شهدت البلاد في الفترة الأخيرة العديد من الأزمات فيما يتعلق بشركات الطيران العاملة بالبلاد، خاصة وأن بعضها لجأ إلى تقليص عدد رحلاتها من يومية إلى أسبوعية وشهرية، وبررت الشركات ذلك لارتفاع سعر الوقود وتصاعد وتيرة سعر الدولار، بجانب ارتفاع مدخلات الإنتاج، فضلاً عن عزوف المواطنين عن السفر الجوي خاصة بعد أن لجأت تلك الشركات لبيع التذاكر بالدولار بدلاً عن العملة الوطنية لتغطية خسائرها، الأمر الذي دفع دائرة النقل الجوي بسلطة الطيران المدني لإصدار قرار وجهت فيه جميع شركات الطيران ببيع تذاكر السفر الجوي للسودانيين المقيمين بالدولة بالعملة المحلية، بينما يتم بيع التذاكر بالعملة الأجنبية للأجانب.
قرار صائب
دائرة النقل الجوي شدد على الشركات أن تلتزم بسعر آلية صناع السوق بالنسبة لمبيعات التذاكر المعلنة الآن، بما يعادل (47.5) جنيه للدولار، كما حوى المنشور عدداً من القرارات المنظمة لمبيعات تذاكر الطيران، الاتفاق بين سلطة الطيران وبنك السودان واتحاد شركات الطيران الأجنبية العاملة بالبلاد وغرفة النقل الجوي أواخر يناير الماضي.
الخبير الاقتصادي عصام بوب وصف القرار بالصائب من الناحية الاقتصادية، وتساءل من أين تأتي الشركات بالعملة الحرة لتسيير رحلاتها، خاصة وأن العملة الوطنية غير قابلة للتحويل وليس فيها سوقية واضحة، بجانب ارتفاع أسعار الوقود، بالتالي يحدث فرق بين التعامل بالأسعار التي تحددها الحكومة وبين السعر الحقيقي للدولار. بوب توقع في حديثه لـ(آخر لحظة) أن تقدم الدولة خلال الفترة المقبلة على معالجة هذا الأمر، وقال حال تأخرها عن إيجاد معالجات سيؤدي ذلك إلى فتح الباب واسعاً لخروج بعض الشركات من سفريات السودان خاصة وأنها لجأت لتقليص عدد رحلاتها في الفترة الأخيرة.
التزام المركزي
المنشور أكد التزام بنك السودان بتحويل فوائض مبيعات شركات الطيران الأجنبية لبلدانها وفق سعر آلية صناع السوق، وكانت سلطة الطيران المدني قد قادت مؤخراً مبادرة مع الجهات المختصة المذكورة، توصلت خلالها إلى اتفاق صدر بموجبه هذا القرار وتم توزيعه إلى جميع شركات الطيران ووكالات السفر العاملة بالبلاد.
أمر طبيعي
في ذات السياق طالب رئيس اللجنة الاقتصادية بحماية المستهلك حسين القوني الشركات الأجنبية بمراعاة الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تمر بها البلاد، وقال يجب عليها بيع تذاكرها بالعملة الوطنية، فيما طالب الحكومة بالثبات على سياساتها حتى لا تقوم تلك الشركات ببيع التذكرة بالدولار، واصفاً قرار سلطة الطيران المدني بالأمر الطبيعي، في وقت تخوف القوني من أن يؤدي القرار إلى تقليل عدد الخطوط الأجنبية العاملة بالبلاد في حالة ضعف موردها لا سيما في ظل عدم وجود ناقل وطني بسبب القرارات غير المدروسة التي تصدرها الحكومة من حين لآخر.
إعادة هيبة الدولة
الخبير في شؤون الطيران المدني مرتضى حسن جمعة في تعليقه على قرار سلطة الطيران المدني يشير إلى أنه وبهذا القرار تكون سلطة الطيران قد عملت على إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، بجانب إعادة هيبة الدولة وفق موجهات النقل الجوي، وقوانين التجارة العالمية، وأضاف مرتضى في حديثه للصحيفة نأمل من سلطة الطيران عدم صدور مناشير أخرى بالسماح لشركات الطيران ببيع تذاكرها بالدولار.
اختلاف السعر
تطابق رأي الخبير الاقتصادي محمد الناير مع زملائه، ووصف القرار بالأمر الطبيعي، لجهة أنه معمول به في كل دول العالم، وأردف لكن المشكلة التي يقع فيها السودان تكمن في الاختلاف الكبير بين سعر الدولار من قبل صناع السوق والسوق الموازي، وتوقع الناير في حديثه للصحيفة ارتفاعاً كبيراً في أسعار تذاكر الطيران الداخلي والخارجي، بجانب ضعف حركة المسافرين للسودان.
في سياق آخر قال مدير إدارة المبيعات بشركة الطيار العالمية عبد المجيد الطيب، إن القرار جاء متأخراً، وأشار إلى عدم تطبيق القرار من جانب الشركات، في وقت قلل من أن يكون قرار بيع التذاكر بالجنيه هو الحل الأساسي لتخفيض أسعار السفر الجوي، لجهة أن بيع التذاكر يتم بالخارج خاصة فيما يتعلق بالأجانب، وتوقع الطيب في حديثه خروج معظم الشركات من الأجواء السودانية خلال الفترة القادمة، وطالب بأن يشمل القرار كافة الشركات بدلاً عن تحديد بعضها.
تقرير: أحمد قسم السيد
الخرطوم: (صحيفة آخر لحظة)