتعزيز دور الشرطة ومراقبة الأمن للمواطنين. حتى أن الخبير الأمني ضيف الحلقة ناشد المواطنين المصريين وضع كاميرات مراقبة في منازلهم لتعزيز حمايتهم الشخصية.
أين يتقاطع أمن الوطن مع أمن المواطن؟ سؤال لا تستطيع الإجابة عنه سوى السلطة الأمنية التي تحكم قبضتها بشكل خانق على الشارع المصري في محاولات شتى لاستمالة المواطن للرضوخ، ولو جاء ذلك عبر برنامج تلفزيوني محكم الصيغة الإنتاجية، ويلعب على الوتر الأكثر تأثيراً في حياة المصريين ألا وهو: الدراما.
فهل ينقل البرنامج جورج قرداحي إلى إعلامي تحريات في العالم العربي؟ وكم تتناسب هذه البرامج مع طبيعة حياتنا اليومية بعدما حققت تفاعلاً كبيراً في دول المغرب العربي، ولا سيما برنامج “وقائع” والذي وجهت اتهامات لقرداحي من قبل مغردين على السوشال ميديا باقتباس الفكرة بشكل كبير منه!
العربي الجديد