في خطوة موفقة من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني، أعلن عن إطلاق سراح جميع المعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة، وعلى الرغم من فقد الوطن لعدد من أبنائه في تلك الاحتجاجات، إلا أن تلك الخطوة التي اتخذها الجهاز تصب في امتصاص غضب الجماهير وأسر المعتقلين، فالوضع الراهن لا يحتمل أي هزة أو تصاعد للأحداث، ولذلك فإن إطلاق سراح المعتقلين على الأقل يهدئ من تلك الحالة الاحتجاجية، ويعيد الثقة بين جهاز الأمن والمواطن، وحتى إذا استمرت الاحتجاجات وهي كما نادت بسلميتها فإن تعامل الأجهزة الأمنية والشرطية مع المحتجين ستكون بنفس المستوى الحضاري الذي انطلقت به الاحتجاجات، إن ما قام به جهاز الأمن والمخابرات يؤكد أيضا أن الشعب السوداني وأجهزته الأمنية تعلم الشعوب الأخرى كيف تتم المظاهرات في السودان، وكيف يتم التعامل معها من قبل الأجهزة الأمنية والشرطية وكيف تستقبل الجماهير تلك القرارات، الخطوة الثانية التي اتخذت وتعد أيضا من الخطوات المهمة نشر وكلاء النيابات لتكون مصاحبة للأجهزة الشرطية أثناء المظاهرات وهذه الخطوة لو اتخذت من قبل لما فقدنا أحدا من أبناء هذا الوطن في الهبة التي قامت في التاسع عشر من ديسمبر الماضي، لا أدري هل جهاز الأمن والمخابرات وعلى رأسه الفريق أول “صلاح عبد الله” (قوش) علمته التجارب الكثيرة وهو رأس الجهاز كيف يعالج الأمور بتلك الحكمة أم أن هناك مجموعة من القيادات أجرت (كنسولتو) للحالة الاحتجاجية ومن ثم اتخذت تلك الخطوة أولا بإطلاق سراح جميع المعتقلين..
وثانيا عدم ملاحقة المتظاهرين داخل الأحياء، وثالثا أن يكون وكلاء النيابات ضمن الأجهزة الشرطية عند المظاهرات، فالخطوات التي اتخذت كانت مهمة من البداية، ولكن بالتأكيد الحكومة أو الأجهزة الأمنية والشرطية لم تكن تعلم أن احتجاجات بهذا المستوى كانت سوف تندلع وتستمر إلى هذا الوقت ولكن بالتأكيد هي خطوة مهمة جدا وسوف تقلل من الغبن الذي كان مسيطراً على المتظاهرين إضافة إلى أن تلك الخطوة سوف تقلل من الاستعداد الذي كلف الدولة خلال تلك الفترة ملايين الجنيهات بالإضافة إلى الإرهاق الذي أصاب قيادات الشرطة والأمن، بجانب وقف حال البلد وتعرض التجار إلى إغلاق محالهم التجارية خوفا من تعرضها إلى الحصب بالحجارة من قبل المتظاهرين أو خشية المواطنين من دخول الأسواق في ظل الاحتجاجات وتعرضهم إما للاعتقال أو فقد أغراضهم في ظل عمليات الكر والفر من قبل الشرطة والمتظاهرين، لذا لابد أن تفي الأجهزة الأمنية بإطلاق سراح جميع المعتقلين لتثبت جديتها وإيفائها والتزامها بالوعود، لأن المعارضين شككوا في صحة الخطوة التي اتخذها جهاز الأمن بإطلاق سراح المعتقلين وكلنا يعلم أن إصدار القرار لا يقابله تنفيذ فوري فالإجراءات الأمنية تستغرق بعض الوقت ومن هنا يتشكك الآخرون في صحة الخبر حينما لا يجدون معتقلينهم قد عادوا إلى البيت.. لذا على الأجهزة الأمنية والشرطية أن تسرع في إطلاق سراح المعتقلين بأعجل ما يمكن لتثبت حُسن النية، ويجب ألا تستثني الأجهزة الأمنية أحدا من المعتقلين لتزيل حالة الاحتقان الموجودة الآن لدى المتظاهرين أو أسرهم أو الدول التي تراقب العملية من بعيد فإن أفلحت تلك الأجهزة من إفراغ السجون من كل المعتقلين فالطمأنينة سوف تدخل القلوب والبيوت ومن ثم تكون قد حققت انتصاراً كبيراً على كل المراهنين.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي