وليست هذه مناجاة لنجوى..
> وإن كانت هنالك مناجاة فهي لله تعالى… كيما ينجينا من هذا الحال..
> وإنما نجوى هذه مذيعة في قناة (الحدث)..
> ويناديها هكذا ضيفٌ على الفضائية من ليبيا أشعث…أغبر… و (مزعمط)..
> ويشتكي من (الحال) في بلاده مر الشكوى..
> ثم يختم حديثه مهتاجاً (هذا الأمر ما يصير يا….. نجوى)..
> وبصراحة أعجبتني عفويته… وتلقائيته… وصراحته… وبساطته… و (زعمطته)..
> ولعل (الزعمطة) هذه جراء قوله (ما يسمعون كلامنا)..
> وهنا في بلادنا أيضاً (ما يسمعون كلامنا)… إلى أن حدث ما كنا نحذر منه..
> فكل الذي يشتكي منه الشعب الآن دعونا إلى تفاديه..
> قلنا لهم لا تضغطوا على الناس كثيراً؛ بيت بيت… زنقة زنقة… حارة حارة..
> فيكفيهم ضغط المعيشة… ولا تنقصهم ضغوطٌ أخرى..
> ولكن الذين يفرحون بالسلطة ــ والله لا يحب الفرحين ــ (ما يسمعون الكلام)..
> لا يسمعون كلام النقد… والتصويب… والنصيحة..
> وإنما يطربهم فقط كلام المدح… والثناء… والتطبيل… والتبجيل..
> ثم ما يكتبه بعضٌ منا في صحفهم (أضحك سيادته الحضور)..
> وتبحث عن هذا الذي يُضحك فلا تجد سوى مثل (نكتة) صديقنا محمد شوك..
> وذلك إن اعتبرناها نكتةً… أصلاً..
> وهي (كان في مدير (عام) غرق)؛ ثم يضحك لها محمد… ويعجب أننا لا نضحك..
> وربما يعجب هؤلاء الآن ــ أيضاً ــ أننا لا نضحك..
> المهم؛ ما أكثر الذي قلنا إنه (ما يصير)… وما أكثر الذين (ما يسمعون كلامنا)..
> ولكن الذي يهمنا الآن شيءٌ واحد منه… بين يدي التظاهرات..
> فكل الذي مضى ــ مما حذرنا منه ــ راكم غبناً في النفوس؛ على مدى سنوات..
> الرقص والطرب والمرح والمهرجانات… على إيقاع الوجع..
> تضخم أجهزة الحكومة… وترهلها… وتمددها؛ على حساب واقع الناس الحزين..
> تزايد وتيرة خلع ما في جيوب الناس… رغم فقرهم المدقع..
> التطبيق المجحف لقانون النظام العام… أخذاً للناس بالشبهات..
> نصب حواجز انعدام ثقة بين المصارف والناس… بقرارات فوقية (عنترية)..
> ثم جاءت مصيبة المصائب… حين انفجر الشارع..
> وهي المواصلة في لغة الوعيد… والتهديد… والتخويف؛ بنبرة أشد استفزازاً..
> وكنا قد حذرنا كثيراً من هذه اللغة الجارحة..
> ففضلاً عن أنها دخيلة على حياتنا السياسية فهي تمس أهم ما يفاخر به السوداني..
> تمس نخوته… وكرامته… وشجاعته… وعزة نفسه..
> قد ــ والله العظيم ــ حذرنا… ونبهنا… وصرخنا… وكوركنا؛ وأشهدنا الله والناس..
> فكانت النتيجة أن بلغ التهديد (مداه)؛ ترجمةً إلى فعل..
> وبلغ ـــ في المقابل ــ غضب الشارع مداه؛ إصراراً على الحد الأقصى للشعارات..
> وقلمنا الآن بات أشعث… أغبر… مزعمطاً..
> ولم يبق أمامه سوى أن يصيح (هذا الكلام ما يصير)..
> يا…….. نجوى!!
صلاح الدين عووضة
صحيفة الإنتباهة