خبراء: السياسة فتحت الباب لمافيا السوق
ظلت سياسة التحرير الاقتصادي التي تم تطبيقها في السودان منذ بداية التسعينيات على يد عرابها الخبير الاقتصادي عبد الرحيم حمدي، تحظى بجدل كثيف وسط الاقتصاديين والباحثين والمفكرين وحتى المواطن العادي، ولعل مصدر هذه الإثارة هو أن هذه السياسة طبقت في فترة صاحبت متغيِّرات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة، لاسيما مع تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية، حتى رماها خبراء بالفشل وألحقوا بها عار الفوضى الضاربة في الأسواق، وربما هذا ما دعا رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالبرلمان السوداني ووزير المالية الأسبق علي محمود، يقترح تعديل القوانين التي أقرتها الحكومة بتطبيق سياسة التحرير الاقتصادي بغية الوقوف على نقاط الضعف فيها.
التقنين والحوكمة..
ويرى النائب البرلماني والخبير الاقتصادي دكتور بابكرمحمد التوم في حديثه (للصيحة) أن سياسة التحرير لا تعني إطلاق يد الدولة (ترك الحبل على الغارب)، بل تحتاج إلى أن تقنن وتنظم، وأردف أهم ركيزة للتحرير الاقتصادي الحوكمة بتشجيع المنافسة ووضع الاولويات حسب حاجة الدولة، وانتقد تطبيق السياسة في السودان من حيث عدم اتباعها بالرقابة المحكمة، ويرى أن ذلك ما أحدث تراخياً وخللاً تبع تطبيق السياسة.
قوى السوق..
فيما وصف بعض الاقتصاديين سياسة التحرير الاقتصادي بالسياسة المتطرفة، والتي تحتاج إلى رأس مال متوحش للاستمرارية، وربما ذلك ما قاد تطبيقها إلى نتائج مزعجة وكارثية في المجال الاقتصادي، وعجز في الميزان التجاري، وميزان المدفوعات، إضافة إلى ارتفاع معدل الوارد وتراجع معدل الصادر، مما نتج عنه انفتاح في السوق واختفاء القدرة التنافسية للسلع المحلية خاصة وأنها بمفهومها العلمي تعني التخفيف من حدة قبضة الدولة على النشاط الاقتصادي عن طريق تخفيف أو إزالة القوانين والقيود بهدف تمكين القطاع الخاص (السوق) ليلعب الدور القيادي في الاقتصاد (دعه يعمل دعه يمر أي اترك الاقتصاد يعمل بقوى السوق دون تدخل من الدولة).
روشتة لا تلائم السودان..
وأكد الخبير الاقتصادي دكتور عبد الله الرمادي في حديثه (للصيحة) أن معظم مشاكل الاقتصاد السوداني من تدهور وغلاء جاءت من سياسة التحرير الاقتصادي ووصفها بالمدمرة، وأرجع ذلك للشعار الذي رفعته الحكومة بأن (الدولة حاكم وليس تاجراً)، وأردف: بل الدولة موجهة.
وقال الرمادي إن سياسة التحرير فاشلة في السودان وإنها وصفة علاجية لصندوق النقد الدولي لا تلائم اقتصاد السودان، وجاءت وبالا عليه وأوردته مورد الهلاك، حتى أفسحت السياسة المجال أمام مافيا السوق، وقال: الآن كافة السلع في الأسواق ابتداء من الخضر وحتى أعلى سلعة أصبح يسيطر عليها سماسرة ومافيا تتحكم في إدارة السوق مع غياب إدارة الدولة، وبالتالي ظهر فشل التحرير.
وحمل الرمادي تدهور مشروع الجزيرة والخطوط الجويه والبحرية على السواء لسياسة التحرير التي جاءت بالخصخصة كمدخل، وقال: الآن الدولة تدفع ما يقارب (مليار و600) مليون دولار سنوياً تكلفة ترحيل البضائع عبر الموانئ نتيجة لحل الناقل الوطني.
الخرطوم: نجدة بشارة
صحيفة الصيحة.