الإجابة على السؤال الصعب
(1)
لماذا إستمرت التظاهرات مع ان الظرف الإقتصادي الذي واكب بداياتها قد انتفى؟
إنتهت أزمة الخبز ، وصفوف الوقود والغاز وخلال يوم أمس صرف معظم العاملين بولاية الخرطوم مرتباتهم نقد و تنتهى أزمة السيولة النقدية كليا خلال ايام.
والإجابة بسيطة ، ويمكن أن نجملها في نقطتين وأولهما كيف كان السودان قبل هذه الأزمة؟ ، وثانيهما ماهي شعارات وقيادة الإحتجاجات اليوم وماهي أبرز عناوينها؟
لقد سبق هذه الإحتجاجات تشكيل حكومة جديدة ، بطابع شبابي ، يحمل الكثير من الأمل والبشارة ويبث في الحياة السياسية والإجتماعية واقعاً جديداً، وتقدم رؤية جديدة تستند إلى دولة القانون والإصلاح الإقتصادي والرشد السياسي والإهتمام بمعاش الناس وقضاياهم والإستجابة لتطلعاتهم ومحاربة الفساد وإصلاح الخدمة المدنية ، وعلى الصعيد الإقليمي أصبح إسهام السودان أكثر في إصلاح ذات البين في جنوب السودان وبدأ جهداً مقدراً في أفريقيا الوسطي ، وإستعادت علاقاتنا فاعليتها وحيويتها في المجتمع الدولي بشكل عام ، وهو يرنو إلى تحقيق السلام والأمن ، وشهدنا أطول فترة إستقرار داخلي مع وقف إطلاق النار وتعاملت الأصوات الشعبية الداعية للسلام في الداخل بجنوب كردفان والنيل الأزرق ، وتعافي دارفور ، وكان هذا مناخاً للتوسع في إستقطاب الإستثمار الداخلي والخارجي ، وتسويق الثروات الطبيعية وتحقيق الفائدة من المردود الإقتصادي فقد أكرمنا الله بموسم إنتاجي مميز ، ومع بدايات تدفق بترول الجنوب فإن ثمة مشهداً جديداً.
وإذا إستكملنا هذه الصورة بالقول أن العام 2019م ، هو العام الذى تليه الإنتخابات في العام 2020م فإن الرؤية تبدو أكثر واقعية الآن ، خاصة حين نعلم أن هناك قوى سياسية داخلية وخارجية تدرك إنها لا تملك القوة السياسية أو الجماهيرية التى تمكنها من الدخول إلى حلبة التداول السياسي السلمي والإنتقال السلس ، ولذلك سعت إلى إرباك كل شئ.
(2)
إن هذه الإحتجاجات تعتبر محاولة لقطع الطريق أمام أي إنتقال سياسي سلمي في السودان ، وتطابقت فيها مصالح قوي سياسية داخلية غير قادرة على المنافسة السياسية ولا تملك الرغبة في ذلك ، وحركات مسلحة أفتقدت الإسناد السياسي الخارجي ودعم المنظمات الأجنبية ، ومع مواقف بعض القوي الخارجية التى تستهدف الوطن ، وهذه حقيقة الموقف ، وإجابة السؤال الصعب ، ولماذا تستمر الإحتجاجات وتبدلت شعاراتها وماهي القوى التى تقف خلفها ففي 4 مايو 2015م ، أُقام مايسمى تجمع المهنيين ندوة سياسية بدار الحزب الشيوعي ببحري عن نداء السودان وإعلان برلين ، ومن تحدث بإسم التجمع هو ذاته عضو الحزب الشيوعي الذي قدم ورقة في مؤتمر الحزب عام 2014م وهو ذاته قيادة هذا الكيان الشبح اليوم ، فهذا الحزب وبعض قوى اليسار الأخرى ، يتسترون خلف عباءات فضفاضة لخلق الفوضي وإختطاف المواقف السياسية في البلاد، لأنهم يدركون ضعف فرصهم في اي واقع سياسي معافى .
إن رسائل الواتساب المتداولة يومياً في السودان ، في متوسط 240 مليون رسالة ، منها 210 مليون رسالة من الخارج ، بما يفوق 87% من جملة الرسائل، ومن حملة تغييب الوعى وإثارة الضباب والتضليل وهو جزء يسير من هذه الحملة التى تستهدف بلادنا وأمننا وإستقرارنا .
إن المرحلة القادة تقتضي من المجتمع التركيز على قيمة الحوار الوطني ، وأهمية الإنتقال السياسي السلمي ، وتقديم صورة اكثر دقة للواقع ، وهذا الجيل تم الضغط عليه بالكثير من التدفق المعلومات الخاطئ والبيانات الكذوب والحاضنات الإلكترونية والإفتراضية الزائفة وعلى قادة الرأي والنخبة تباين الطريق والملامح.
د. إبراهيم الصديق علي
والله المستعان
الرأي العام ٢٩ يناير ٢٠١٩م